كلمة السر.. كيف تمكنت مصر من حل النقاط الخلافية فى اتفاق وقف الحرب على غزة؟

كلمة السر.. كيف تمكنت مصر من حل النقاط الخلافية فى اتفاق وقف الحرب على غزة؟
كلمة
      السر.. كيف
      تمكنت
      مصر
      من
      حل
      النقاط
      الخلافية
      فى
      اتفاق
      وقف
      الحرب
      على
      غزة؟

على مدى أسابيع، تمكنت مصر من تحقيق تقدم كبير فى مفاوضات الهدنة بقطاع غزة، من خلال معالجة أبرز نقاط الخلاف بين الأطراف المعنية. 

وقادت القاهرة المرحلة الأولى من المفاوضات باستضافة وفود من الجانبين، الإسرائيلى وحركة حماس، ما أسفر عن موافقة الطرفين على المسودة النهائية للاتفاق. 

وشملت الجهود المصرية صياغة مقترح أولى للهدنة، جرى تعديله ليتماشى مع شروط الطرفين، ما أسهم فى التوصل إلى توافق نهائى، بما فى ذلك تحرير المحتجزين، والعمل على وقف الحرب فى أسرع وقت ممكن.

وأكد الكاتب السياسى، الدكتور صلاح عبدالعاطى، أن الجهود المصرية كانت العامل الحاسم فى الوصول إلى المسودة الحالية للاتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وأوضح «عبدالعاطى»، لـ«الدستور»، أن مصر لعبت دورًا محوريًا فى تقريب وجهات النظر، والتصدى للادعاءات الإسرائيلية، وضمان الالتزام بجملة من المقاربات التى شكلت أساس المفاوضات.

واعتبر «عبدالعاطى» أن مصر، بحكم مكانتها الإقليمية وثقلها السياسى، تعد الضامن الرئيسى لأى اتفاق يُنفذ داخل قطاع غزة، مشيرًا إلى أن دعم مصر المستمر القضية الفلسطينية لا ينبع فقط من التزامها التاريخى، بل لأنه يمثل إحدى ركائز أمنها القومى.

وأضاف أن المقاربة التى تُعرف بـ«مقاربة بايدن»، التى تُنسب إلى الإدارة الأمريكية، كانت فى الأصل مبادرة مصرية طُرحت مطلع عام ٢٠٢٤، ورغم العراقيل الإسرائيلية التى أخّرت الإعلان عن الاتفاق لأكثر من سبعة أشهر، فإن مصر واصلت جهودها لتحقيق تقدم ملموس.

كما أشاد السياسى الفلسطينى بالدور الذى لعبته الدبلوماسية المصرية؛ بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى ووزارة الخارجية وجهاز المخابرات العامة، مؤكدًا أن هذه الجهود لم تكن لتثمر لولا التنسيق مع أطراف دولية وإقليمية، مثل قطر والولايات المتحدة.

وبيّن أن هذا الإنجاز لا يقتصر فقط على وقف العدوان الإسرائيلى، بل يشمل تعزيز صمود الشعب الفلسطينى، والتمهيد لمقاربات أخرى تتعلق بإعادة الإعمار وتحسين الأوضاع الإنسانية والاقتصادية فى غزة.

واختتم تصريحه بالتأكيد على أهمية الشراكة العربية والدولية لدعم هذه الجهود، معربًا عن أمله فى أن تتكلل بالنجاح لضمان حقوق الشعب الفلسطينى وإنهاء معاناته.

فى السياق ذاته، أكدت الدكتورة تمارا حداد، الكاتبة والسياسية الفلسطينية، أن مصر تمتلك بُعدًا إقليميًا قويًا يجعل دورها حاسمًا فى مختلف جوانب القضية الفلسطينية، خاصة فى الجهود المبذولة لوقف الحرب على غزة. 

وأوضحت أن مصر تضطلع بدور محورى، سواء من خلال الضغط لإدخال المساعدات الإنسانية، أو عبر المفاوضات المكثفة لتحقيق التهدئة. 

