تزايد البحث، عبر المواقع الإلكترونية، عن سؤال هل يجوز جمع مبلغ شهري بين الزملاء بنظام الجمعية؟، حيث يستفسر كثيرا من الموظفين بمختلف المؤسسات عن هذا السؤال.
وشهد محرك البحث جوجل الكثير من عمليات البحث حول سؤال هل يجوز جمع مبلغ شهرى بين الزملاء بنظام الجمعية.
هل يجوز جمع مبلغ شهري بين الزملاء بنظام الجمعية؟
وقالت دار الإفتاء المصرية: قيام الموظفين بعمل جمعية جائزة شرعًا، ولا يجوز لمن يقوم على إدارتها من جمع الأموال وإعطائها لمستحقيها على حسب الترتيب المتفق عليه أن يستثمر الأموال دون إذن أصحابها.
وتابعت الدار: المعاملة المسؤول عنها والتي هي عبارةٌ عن قيام مجموعة من الموظفين بعمل ما يسمى بـ"جمعية الموظفين" وذلك باشتراك كلِّ فردٍ منهم بمبلغٍ معيَّنٍ يُدفع في وقت محدد أول كل شهر على أن يأخذ المالَ الُمجموعَ المشتركون بالجمعية، وذلك بالتناوب فيما بينهم كل شهر حتى تنتهي الدورة كاملة، مع توكيل أحد الأفراد بجمع وتسليم هذه الأموال إلى من يأتي دوره -هي من المعاملات التي جرى عليها عمل الناس منذ قرون وانتشرت في عصرنا الحاضر-، وتكيَّف شرعًا على أنها قرضٌ حسنٌ من الأفراد بعضهم لبعض.
هل يجوز جمع مبلغ شهري بين الزملاء بنظام الجمعية؟
ووجه ذلك: أن كل واحدٍ من المشتركين فيها يدفع المبلغ المحدد المتفق عليه في الوقت المحدد من كلَّ شهر للقائم على جمع الأموال من أجل إعطائها لصاحب الدور فيها، على أنْ يُردَّ إليه جميع ما دفعه وما سيدفعه من أقساط بعد ذلك على حسب دوره في الجمعية، وهو ما يتوافق مع طبيعة القرض الحسن؛ حيث إن حقيقته هي: دفع مالٍ على سبيل الإرفاق لمن ينتفع به على أن يرد بدله.
والقرض الحسن مندوبٌ إليه رغَّبَ الشَّرع الشريف فيه، لما فيه من الإرفاق والإحسان إلى المقترض والتَّبرع له؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ [الحديد: 11]، ولقوله صلى اللَّه عليه وآله وسلَّم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللهُ مِنْ ڪُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عَنْهُ» أخرجه مسلم في "صحيحه".
والإجماع منعقدٌ على ندبه واستحبابه، قال العلامة بهاء الدين المقدسي في "العدة شرح العمدة" (ص: 264، ط. دار الحديث): [باب القرض: أجمع المسلمون على جوازه واستحبابه للمقرض، وهو من المرافق المندوب إليها] اهـ.
ومما يؤيد ما ذهبنا إليه من تكييف هذه المعاملة بأنها قرضٌ أن العلامة القليوبي قد نصَّ عليها في باب القرض، وصرَّح بجوازها مطلقًا من غير تقييد بضرورةٍ أو حاجةٍ تنزل منزلتها، فقال في "حاشيته على شرح المحلي" (2/ 321، ط. دار الفكر): [الْجُمُعَةُ المشهورة بين النساء: بأن تأخذ امرأة من كل واحدة من جماعة منهن قدرًا معينًا في كل جمعة أو شهر وتدفعه لواحدة بعد واحدة إلى آخرهن -جائزة؛ كما قاله الولي العراقي] اهـ.
هل يجوز جمع مبلغ شهري بين الزملاء بنظام الجمعية؟
كون هذه الجمعية من قبيل عقد القرض الذي يشتمل على منفعةٍ تَحْصُل للمشتركين مقرضين ومستقرضين، لا يخرجه عن مسمَّى القرض الحسن، ولا عن حقيقته، ذلك أنَّ المنفعة الحاصلة فيه لا تتعين لمشتركٍ بعينه، بل تحصل لعموم المشتركين، وهي سِمةٌ ظاهرة في الجمعية أخرجتها من صورة القرض الذي جرَّ نفعًا للمقرض والذي نهى الشرع الشريف عنه، وأبقته في دائرة القرض الحسن المشروع.
ولا يُدرِج هذا النفعُ الحاصلُ لعموم المشتركين المعاملةَ تحت مسألة "أسلفني وأسلفك" أو "أقرضني بشرط أن أقرضك" التي تعني إعطاء القرض للشخص بشرط أن يقرضه الشخص قرضًا آخر غيره فيجرَّ القرض نفعًا مشروطًا، والتي نص الفقهاء على منعها، قال العلامة الحطاب الرعيني في "مواهب الجليل" (4/ 391): [ولا خلاف في المنع من أن يسلف الإنسان شخصًا ليسلفه بعد ذلك] اهـ.