أكد اللواء محمد رشاد، الخبير الاستراتيجى، أن جماعة الإخوان الإرهابية لن تستطيع محو ذكرى ثورة ٣٠ يونيو من تاريخها، فهى تمثل رمزًا لانتفاضة الشعب المصرى وإرادته القوية التى ظهرت فى مظاهرات حاشدة وغير مسبوقة، تعبيرًا عن رفضهم حكم الجماعة وسياساتها القمعية وأفكارها الهدامة.
وأوضح «رشاد»، خلال حواره مع «الدستور»، أن الجماعة لم تترك أى أثر إيجابى فى هذا الوطن، بل سجلت تاريخًا مليئًا بالخراب والفوضى، ما جعلها مرفوضة شعبيًا بشكل قاطع، مؤكدًا أن المصريين يدركون خطورة وجود «الإخوان» أو مجرد التفكير فى عودتها للمشهد من جديد، وهذا لن يحدث.
وإلى نص الحوار..
■ بداية.. ما الدوافع الرئيسية وراء تصاعد الشائعات التى تروّجها جماعة الإخوان الإرهابية ضد الدولة المصرية فى الوقت الراهن؟
- لن تنسى جماعة الإخوان ما فعله الشعب المصرى لإفشال مخططاتها، ولا حجم الكراهية التى باتت تواجهها من كل مصرى مخلص يعشق هذا الوطن. فقد تركت وراءها سجلًا مثقلًا بالجرائم، ولم تقدم لهذا الوطن سوى الخراب والفوضى، ولذلك، فإن وجودها أو حتى السماح بانتشار أفكارها الإجرامية والإرهابية أصبح أمرًا مرفوضًا بشكل قاطع من قبل المجتمع المصرى.
ونتيجة هذا الكره اتجهت اللجان الإلكترونية لتنظيم الإخوان الإرهابى فى الداخل والخارج لبث سمومها الجديدة ووضع مخططات جديدة تتناسب مع طبيعة المرحلة الراهنة، ومع التقدم التكنولوجى أصبحت الشائعات السلاح الوحيد لديها لتدمير الوطن وتفتيته، والتشويش على حجم الإنجازات التى تنفذها الدولة، بتكاتف أبنائها مع قيادتها السياسية.
الشائعات المتزايدة فى الفترة الراهنة ما هى إلا محاولة فاشلة لتشتيت الدولة عن مسارها التنموى والدفاعى عن حقوق دول المنطقة العربية.
■ كيف تستخدم الجماعة وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى لنشر هذه الشائعات؟
- «الإخوان» أدركت أن وسائل التواصل الاجتماعى السبيل الأسهل والأسرع لبث سمومها، من خلال نشر مزيد من الشائعات المضللة التى تستهدف اختلاق أزمات والتركيز على السلبيات دون الإيجابيات وتضخيمها، من أجل إثارة البلبلة وتشتيت المواطن خاصة محدودى الثقافة.
وفضاء «السوشيال ميديا» أصبح الآن مناخًا ملائمًا لهذه اللجان الإلكترونية، خاصة التى تعمل من الخارج بتمويل من الدول المعادية لمصر، من أجل تخريب الدولة وحشد كراهية الرأى العام نحو مؤسسات الدولة.
■ هل تعتمد الجماعة على تقنيات حديثة أو أساليب نفسية معينة لتعزيز تأثير الشائعات على المجتمع؟
- تُعد حروب الجيل الرابع من أصعب التحديات التى تواجه الدول فى العصر الحديث، حيث تعتمد على الشائعات والتلاعب بالمعلومات لزعزعة الاستقرار. ومع ذلك، يمكن تحصين المجتمع المصرى من تأثير هذه الحروب من خلال تعزيز دور كل مؤسسات الدولة المعنية، بالإضافة إلى تفعيل دور منظمات المجتمع المدنى. ويُعد المواطن جزءًا أساسيًا فى هذه المنظومة، حيث يمكن إحكام السيطرة على انتشار الشائعات من خلال تقديم الحقائق بشفافية وسرعة، ما يضمن إجهاض أى شائعة فى مهدها قبل أن تؤثر على الرأى العام.
■ ما الأهداف السياسية أو الاستراتيجية التى تسعى الجماعة لتحقيقها من خلال هذه الحملات المضللة؟
- الشائعات بطبيعتها أداة من أدوات الحروب النفسية التى تستغلها الجماعات المعادية والدول ذات المصالح المتضاربة لزعزعة الأمن الداخلى، فهى لا تعتمد فقط على اختلاق الأكاذيب، بل على استغلال الأحداث الحقيقية وإعادة تأويلها بشكل يخدم أهدافًا مغرضة.
والإعلام المأجور الذى يحركه المال والأيديولوجيات المعادية يتعمد تضخيم السلبيات وتجاهل النجاحات، حتى وإن كانت الإنجازات واضحة وملموسة، وهؤلاء يسعون لتفتيت النسيج المجتمعى وإضعاف مؤسسات الدولة من خلال نشر معلومات مغلوطة حول قضايا اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية بهدف بث روح الإحباط واليأس بين المواطنين.
