قال السفير مصطفى الشربيني، سفير ميثاق المناخ الأوروبي، أن مؤتمر "بون" لتغير المناخ 2025 SB62 يأتي كمحطة مفصلية في مسار العمل المناخي العالمي، مشيرًا إلى أن المفاوضين من كل الدول سيجتمعون لاستكمال القضايا المعلقة من مؤتمر COP29 بباكو، والاستعداد الفني والسياسي لمؤتمر الأطراف الثلاثين "COP30" الذي سيعقد في مدينة بيليم بالبرازيل.
وأشار السفير الشربيني، في تصريحات اليوم، إلى أن مؤتمر بون ليس مجرد محطة تقنية، بل نقطة محورية على طريق "COP30"، وسيمثل لحظة اختبار للنظام الدولي في ظل تصاعد الأزمات الجيوسياسية، وتراجع الالتزامات التمويلية، مضيفا أنه في ظل ذلك، فإن التقدم في قضايا التكيف، التخفيف، النوع الاجتماعي، والشفافية سيُحدّد ما إذا كان العالم قادرا فعليا على تسريع العمل المناخي أم لا.
أكد السفير مصطفى الشربيني، رئيس وفد سفراء المناخ بالمؤتمر حضوره ومشاركته الرسمية في مؤتمر بون لتغير المناخ 2025، الذى سيعقد في الفترة من 16 إلى 26 يونيو، وذلك في إطار الاجتماعات السنوية الهيكلية للهيئتين الفرعيتين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ" SBSTA وSBI " التابعة لـ "UNFCCC".. مشيرا إلى أنه سيعقد مؤتمرا صحفيا رسميا يوم الاثنين المقبل، ضمن جدول المؤتمرات الرسمية الصادر عن الأمانة العامة للاتفاقية.
وقال "الشربيني": "ندخل مؤتمر بون هذا العام في ظل مؤشرات خطيرة تؤكد تسارع آثار تغيّر المناخ، في وقت تتراجع فيه التزامات بعض الدول الكبرى، وتتسع الفجوة بين ما هو ممكن علميًا وما هو متحقق سياسيًا على الأرض ومن هنا، فإن الدور الذي يمكن أن تلعبه الأطراف غير الحكومية والمجتمع المدني، لا سيما سفراء المناخ، يزداد أهمية وتأثيرا".
ونوه بأن وفد سفراء المناخ، الذي يضم ممثلين من المجتمع المدني وخبراء من الدول العربية والإفريقية، يحمل رسالة واضحة في بون وهى "نريد التأكيد على ضرورة الالتزام بمخرجات COP28، وعلى أهمية تسريع العمل المناخي على مستوى التنفيذ، وبناء الثقة من جديد بين الشمال والجنوب، كما سنسعى إلى تقديم مبادرات مبتكرة في مجال تمويل المناخ، والتكيّف المجتمعي، وتمكين الشباب والنساء".
ودعا "الشربيني"، إلى إعادة توجيه تمويل المناخ إلى مشروعات حقيقية وواقعية تعزز القدرة على التكيف في الدول الأكثر هشاشة، لا سيما في إفريقيا والدول الجزرية.. مؤكدا أن مؤتمر بون سيكون بمثابة محطة تحديد الاتجاه نحو COP30 المقرر عقده في مدينة بيليم البرازيلية، لذلك علينا أن نعمل على ألا يكون المؤتمر محطة إجرائية فحسب، بل أن يشكل أرضية توافقية تُفضي إلى قرارات واضحة وطموحة في COP30.
وأوضح أن من أبرز الملفات المطروحة للنقاش هو ملف التكيف حيث سيتصدر الهدف العالمي للتكيف "GGA" جدول أعمال المؤتمر، بوصفه أحد أعقد الملفات التي ما زالت تعاني من بطء في التقدم ورغم أن اتفاق باريس قد أقر هذا الهدف منذ 2015، إلا أن ترجمة مفهوم "تعزيز القدرة على التكيف والمرونة وتقليل الهشاشة" إلى آليات عمل ملموسة لا تزال قيد التطوير.. لافتا الى أنه في مؤتمر دبي COP28 تم اعتماد إطار شامل يحدد أهدافًا للتكيف في مجالات المياه، الصحة، الزراعة، التنوع البيولوجي، البنية التحتية، والتراث الثقافي. ويجري الآن العمل على تحديد 490 مؤشرًا محتملًا لقياس التقدم، وهي نسخة مصغرة من قائمة أولية ضخمة شملت 9000 مؤشر.
وأشار إلى أن مفاوضى بون سيركزون على مناقشة هذه المؤشرات، وتحليل قابليتها للتطبيق، ومدى اتساقها مع السياقات المحلية والدولية، والعدالة الاجتماعية.. منوها كذلك الى ملف التخفيف فرغم وجود برنامج عمل للتخفيف "MWP"، فإن زخم التخفيف لا يزال ضعيفًا مقارنة بالطموحات، بالإضافة الى ملف المساهمات المحددة وطنيًا "NDCs"، حيث كان من المفترض أن تكون جميع الدول قد قدمت الجولة الثالثة من مساهماتها المحددة وطنيًا NDC3 ولكن حتى الآن، قدمت 22 دولة فقط تلك المساهمات، ما يضع ضغطًا على بقية الأطراف لتقديم خططها قبل الموعد النهائي الثاني في سبتمبر 2025، حيث تشكل هذه الخطط الأساس لقياس التقدم العالمي نحو تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، وستُعرض في تقرير تجميعي تحضره أمانة اتفاقية باريس.
من ضمن الملفات التى سيتم مناقشتها كذلك فى المؤتمر تقارير الشفافية الثنائية فلأول مرة، تقدم الدول تقاريرها بموجب نظام الشفافية المعزز لاتفاق باريس، حيث أرسلت أكثر من 110 دول تقارير الأداء الثنائية، التي تشمل التقدم في تنفيذ NDCs، والدعم المالي والتقني، واحتياجات التمويل، وفي بون، ستعرض هذه التقارير في جلسات عامة، وسيتبادل المفاوضون الدروس المستفادة بشأن التحديات والفرص في جمع وتحليل البيانات المناخية بجانب ملف التمويل المناخى، ومن المنتظر كذلك أن يبدأ المفاوضون في بون إعداد خطة عمل جديدة لبرنامج النوع الاجتماعي بعد أن تم تمديده لعشر سنوات في باكو.
وسيتم أيضا خلال مؤتمر بون مناقشة التحضيرات اللوجستية لـ COP30 في بيليم، حيث سيتم التباحث حول البنية التحتية، وأعداد المشاركين، كما ستستخدم الاجتماعات لتقييم جاهزية البرازيل لتنظيم مؤتمر قد يتجاوز 80٫000 مشارك خاصة أن رئاسة البرازيل لمؤتمر COP30 تأتى في سياق عودة هذه الدولة الكبرى إلى ساحة المناخ الدولية، بعد سنوات من الغياب وتُظهر البرازيل قيادة استباقية، تحاول دمج وزارات المالية والزراعة في العملية المناخية، وتعزيز أولوياتها في حماية الأمازون وحقوق الشعوب الأصلية.