فى قلب مدينة المحلة الكبرى، يبرز مصنع الغزل والنسيج الذى يعد الأكبر من نوعه فى العالم، كشاهد على تحول اقتصادى جديد فى مصر، حيث طورته الدولة ضمن رؤية طموحة لإحياء صناعة الغزل والنسيج، وإعادتها إلى مكانتها الريادية عالميًا.
بين أروقة هذا الصرح العملاق، يعيش العاملون حالة من الفخر والأمل بمستقبل مشرق للصناعة الوطنية، موجهين الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى لدعمه المتواصل هذه الصناعة الحيوية.
وعكست تصريحات العاملين فى مصنع الغزل والنسيج حجم الإنجاز الذى تحقق بفضل التطوير الذى شهده المصنع تقنيًا وإداريًا، إذ يعد شهادة على قدرة مصر على تحقيق المعجزات، عندما تتوافر الإرادة السياسية والدعم الكامل، حيث يمتد على مساحة ٦٢.٥ ألف متر مربع، ويضم أحدث المعدات الأوروبية التى تم استيرادها خصيصًا من كبرى الشركات العالمية.
ووفقًا للمسئولين، تبلغ الطاقة الإنتاجية للمصنع حوالى ٣٠ طن غزل يوميًا، ما يجعله الأكبر من نوعه فى العالم، ويستهدف إنتاج منتجات عالية الجودة، تنافس فى الأسواق العالمية، مستندًا إلى الميزة التنافسية التى يوفرها القطن المصرى طويل التيلة، المعروف بجودته الاستثنائية.
«الدستور» أجرت جولة داخل المصنع قبل افتتاحه الرسمى لرصد تفاصيل المشروع، وخطط الإدارة لاستعادة حصة مصر العالمية فى هذا القطاع الحيوى.
وزير قطاع الأعمال: نخطط لتحويل مصر إلى مركز إقليمى لصناعة الغزل والنسيج فى العالم
قال المهندس محمد شيمى، وزير قطاع الأعمال العام، إن شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى شاهدة على تاريخ طويل من العمل والإنتاج والابتكار، وهى رمز من رموز القوى الصناعية الكبرى.
وأضاف: «نشهد مرحلة جديدة من تاريخ الشركة بفضل الرؤية الثاقبة للقيادة السياسية الحكيمة»، موضحًا: «المشروع القومى لتطوير صناعة الغزل والنسيج ليس مجرد مشروع استثمارى، أو تحديث المصانع، ولكن يشمل رفع القيمة المضافة للقطن، ونتوقع أن تكون مصر مركزًا إقليميًا للصناعة».
وبيّن أن المرحلة الأولى تمثل نقطة الانطلاق نحو المستقبل عبر تحديث المعدات بأفضل تكنولوجيا فى العالم، وتدريب العمال، وتحسين بيئة العمل وفقًا لاستراتيجية التطوير، حتى يكون لدينا فريق عمل مميز، لافتًا إلى أن الصناعة تشهد طفرة كبيرة بفضل دعم القيادة السياسية والتعاون مع القطاع الخاص.
وذكر أن الهدف من ذلك هو تعميق التصنيع المحلى فى مصر، موجهًا الشكر للرئيس السيسى على إطلاق مبادرة المشروع القومى للغزل والنسيج فى مصر.
كما قدم الوزير الشكر للعاملين ومجلس إدارة الشركة القابضة للغزل والنسيج إحدى شركات الوزارة، وشركاء النجاح من القطاع الخاص فى إنشاء المصانع وتطوير البنية التحتية.
غزو الأسواق بالبراند المصرى «نيت» و«محلة»
كشف ريمون عدلى، مسئول براند «نيت» و«محلة»، وهى العلامات التجارية للمنتجات الجديدة، عن أن هناك طموحًا لغزو الأسواق العالمية بمنتجات المصانع المطورة.
وقال «عدلى»: «العلامات التجارية (نيت) و(محلة)، وتحت شعار (بكل فخر.. صنع فى مصر) ستعود بقوة إلى الأسواق العالمية، ونحن نستهدف أوروبا والولايات المتحدة والدول الآسيوية بمنتجات تنافس من حيث الجودة والسعر، ولدينا خطة تسويقية شاملة تشمل الترويج للقطن المصرى طويل التيلة كمنتج فاخر، مع توسيع قنوات التصدير عبر التجارة الإلكترونية والمعارض الدولية».