■ هل هناك سوابق تاريخية نجحت خلالها الجماعة فى تضليل الرأى العام؟
- السوابق الإجرامية والإرهابية لـ«الإخوان» عديدة ولا يمكن حصرها، فـ«الإخوان» فعلت أبشع الأفعال والمواقف والأحداث والجرائم التى لا يمكن أن يتقبلها أى شخص سوى، فالإخوان أساءت للشعب فى فترة حكمها، وتعتبر ثورة ٣٠ يونيو أزمتها الحقيقية، وهى الدافع لهذا الانتقام الذى تمارسه ضد الدولة، قيادة وشعبًا.
ويدرك المصريون تمامًا خطورة وجود جماعة الإخوان أو التفكير فى عودتها إلى المشهد السياسى مرة أخرى، حيث إن الجرائم التى ارتكبتها تُعد دافعًا قويًا لمواجهتها والتصدى لأفكارها الهدامة والخبيثة.
على سبيل المثال، فى ملف الإرهاب، تحملت الدولة المصرية أعباءً كبيرة فى محاربة الإرهاب فى سيناء، سواء على المستوى المادى أو البشرى، حيث فقدت مصر خيرة أبنائها من أجنادها البواسل خلال معركتها مع الإرهاب، الذى كان للإخوان دورٌ أساسى فى إشعاله.
ومع ذلك، نجحت الدولة فى الانتصار فى هذه المعركة، وتمكنت من تصفية كل العناصر الإرهابية من سيناء. واليوم، أصبحت أرض الفيروز نموذجًا للانتعاش والتطور، حيث تشهد مختلف أوجه الحياة التنموية.
وأضرب مثالًا آخر بتصريح منسوب للرئيس المعزول محمد مرسى، إبان فترة حكمه، حول حادثة اختطاف سبعة مصريين، حيث نُقل عنه قوله: «يهمنا سلامة الخاطفين والمخطوفين».
واعتبر هذا التصريح دليلًا قاطعًا على النوايا الحقيقية لجماعة الإخوان المسلمين، التى ينتمى إليها «مرسى»، بتحويل مصر إلى مجرد دويلة صغيرة تابعة للتنظيم الدولى للجماعة.
■ كيف يمكن للدولة أن تطور أدواتها لمواجهة حرب الشائعات والأكاذيب؟
- لا شك أن الدولة تلعب دورًا محوريًا فى مكافحة حملات الشائعات والتصدى للأخبار الكاذبة التى تستهدفها على المستويين الداخلى والخارجى.
وفى ظل انتشار المعلومات المضللة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعى، يصبح من الضرورى على الدولة اتخاذ إجراءات فعّالة لمواجهة هذه الظاهرة، وحماية المجتمع من آثارها السلبية.
وتُعدّ الشفافية وسرعة تفنيد الشائعات من أهم الأدوات التى يجب أن تعتمد عليها الدولة فى هذا السياق، ومن خلال توفير المعلومات الصحيحة والموثوقة بشكل استباقى، بدلًا من الاكتفاء برد الفعل، تستطيع الدولة بناء جسور من الثقة مع الجمهور، وتقليل تأثير الشائعات.
وتتحمل الدولة كذلك مسئولية أساسية فى هذه المعركة، حيث ينبغى أن تعمل على تفعيل استراتيجية تواصل فعّالة تعتمد على توفير الحقائق بشكل مستمر وواضح، لتبديد الشكوك ومنع استغلال الصمت الرسمى من قبل مروجى الشائعات.
كما يجب أن يكون هناك تعاون وثيق بين مختلف مؤسسات الدولة لتعزيز منظومة الاستجابة السريعة، وتنسيق الجهود لإغلاق الثغرات التى تتسلل منها المعلومات الزائفة.
كيف يمكن للمواطن العادى التمييز بين الأخبار الحقيقية والشائعات التى تروّجها الجماعة؟
- المواطن رد فعل لما تقوم به الدولة ومؤسساتها والإعلام من أدوار، فالمواطن عندما تتعامل معه الدولة بشفافية ووضوح تام يكون قادرًا على التفرقة بين الأخبار الحقيقية والشائعات، ويستطيع أن يعود إلى مصدر كل معلومة للتأكد من الأخبار المتداولة، فضلًا عن أنه عندما يتم تطوير الإعلام ويكون قادرًا على أن يكون صوت الدولة، سيساعد المواطن على تعزيز الوعى لديه ويكون قادرًا على التفرقة بين الشائعة والحقيقة. إلا أنه يجب على المواطن أن يتحلى بالوعى الكافى الذى يجعله قادرًا على فرز الأخبار والتفريق بين الحقيقة والادعاء، وتعزيز القدرة على التفكير النقدى وممارسة التحقق الشخصى من مصادر المعلومات، وهما أول خطوط الدفاع ضد خطر الشائعات.
والفرد الذى يدرك مسئوليته تجاه أمن المجتمع يدرك أيضًا أن تداول المعلومات دون التثبت من صحتها قد يؤدى إلى تعميق الأزمات وتعزيز الأجندات التخريبية.