تثير التصريحات الإسرائيلية الأخيرة حول إيران تساؤلات عن مدى استهداف القيادة الإيرانية، وجّه وزير الدفاع الإسرائيلي يشاي كاتس تحذيرًا صريحًا لخامنئي قائلًا: «أنا أحذّر هذا الديكتاتور الإيراني ألا يواصل ارتكاب جرائم حرب وإطلاق صواريخ نحو المدنيين… بل عليه أن يتذكّر مصير صدام حسين الذي اختار نفس المسار».
من جهته، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن «اغتيال خامنئي لن يصعِّد الحرب بين إسرائيل وإيران، بل على العكس – سينهيها»، مؤكدًا أن إسرائيل «ستفعل ما يلزم» دون الكشف عن تفاصيل، هذه المواقف تشير إلى أن صناع القرار الإسرائيلي يرون في رمزية قيادته هدفًا يساهم في إنهاء المواجهة، وهو ما يرفع من منسوب المخاوف داخل طهران، من الجانب الإيراني، لم يصدر أي حديث رسمي في الإعلام الفارسي عن البدائل، لكن التقارير المعارضة تُبرز تخوفات القيادة العليا من فراغ محتمل في حال سقوط خامنئي، خاصة بعد مقتل قادة بارزين في الحرس الثوري بالضربات المتبادلة.
المخابئ المحصّنة المتوقعة
تعرف طهران بضخامة مرافقها الأمنية، أفادت وكالة «إيران إنترناشيونال» بأن خامنئي «نُقِل إلى مأوى تحت الأرض في لويزان، شمال شرق طهران» بعد بدء الغارات الإسرائيلية.
وأكدت المصادر أن المرشد «كان مع جميع أفراد عائلته في المأوى»، تقارير أخرى نقلت نفس الخبر، فذكرت وسائل إعلام أجنبية أن «خامنئي وعائلته نُقلوا إلى مخبأ تحت أرضي في لويزان»، وقد لجأ إليه سابقًا خلال تصعيدات سابقة.
يقع لويزان ضمن قاعدة عسكرية للـ«فيلق الثامن» التابع للحرس الثوري، وهي منطقة معروفة بحساسيتها الأمنية.
كما كشفت تحليلات عسكرية أن «المرافق تحت الأرض» تشمل شبكات أنفاق وبنايات محصنة من الصواريخ والضربات الجوية، لكن التفاصيل الدقيقة تظل سرية.
ويُعتقد أن هناك عدة مستودعات محصنة أخرى في الضواحي ومقرات الألوية الثقيلة (مثل مشهد ومقاطع سمنان)، بالرغم من ندرة المعلومات العلنية عنها.
مناطق آمنة داخل إيران وخارجها
يحتفظ خامنئي بعلاقات قوية بإقليم خراسان الشرقية (متأثر بمولده) والإصفهان والقزوين، يقضي كل عام عطلة الربيع في مشهد، حيث قصره الملكي في مالكآباد، ويُعد هذا الإقليم أحد «المناطق الآمنة» التقليدية.
كذلك، منطقة سمنان الصحراوية ومدينة كرج غرب طهران تعتبر بعيدة نسبيًا عن خط المواجهة.
بخصوص الملاذات الخارجية، لم تظهر أي تقارير رسمية عن نية خامنئي الفرار إلى حلفاء إقليميين، فإيران رسميًا تعتبر سوريا «شأنًا سوريًا» حسب قوله الأخير، كما أن بقاء زعيمها داخل البلاد يعزز شرعية النظام.
ومع ذلك، تشير تقارير إسرائيلية إلى أن خامنئي بحث مسبقًا إمكانية اللجوء إلى روسيا؛ فقد نقل موقع إيران إنترناشيونال أن مساعده علي أصغر حجازي اتصل بمسؤولين روس لضمان ممر آمن له ولعائلته إذا ما ساءت الأوضاع.
ولم تستبعد هذه التقارير أن يدرس مسؤولون آخرون في القيادة (من الحرس الثوري ومستشارين أمنيّين) مغادرة البلاد، لكن هذا يبقى محل تكهنات خارجية غير مؤكدة.
