الثلاثاء 14/يناير/2025 - 11:50 ص 1/14/2025 11:50:14 AM
بين الفترات فترة ينشط فيها خاطفو الأطفال، تفوح روائحهم الكريهة وتنتشر أخبارهم المقبضة، قد ينتهي الأمر بالقبض عليهم، وتحرير الأطفال المخطوفين من بين أيديهم (لو كانوا ما يزالون على قيد الحياة)، وقد ينتهي بعودة الأمور إلى طبيعتها بعيدا عن سيرة هذه الحوادث المخيفة المؤلمة، ولكن من غير أن يعرف أحد ما الذي جرى بالضبط؟ وأين أختفى الأطفال المبلغ عن اختفائهم؟ أو من المسؤول عن جثث الأطفال التي وجدها رجال المباحث (لا قدر الله)؟ يواصل الأمنيون بحثهم، في جميع الأحوال، وقد يصلون إلى نتيجة، وقد لا يصلون، على حسب دقة تحرياتهم وما يتوفر لهم من المعلومات.
خطف الأطفال ظاهرة قديمة متجددة؛ فالطفل كيان ضعيف، يسهل الضحك عليه وقيادته إلى مصير مجهول بدون مقاومة تذكر، توجد قلوب بشرية قاسية، لا تبالي بالنيران المشتعلة في قلوب الأمهات والآباء؛ لأن أطفالهم سُلبوا منهم في غمضة عين!
تختلف أساب الخطف، في ما يشيع بين الناس أنفسهم، بلا دراية أكيدة بالموضوع، وقد تتنوع الأسباب وتتباين بتنوع الجغرافيا وتباينها؛ ففي الجنوب تكون الخبايا الأثرية وراء الموضوع، والمعنى أن كل خبيئة تحتاج إلى فداء من دم طاهر (هكذا الاعتقاد اللعين) لينجح سعي من يريدون نوالها في النهاية، وفي الشمال (المحيط العاصمي الكبير) يكون موضوع الأعضاء البشرية هو دائرة الاهتمام الكبرى؛ فتجارة الأعضاء رابحة جدا طبعا، والأطفال أضمن من الكبار من حيث توقع سلامتهم من الأمراض وما إلى ذلك، فضلا عن سهولة خطفهم التي بينتها آنفا، وقد يكون الموضوع هناك طلب فدية على المخطوف، وهذا أقل أسفا، لكنه أمر عسير ومحير أيضا...
يعصف خطف الأطفال بقلوب الأهالي عصفا، ويقلب حيواتهم رأسا على عقب، فالأبناء الذين أنجبوهم، وذاقوا ما ذاقوه من التعب والأسى والتكلفة في تربيتهم وتعليمهم، بالإضافة إلى ما يربطهم بهم من رباط عاطفي وثيق بالأساس، صاروا، فجأة، في علم الغيب، ولو وضع الآن كل شخص منا، ممن لديه أبناء بالذات، نفسه مكان الأمهات والآباء لعرف معرفة يقينية مدى الحسرة التي تصيب هؤلاء نتيجة لغياب أبنائهم المفاجئ الصادم!
البوليس لا يدخر جهدا في مراقبة العناصر المشبوهة، والقبض على أفرادها لو ظهر شيء مقلق، ولكنه، وهذا بديهي للأمانة، قد يعجز أحيانا، مثلما يعجز المجتمع نفسه، عن حصار الظاهرة البغيضة، لا سيما إذا امتنع البشر عن التعاون مع الأجهزة الأمنية خوفا أو تحللا من المسؤولية.
أطالب هنا بمزيد من الجهود الأمنية المخلصة، بجانب يقظة المجتمع، لمحاولة القضاء على الوحش المنفلت المتخفي الذي يخطف الأطفال، وأطالب بسرعة التحقيق والتقاضي والحكم على من تثبت إدانتهم بأقصى العقوبات وهي الإعدام، حتى لو لم يكن قتل، فالخطف زلزلة في ذاته، ومقدمة لكل عنف وقبح واستغلال مقيت، بيعا كان أو اغتصابا أو تشغيلا للانتفاع، وربما بهذه الطريقة العاجلة الحاسمة، وحدها، نكون آمنين، ونرسل أطفالنا إلى مدارسهم ودروسهم وإلى المحال المجاورة للبيوت باطمئنان. ألا سحقا للخاطفين وبعدا لهم، فضح الله وجوههم الكالحة على الملأ وطرد أرواحهم الشريرة بتعاضدنا!