وأشار إلى أن المصنع الجديد سيعتمد على إنتاج منتجات ذات قيمة مضافة، مثل الغزل والنسيج والمفروشات، بما يعزز من القدرة التنافسية للمنتجات المصرية فى الأسواق العالمية، لافتًا إلى أن مشروع تطوير صناعة الغزل والنسيج فى مصر، وعلى رأسه مصنع المحلة الكبرى الجديد، ليس مجرد مشروع اقتصادى، بل شهادة على قدرة الدولة المصرية على استعادة أمجادها الصناعية، وتحقيق التنمية المستدامة.
رئيس «القابضة للغزل والنسيج»: نستهدف 20% من السوق العالمية
أكد الدكتور أحمد شاكر، رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج، إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام، أن صناعة الغزل والنسيج موجودة منذ عهد المصريين القدماء، مشيرًا إلى أنه «خلال العصر الحديث تأسست شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، وفى عام ٢٠١٤ بدأ النظر إلى تطوير مصانع الغزل والنسيج الحكومية».
وقال إن استراتيجية التطوير تستهدف إعادة الريادة للقطن المصرى، عبر السيطرة على ٢٠٪ من السوق العالمية، لافتًا إلى أن مصر حاليًا تستحوذ على ٢.٥٪ فقط من صناعة الغزل والنسيج، وتعتمد خطة تطوير مصانع الغزل والنسيج الحكومية حاليًا على مفهوم الاستدامة، بما يتماشى مع رؤية «مصر ٢٠٣٠».
وبيّن أن المساحة المزروعة بالقطن كانت مليونىّ فدان، ونحتاج إلى أكثر من مليون قنطار قطن زهر للسوق المحلية، ومن المستهدف حاليًا زراعة ٥ آلاف فدان قطن قصير التيلة، لتلبية الاحتياجات وعدم الاضطرار للاستيراد.
وذكر أن إيرادات شركة مصر للحرير الصناعى كانت «صفر»، والآن تحقق حوالى ٢٠ مليون دولار صادرات، ونستهدف الزيادة إلى ٣٠ مليونًا صادرات من البوليستر.
وكشف عن دمج ٩ محالج قطن، واستحداث منظومة جديدة لتجارة الأقطان، وتشغيل ٢٧٢٠ عاملًا، موضحًا: «كان لدينا ٢٥ محلجًا، وأصبح لدينا حاليًا نحو ٤ محالج جديدة و٩ محالج مطورة».
ولفت إلى أنه جرى دمج نحو ٣٢ شركة غزل ونسيج، وأصبح عددها ٩ شركات، وأكد أن التكلفة الاستثمارية للتطوير بلغت ١.١ مليار يورو، وتستحوذ المحلة على ٤٩٪ من نسبة الاستثمارات وهى حوالى ٦٠٠ مليون يورو.
وأشار إلى أن «مصنع ١» هو أكبر مصنع للغزل والنسيج فى العالم بالمحلة الكبرى، ويعمل بتكنولوجيا حديثة للغاية، وهو المرحلة الأولى من التطوير فى مصانع الغزل والنسيج، بعد «مصنع ٤»، وهو أول مصنع مطور، والمرحلة الثانية فى مايو ٢٠٢٥، والثالثة تنتهى فى أكتوبر ٢٠٢٥.
وأكد أن حجم العمالة بلغ أكثر من ١٤ ألف عامل حاليًا، ونسبة توريد المعدات بلغت نحو ٨٠٪، ونسبة تركيب المعدات فى مصانع الغزل والنسيج الحكومية التى يجرى تطويرها بلغت نحو ٨٥٪، مشيرًا إلى أن مبيعات مصنع «غزل ٤» بلغت ١٧٧ مليون جنيه، و١٦ مليون دولار صادرات.
وذكر أن مصنع كفر الدوار ينتج أكثر من ٣٠٠ ألف متر من الغزل والنسيج، ويأتى بعد شركة المحلة، التى تنتج ٥٠٠ ألف متر، مشيرًا إلى أن شركة دمياط للغزل والنسيج تستهدف إنتاج ٣٥ ألف متر من الغزل والنسيج، وستنتج قماش الجينز.
ولفت إلى أن شركة الدقهلية تنتج نسيج التريكو، وهناك تطوير كبير بمصانع الصعيد، وشركة حلوان للغزل والنسيج تستهدف إنتاج ٣ ملايين متر، وستكون متخصصة فى إنتاج الملايات.
مراكز تدريب متخصصة لتأهيل العمال والفنيين على أحدث أساليب الإنتاج والصيانة
شدد المهندس عبدالفتاح إبراهيم، عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للغزل والنسيج، إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام، على أن صناعة الغزل والنسيج تعد واحدة من أعرق وأهم الصناعات التى ارتبطت بتاريخ الاقتصاد المصرى منذ عقود طويلة.