تقديرات إسرائيلية وأمريكية لتحركات القيادة
لا يقتصر الأمر على التحليلات الإيرانية؛ فوسائل الإعلام العالمية نقلت تقديرات عن سبل حماية القيادة، نقل «راديو أوروبا الحرة» عن مسؤولين إقليميين قولهم إن خامنئي «نُقل إلى موقع آمن داخل إيران مع تشديد إجراءات الأمن»، بعد هجمات سابقة قاتلت فيها إسرائيل حلفاء طهران.
كذلك أوردت التقارير أن ضغوطًا أمريكية حالت دون استهدافه مباشرةً، حيث أفادت مصادر أميركية أن ترامب واجه مشروعًا إسرائيليًا لاغتياله وأوقفه.
وجاء في تقرير صحافي أن «اثنين من المسؤولين الأميركيين أبلغا رويترز بأن ترامب اعترض مؤخرًا على خطة إسرائيلية لاغتيال خامنئي».
وفي ظل التوترات، دعت تصريحات أميركية وعالمية للإجلاء الفوري لمن في طهران – فقد طالبت السلطات الأميركية «جميعًا بإخلاء طهران فورًا» نظرًا للتصعيد.
وعمومًا، تقدم هذه التقديرات صورة عن استعدادات محتملة لإبعاد النخبة القيادية إلى أماكن محصنة وقت التصعيد، إلا أنها تبقى معلومات غير رسمية وغير موثقة علنًا.
الأمن الشخصي والوسائل الحامية
تكشف مصادر أن خامنئي يتمتع بتدابير أمنية مشددة، تضمُّن تقارير إيرانية خاصة أن فيلق «وليّ أمر» بالحرس الثوري – وهو وحدة خاصة مسؤولة عن حمايته – ينشر نحو 1400 عنصر وجميع ضباطه الكبار لتأمين رحلاته.
يتم استخدام طائرات الهليكوبتر لنقله من منزله إلى المطار بثلاث طائرات (اثنتان تحمله وأسرته وأخرى للخدمة)، ويُرافقه عشرات الحراس وعناصر من الحرس الثوري.
المصادر تؤكد إن رحلاته إلى مشهد وغيرها تستعصي على التتبع، حيث يُرسل أيضًا طائرة نقل مدنية خاوية لتضليل المراقبين.
ويشير تقرير إسرائيلي إلى أن نقلاته تكلف خزينة الدولة مبالغ ضخمة بسبب الأجهزة والخدمات المحيطة به.
بالمجمل، يُحاط خامنئي بدائرة أمنية من النخب العسكرية والحرس، ويستخدم مركبات مصفحة ورصد جوي وسيطرة كاملة على الاتصالات خلال تنقلاته.
ورغم هذا، فإن تكثيف ضربات العدو على مراكز القيادة والاستخبارات يشعر النظام بالحاجة إلى إخفائه في ملاجئ خاصة، كما ورد أعلاه في نقلات الطوارئ.
سيناريوهات القيادة البديلة
لا توجد إشارات رسمية في الإعلام الفارسي إلى خطط بديلة لقيادة البلاد في حال استهداف خامنئي، نظرًا لحساسية مسألة ولاية الفقيه.
ومع ذلك، يطرح المراقبون نظريًا السؤال حول من سيقود المرحلة الانتقالية، بعض التحليلات العبرية استبعدت وجود بديل واضح، مشيرة إلى أن التخلص من خامنئي وحده «لا يضمن بديلًا أفضل» وقد يفتح فراغًا عنيفًا (وهو ما حذر منه محللون سابقًا).
على سبيل المثال، يقال إن نتنياهو اعتبر أن وضع إيران هشٌّ للغاية، وأن «80٪ من الشعب سيسقطون هذه العصابة المتطرفة، حسب وصفه»، مما يلقي ضوءًا على وجود مناخ شعبي معارض.
إلا أنه لم يُعلن عن من يتولى المنصب ولا مجلس خبراء مستعد للإعلان عن خليفة، مما يعني أن أي تغيير سيعتمد على ديناميكيات الفوضى والضغوط الخارجية.