شارك الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، والمشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، في الجلسة الافتتاحية لورشة العمل التدريبية التي نظمتها هيئة الرقابة الإدارية لوحدات الحوكمة والمراجعة الداخلية، وذلك بحضور الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان، وقيادات هيئة الرقابة الإدارية.
تطوير مفهوم الحوكمة داخل هيئة الرعاية
استعرض الدكتور أحمد السبكي، خلال كلمته، جهود الهيئة في ترسيخ مفاهيم الحوكمة والمراجعة الداخلية، مؤكدًا أن الهيئة طورت مفهوم الحوكمة ليصبح أكثر تكاملًا، مشيرًا إلى أن الهيئة تعد من أوائل المؤسسات الصحية في الإقليم التي تطبق مفهوم "الحوكمة الإكلينيكية" إلى جانب "الحوكمة التشغيلية"، وهو ما يعكس نقلة نوعية في إدارة القطاع الصحي. وأوضح أن الهيئة تمتلك 22 إدارة مستقلة للمراجعة الداخلية تتبع السلطة المختصة، وتُعد هذه الإدارات ركيزة أساسية في متابعة الأداء وضبط منظومة تقديم الخدمات الصحية داخل منشآت الهيئة.
منظومات مبتكرة للحوكمة ومكافحة الفساد
وأكد الدكتور السبكي أن الهيئة طبقت الحوكمة من خلال أربع منظومات متكاملة تمثل نقلة نوعية في الوقاية من الفساد ومكافحته، بدءًا بمنظومة استباقية للوقاية، تليها منظومة للرصد والمكافحة، ثم منظومة للتغذية الراجعة والإجراءات التصحيحية، وصولًا إلى منظومة المحاسبة واستيداء حقوق الدولة، ما أسهم في ترسيخ بيئة رقابية فاعلة.
تجربة فريدة لتطبيق "الزائر السري"
ولفت السبكي إلى أن هيئة الرعاية الصحية هي أول جهة حكومية تطبق برنامج "الزائر السري" كأداة مبتكرة للرقابة الميدانية، أسوة بتجارب رائدة في دول مثل الإمارات والسعودية، ويهدف البرنامج إلى تقييم جودة الخدمات من منظور المنتفعين، واكتشاف التحديات، وتعزيز ثقافة الجودة. وأوضح أن البرنامج يعتمد على ست مراحل تبدأ بتشكيل الفرق وتدريبها، مرورًا بوضع خطة الزيارة وسيناريو الحالة، ثم الدخول السري للمنشأة، والتوثيق باستخدام الفيديو، يلي ذلك إعداد التقرير وعرضه على الجهات المعنية، ثم الخروج بتوصيات في منظومة (افعل ولا تفعل).
رقابة ميدانية وتدريب مستمر
وأشار السبكي إلى أن الهيئة نفذت أكثر من 2200 زيارة ميدانية عبر فرق المراجعة الداخلية، ضمن خطة رقابية فعالة تشمل جميع منشآتها الصحية، كما تم تنظيم 70 برنامجًا تدريبيًا لبناء قدرات الكوادر وتعزيز مفهوم الحوكمة الإكلينيكية وتحسين جودة الأداء.
توحيد البروتوكولات الطبية عبر "مرجعية"
وكشف السبكي عن نجاح الهيئة في توحيد 491 بروتوكولًا علاجيًا يغطي 28 تخصصًا طبيًا في المستشفيات ووحدات الرعاية الأولية من خلال برنامج «مرجعية»، وهو ما ساعد في تحسين جودة الخدمات وضمان اتساقها وفقًا لأحدث المعايير الدولية في الرعاية الصحية.
التحول الرقمي ركيزة أساسية للحوكمة
وأوضح رئيس الهيئة أن التحول الرقمي يمثل أحد الأعمدة الرئيسية لضبط العمليات التشغيلية داخل منظومة التأمين الصحي الشامل، لافتًا إلى امتلاك الهيئة لأكثر من 10 تطبيقات رقمية تشمل الحجز الإلكتروني، الرعاية الأولية، الإحالة، الأرشفة الإلكترونية، وخدمات التطبيب عن بعد. وأشار إلى أن الهيئة نجحت في تكويد 430 ألف أصل علاجي بقيمة 5.6 مليار جنيه، كما أطلقت برنامج الذكاء الاصطناعي الوطني، معتمدة على أرشيف يضم 400 مليون صورة أشعة، في نقلة نوعية نحو استثمار البيانات الضخمة في تحسين كفاءة الخدمات الصحية.
إنجازات رقمية تعزز الكفاءة
وبيّن السبكي أن الهيئة تمتلك ما يقرب من 6 ملايين ملف صحي إلكتروني موحد، كما تم إصدار 66 مليون وصفة طبية إلكترونية في منشآت الهيئة ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل، ما يعكس تسارع وتيرة التحول الرقمي وتكامل الخدمات الصحية إلكترونيًا.
ترسيخ الحوكمة لتحقيق الشفافية وكفاءة الأداء
وفي ختام كلمته، شدد الدكتور أحمد السبكي على أن ترسيخ مبادئ الحوكمة داخل الهيئة العامة للرعاية الصحية أسهم في ضبط الأداء، ورفع كفاءة الخدمات، وترسيخ ثقافة النزاهة والشفافية، بما يحقق رضا المواطنين ويعزز استدامة واستمرارية التحول المؤسسي في قطاع الرعاية الصحية بمصر. وأكد أن هيئة الرعاية الصحية لم تعد فقط نموذجًا في تقديم الخدمة الطبية، بل أصبحت نموذجًا يحتذى به في الإدارة الرشيدة، والتخطيط القائم على البيانات، والحوكمة الذكية، مشيرًا إلى أن تلك الأسس كانت السبب في تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع في محافظات تطبيق التأمين الصحي الشامل.
كما أشاد السبكي بالتعاون المثمر مع هيئة الرقابة الإدارية في دعم جهود الحوكمة داخل القطاع الصحي، واصفًا هذه الشراكة بأنها ضمانة لتعزيز الثقة في النظام الصحي الجديد، وصمام أمان لاستدامة الجودة ومكافحة الفساد. وشدد على أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من التكامل بين أدوات الرقابة الداخلية والحوكمة الرقمية، ومتابعة مؤشرات الأداء على مدار الساعة، لضمان تقديم خدمة صحية تليق بالمواطن المصري، وفقًا لأعلى معايير الجودة والعدالة والاستدامة.
واختتم كلمته قائلًا: "نحن لا نُدير فقط منشآت صحية، نحن ندير نموذجًا مؤسسيًا متكاملًا يقوم على الشفافية، والمساءلة، والعدالة، ويهدف في المقام الأول إلى ضمان حق كل مواطن في رعاية صحية آمنة، ومستدامة، وعادلة."