وقال: «كانت هذه الصناعة سبب تألق الاقتصاد المصرى فى الخمسينيات والستينيات، حين كانت مصر إحدى القلاع العالمية فى هذا المجال. ومع ذلك، مرت هذه الصناعة بتحديات كبيرة أفقدتها زخمها وريادتها، لكنها الآن تنهض من جديد بفضل الجهود الحكومية التى تستهدف إحياء هذا القطاع الحيوى، وتحقيق الريادة العالمية من جديد».
وأضاف: «تعتبر صناعة الغزل والنسيج صناعة استراتيجية، لأنها ترتبط بقطاع زراعى حيوى، يتمثل فى زراعة القطن المصرى طويل التيلة، المعروف بجودته العالية عالميًا، وهذا القطن، الذى كان يُطلق عليه (ذهب مصر الأبيض)، لطالما كان علامة تجارية مسجلة لمصر فى الأسواق العالمية، إضافة إلى ذلك، فإن هذه الصناعة تعد مصدرًا رئيسيًا لتوفير فرص العمل، إذ يعمل بها آلاف العمال فى مختلف مراحل الإنتاج، بدءًا من زراعة القطن، وصولًا للتصنيع والتصدير».
ونوه بأن تلك الصناعة تعد محركًا مهمًا للصادرات المصرية، إذ تسهم بشكل كبير فى تحسين الميزان التجارى، وإلى جانب تأثيرها الاقتصادى تلعب هذه الصناعة دورًا اجتماعيًا فى تحسين مستويات المعيشة للمجتمعات الريفية والعمالية المرتبطة بها.
وأكد أن الحكومة تركز على إعادة الترويج للقطن المصرى كأفضل أنواع القطن فى العالم، مع إطلاق حملات تسويقية عالمية، تستهدف استعادة ثقة الأسواق الدولية.
وأشار إلى أنه إيمانًا بأهمية العنصر البشرى، جرى إنشاء مراكز تدريب متخصصة لتأهيل العمال والفنيين على أحدث أساليب الإنتاج والصيانة.
وأوضح: «تعود صناعة الغزل والنسيج الحكومية فى مصر تدريجيًا إلى الواجهة، بفضل رؤية واضحة، وجهود كبيرة تبذلها الدولة، ومع استمرار هذه الجهود فمن المتوقع أن تعود مصر إلى مكانتها كواحدة من أبرز الدول الرائدة عالميًا فى هذا المجال».
وقال: «هذه الصناعة ليست مجرد قطاع اقتصادى، بل هى رمز لتاريخ طويل من الإبداع والإنتاجية، وطريق لتحقيق مستقبل أكثر إشراقًا للاقتصاد الوطنى والمجتمع المصرى».
وأضاف: «تظل الآمال كبيرة، والطريق ملىء بالتحديات، لكن الإرادة الحقيقية والإجراءات الجادة تجعلان الحلم ممكنًا. صناعة الغزل والنسيج ليست فقط جزءًا من الماضى، بل هى بوابة إلى مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا».
وأشار إلى أن قطار التطوير انطلق وأوشك إلى الوصول إلى محطته النهائية عقب انتهاء التطوير، موضحًا: «بلغت التكلفة الاستثمارية نحو ٦٠ مليار جنيه، أى ما يوازى ١ مليار يورو، منها حوالى ٦٠٠ مليون يورو تكلفة المعدات والماكينات الجديدة، بينما المبلغ المتبقى جرى صرفه على المنشآت والتدريب».
وأكد أن خزينة الدولة لم تتكلف مليمًا واحدًا للتطوير، إذ جرى الإنفاق من خلال قرض بضمان وزارة المالية، و٣٠٪ من التكلفة المتبقية جرى الحصول عليها عبر خطة استثمار الأصول.
وأكد أن أكبر مصنع للغزل والنسيج فى العالم بالمحلة الكبرى ينتج ٥ أضعاف الإنتاج الذى تنتجه المصانع القديمة.
وذكر أن الخطة اعتمدت على تعظيم الاستفادة من أصول الشركات التابعة للقابضة للغزل والنسيج، واستثمار العوائد فى تطوير المصانع، والإدارة الرشيدة للأصول، ما مكن الشركة من تنفيذ أكبر مشروع لتطوير صناعة الغزل والنسيج فى تاريخ مصر، دون الضغط على ميزانية الدولة.