وأشارت إلى أن المساعى المصرية تسعى إلى إنهاء العدوان على المدنيين الفلسطينيين، لتخفيف معاناتهم، ورأب الصدع بين الأطراف الفلسطينية المختلفة؛ بهدف التوصل إلى توافق مشترك. 

وأكدت أهمية تشكيل إدارة فلسطينية متماسكة ومنسجمة مع الحكومة الفلسطينية، لتكون مستعدة لإدارة الأوضاع فى اليوم التالى لوقف إطلاق النار.

وأوضحت الدكتورة تمارا حداد أن مصر بذلت جهودًا متكررة ومضنية لوقف الحرب، إلا أن العراقيل كانت كبيرة ومعقدة.

وأشارت إلى أن الأوضاع وصلت الآن ذروتها، حيث لم يتبق سوى وضع اللمسات الأخيرة لتحقيق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. 

وأضافت أن مصر تعتمد على جميع الوسائل المتاحة لتقليل الفجوات وتقويض الخلافات بين الطرفين، مع التركيز على الهدف الأسمى، وهو تخفيف الأعباء الثقيلة التى خلّفتها الحرب على سكان غزة.

وأشارت الدكتورة تمارا إلى أن التركيز الأبرز، حاليًا، ينصب على اليوم التالى لوقف إطلاق النار، حيث تعمل مصر على وضع خطة متكاملة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. 

وأوضحت أن الخطة تشمل جهودًا لعقد مؤتمر دولى فى القاهرة يهدف إلى دعم إعادة الإعمار فى القطاع، مع توفير حلول سكنية؛ كإدخال الكرفانات كبديل للخيام لإيواء المتضررين الذين فقدوا مساكنهم. 

كما تتضمن الخطة نقل المرضى والجرحى ذوى الحالات الحرجة لتلقى العلاج، بالإضافة إلى تعزيز فرص العيش الكريم لسكان القطاع.

وأكدت أن من الأولويات الأساسية وضع أسس لترسيخ الوحدة الوطنية الفلسطينية بين جميع الأطراف، مشددة على أهمية العمل على تحويل قطاع غزة من منطقة دمرتها الحرب إلى منطقة تعج بالحياة والأمل.

وبيّنت أن الدور المصرى يظل محوريًا للغاية، مشددة على أهمية استمرار الجهود لتحقيق وقف إطلاق النار فى غزة بشكل كامل، موضحة أن مصر تسعى، أيضًا، لترسيخ وجود السلطة الفلسطينية فى كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، ما يمهد الطريق لمستقبل تسوده الوحدة الوطنية.

واختتمت بقولها إن هذه الخطوات تمثل أساسًا لمحاولات مستقبلية تهدف إلى تحويل الأراضى الفلسطينية إلى نواة لدولة فلسطينية مستقلة.

فيما قال الدكتور جهاد أبولحية، أستاذ القانون والنظم السياسية، إن هذه ليست المرة الأولى التى تتولى فيها مصر قيادة جهود الوساطة بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلى، فقد كانت مصر حاضرة فى معظم جولات الصراع مع الاحتلال، وسعت من خلال وساطتها إلى تقريب وجهات النظر بهدف التوصل إلى اتفاق يحقق الهدوء والاستقرار.

وأضاف «أبولحية» أنه فى هذه الحرب المدمرة، بذلت مصر بالتعاون مع قطر، جهودًا كبيرة لتقريب وجهات النظر، متحملتين ضغوطًا هائلة لا يمكن لغيرهما تحملها، فى محاولة لإبعادهما عن الوساطة. ومع ذلك، أظهرت الدولتان صبرًا وثباتًا، مدفوعتين برغبتهما الصادقة فى التوصل إلى اتفاق يسهم فى وقف الحرب وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الدمار الذى أصاب غزة وأفنى الأخضر واليابس.

وتابع «أبولحية» أنه من المهم التأكيد أن مصر كانت- ولا تزال- محل ثقة الشعب الفلسطينى، فهى دائمًا تمثل السند والعون لنا، والقاهرة قادرة على لعب أدوار كبرى تليق بمكانتها لتعزيز حقوق الشعب الفلسطينى ودعم قضيته العادلة.

