جمال عبد الناصر.. «كبرياء غيّر موازين القوى»

يوم الخامس عشر من يناير عام 1918، كانت محافظة الإسكندرية على موعد مع تسجيل واحد من أعظم القادة في تاريخ مصر الحديث، جمال عبد الناصر، ثاني رئيس لمصر وأحد قادة ثورة 23 يوليو، التي أطاحت بنظام فاروق الملكي وأعلنت قيام الجمهورية.

جمال عبد الناصر أتم المرحلة الثانوية وفضل الانضمام إلى صفوف الجيش المصري، مدركًا أن تحرير البلاد من الاستعمار البريطاني يتطلب حراكًا فعليًا على الأرض بعيدا عن خطب وشعارات المظاهرات التي اشترك في بعضها بينما كان شابا، وفي الجيش التقى بمجموعة من الضباط الذين شاركوه الرؤية نفسها، ومن بينهم أنور السادات وعبد الحكيم عامر، وشكلوا تنظيمًا سريًا أُطلق عليه "الضباط الأحرار" بهدف الإطاحة بالملكية وإقامة نظام جمهوري، وتشكلت لجنة التنظيم التأسيسية في منزله بكوبري القبة.

 

عبد الناصر وتحرك غير تاريخ مصر

 

في عام 1952، تفاقمت الأزمات في البلاد بعد حريق القاهرة، ما هيأ الساحة لتحرك الضباط الأحرار، وفي السادس والعشرين من يوليو من العام نفسه، أُجبر الملك فاروق على التنازل عن العرش لابنه أحمد فؤاد الثاني، وأعلن قيام الجمهورية برئاسة اللواء محمد نجيب.

بمرور الوقت، قدم محمد نجيب استقالته في فبراير 1954، ليتولى جمال عبد الناصر قيادة مجلس الثورة ورئاسة مجلس الوزراء، وفي يونيو 1956، أصبح عبد الناصر أول رئيس منتخب للجمهورية عبر استفتاء شعبي وفقًا لدستور 1956، الذي كان أول وثيقة دستورية تعبر عن مبادئ الثورة.

في 22 فبراير 1958، قاد عبد الناصر خطوة تاريخية أخرى بإعلان الوحدة بين مصر وسوريا تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة، وتولى رئاستها حتى انهيارها بعد 3 سنوات.

ارتبط اسم جمال عبد الناصر بإنجازات كبرى تركت أثرًا عميقًا في ذاكرة الأمة المصرية والعربية، فمن تأميم قناة السويس الذي أثار فخر المصريين وتحدى القوى الاستعمارية، إلى بناء السد العالي الذي أصبح رمزًا للاستقلال التنموي، كما ساهم في ترسيخ مكانة مصر كقائدة للحركة القومية العربية وداعمة لحركات التحرر في إفريقيا وآسيا، إضافة إلى توزيع الأراضي الزراعية على الفلاحين وإنشاء مجمعات صناعية كبرى.

 

عبد الناصر ليلة ثورة يوليو.. ذكريات لا تنسى

 

في كتابها "ذكريات معه"، تروي تحية كاظم، زوجة جمال عبد الناصر، محطات فارقة في حياتها مع الزعيم، وخصوصا ليلة ثورة يوليو، ووصفت ذلك بدقة، من خلال كتابتها: "في 22 يوليو 1952، كان جمال يرتدي ملابس بسيطة ويقضي الليل منهمكًا في العمل، وفي الصباح الباكر تناولنا الإفطار معًا قبل أن يرتدي زيه العسكري ويغادر المنزل، وعند الظهر عاد ليقضي بعض الوقت مع الضباط في المنزل قبل أن يستأنف نشاطه".

أضافت تحية كاظم: "في صباح 23 يوليو، استيقظنا على صوت طرقات على الباب، وكان القادم هو ثروت عكاشة، الذي قدم لي التهنئة بنجاح التحرك العسكري، وعندما سألته عن جمال، قال لي إنه في القيادة العامة وعلى بعد دقائق منا، ما أشعرني بالاطمئنان بعد ليلة مليئة بالقلق".

رحل جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970، لكن إرثه الوطني والقومي لا يزال حاضرًا في وجدان شعوب مصر والعالم العربي، كونه قاد مسيرة تحررية ألهمت الملايين وقدمت نموذجًا فريدًا للإخلاص والنضال من أجل السيادة الوطنية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق وكيل تعليم الغربية: إعادة تأهيل وتطوير 96 مدرسة بالمحافظة في 2024
التالى الجوية الجزائرية: تخفيضات تصل إلى 60 % خلال موسم الإصطياف