العمال: الرئيس غيّر حياتنا بمشروع التطوير.. والعمل بات أكثر سهولة والإنتاجية أعلى بكثير
اعتبر محمد عبدالفتاح، أحد مشرفى الإنتاج بالمصنع، أن مصنع المحلة الكبرى الجديد ليس مجرد مكان للعمل، بل هو حلم يتحقق
وقال: «رأينا فى السنوات الأخيرة اهتمامًا غير مسبوق بصناعة الغزل والنسيج، والتطوير الذى حدث هنا يجعلنا فخورين بما نقدمه للعالم، وأشكر الرئيس عبدالفتاح السيسى على دعمه المستمر هذه الصناعة، ونعاهد المصريين بأننا سنعمل بكل جهد للحفاظ على هذا الكنز الثمين».
فيما رأى إيهاب رأفت، رئيس وردية، أن المصنع كان حلمًا صعب المنال، موضحًا: «رأينا كيف تراجعت صناعة الغزل والنسيج لسنوات طويلة، ولكن بفضل القيادة الحكيمة للرئيس السيسى، شهدنا تحولًا غير مسبوق، ونحن نعمل الآن على أحدث الماكينات العالمية، ونشعر بأن تعبنا له قيمة حقيقية، ولم يكن من السهل أن نرى مصنعنا يعود ليكون الأكبر عالميًا، لكننا اليوم نرى ذلك يتحقق أمام أعيننا».
الأمر نفسه أكده فتحى جاد، رئيس وردية التحضيرات، بقوله: «أشعر بالأمان الوظيفى، وأرى مستقبلًا أفضل لأبنائى.. شكرًا للرئيس السيسى الذى أعاد لنا الأمل فى صناعتنا، وفى قدرتنا على تحقيق المستحيل». وعن التطوير تحدث سامح السيد، مشرف تدوير، قال: «كنت أواجه صعوبات كثيرة فى التعامل مع المعدات القديمة، التى كانت تؤثر على الإنتاج.. الآن، ومع تحديث الماكينات، أصبح العمل أكثر سهولة، والإنتاجية أعلى بكثير، فالتطوير لم يقتصر على المعدات فقط، بل شمل تدريبنا أيضًا.. وهذا التطوير غير حياتنا المهنية تمامًا». وفى نفس الإطار، قال وليد مسعد، مشرف تدوير: «الجودة كانت تمثل تحديًا كبيرًا لنا فى الماضى، ولكن مع التطوير أصبحنا قادرين على إنتاج منتجات بمواصفات عالمية، والآن نحن فخورون بأن منتجاتنا تصل إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية، وكل هذا لم يكن ليحدث لولا الإرادة السياسية التى دعمت هذا المشروع».
فيما قال شوقى صلاح، مشرف تدوير: «فخور بعملى هنا، فالمصنع ليس مجرد مكان للعمل، بل هو رمز للوطنية والنهضة الاقتصادية، والتطوير لم يجعل العمل أسهل فقط، بل جعلنا نشعر بقيمة أكبر لدورنا كعمال فى تحقيق رؤية مصر المستقبلية، وأشكر الرئيس السيسى الذى جعلنا نشعر بأهميتنا».
وعن تأثير المصنع قال أسعد العزب، مشرف غزل: «صناعة الغزل والنسيج فى مصر لها تاريخ طويل، وكانت دومًا تاج الصناعات الوطنية، ومع المشروع الجديد أشعر بأن هذه الصناعة تعود لعرشها الذهبى، فالرئيس السيسى لم يدعم التطوير الفنى فقط، بل أظهر اهتمامًا بالعمال أيضًا، ونحن نرى ذلك فى كل خطوة يتم تنفيذها».
فيما قال هانى الأجاوى، عامل تدوير: «فى الماضى، كنا نشعر بأننا نعمل فى صناعة تحتضر، ولكن اليوم نشعر بالفخر، لأننا جزء من نهضة اقتصادية، فتطوير المصنع لم يجعلنا نعمل فقط، بل جعلنا نحب العمل، ونؤمن بأن مصر قادرة على المنافسة عالميًا.. شكرًا للرئيس السيسى الذى أظهر لنا أن الصناعة الوطنية أولوية».
أما أحمد عبدالفتاح، عامل غزل، فقال: «كنت أعمل هنا منذ سنوات طويلة، لكننى لم أشعر من قبل بأننى جزء من شىء بهذا الحجم، والتطوير الذى حدث أعطانى فرصة جديدة للحياة المهنية، فنحن نعمل الآن وفق معايير عالمية، وأشعر بأن عملى يحدث فرقًا حقيقيًا، وشكرى للرئيس السيسى لا يوصف، فقد كان لنا السند والداعم الأول».