واختتم قائلًا: «الشكر واجب لمصر وشعبها الشقيق على كل ما قدماه من دعم ومساندة خلال هذه الحرب المأساوية».

من جانبه، قال الدكتور جهاد ملكة، الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى، إن مصر كانت- ولا تزال- عنصرًا أساسيًا فى أى جهود للتوصل إلى تفاهمات أو مفاوضات بشأن غزة، سواء فى فترات الهدوء أو التصعيد، ويُمكننا القول إن مصر لعبت دورًا محوريًا فى الوصول إلى ما آلت إليه مفاوضات التهدئة وإيقاف حرب الإبادة على غزة، حتى الآن، وهو دور يتسم بالاستمرارية والتوازن.

وأضاف «ملكة» أنه «على الرغم من التحديات التى شهدتها المنطقة، فإن مصر كانت- ولا تزال- الوسيط الرئيسى بين مختلف الأطراف، وذلك لأن غزة هى جارة لمصر ولها حدود مشتركة معها، ومصر تعتبر قطاع غزة امتدادًا لأمنها القومى، ما يجعلها الطرف الأقرب للحدث، والأكثر تأثيرًا فى المنطقة».

وأكمل: «مصر لديها تاريخ طويل فى الوساطة فى النزاعات الإقليمية والدولية، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، بدءًا من اتفاقية كامب ديفيد، وصولًا إلى اتفاقات التهدئة بين إسرائيل وحماس منذ انقلاب عام ٢٠٠٧، عندما استولت حركة حماس على القطاع، وخاضت أكثر من أربع جولات من القتال مع إسرائيل أعوام ٢٠٠٨، و٢٠١٢، و٢٠١٤، و٢٠٢١، وغيرها من التصعيدات، وكانت مصر هى الوسيط».

وتابع: «الدور المصرى لم يكن يقتصر على دور الوساطة فقط، بل تعمل أيضًا على ممارسة الضغوطات على الأطراف المعنية لضمان تنفيذ التهدئة وعدم العودة للتصعيد، وقد نجحت فى التهدئة ووقف الاعتداءات الإسرائيلية فى جميع هذه الجولات، ولا شك أنها ستنجح فى هذه المرة أيضًا».

وأوضح أنه فى إطار مفاوضات غزة، تقدم مصر مبادرات متعددة، سواء كانت إنسانية أو سياسية، تهدف إلى تسوية الأوضاع فى القطاع، فعلى الجانب الإنسانى كانت داعمًا رئيسيًا لها فى ملفات الإعمار وإدخال المساعدات الإنسانية، حيث تسعى إلى تخفيف حدة الأزمات الاقتصادية والمعيشية التى يعانى منها سكان غزة.

أما على الجانب السياسى، فقال إن مصر لعبت دورًا فى مصالحة الفصائل الفلسطينية، خاصة بين حماس وفتح، بهدف توحيد الصف الفلسطينى فى مواجهة التحديات، وكان آخرها المبادرة المصرية لتشكيل لجنة إدارة مدنية لتولى مسئولية غزة بعد انتهاء الحرب، وهى ما زالت تعمل على هذا الموضوع. واختتم تصريحاته قائلًا: «مصر كانت كلمة السر فى الوصول إلى ما آلت إليه مفاوضات التهدئة، حيث لعبت دورًا رئيسيًا فى إيقاف التصعيد وتسوية الأزمات، سواء على المستوى الإنسانى أو السياسى». وبيّن أنه على الرغم من التحديات والمصاعب التى واجهتها، فإن دور مصر الوسيط لا غنى عنه لتحقيق الاستقرار المؤقت، وإن كان الوصول إلى حل شامل ومستدام يتطلب إرادة سياسية من جميع الأطراف المعنية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق موعد مباراة الزمالك ضد حرس الحدود بالدوري المصري والتشكيل
التالى ليفاندوفسكي احتياطيا.. تشكيل برشلونة الرسمي ضد ريال بيتيس في كأس ملك إسبانيا