إبداع|| جعيفران وعجيبة في العتبة يدفعان الضريبة.. مقامة لـ محمد منتصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حط جعيفران وعجيبة، في العتبة التي تشبه التخشيبة، وعاد له الأمل عندما رأى رجلا كهل، فأتى العجوز وسأل، لما رآه يفتح دكانه ويجلس كأنما قعد عليه زمانه، واضعا رجلا على رجل، وماضغا في فمه الفجل، وجالسا يأكل كالعجل، يعبط في ذباب وجهه، فأقبل عليه جعيفران يخبره عن نفسه ويومه وأمسه: مرحبا يا أخ العرب في الدين واللسان، اسمي جعيفران، أحمق أهل زماني وأذكى أذكياء خِلاّني، عدُّوني جاهلا وما أنا بجاهل، ولست بهارب في النوازل ولا بطامعٍ في المنازل، أنيس لك في وحدتك، وصديق في غربتك، وأخ في محنتك،، أومن بالكتاب والتنزيل، ونعم الزائر ونعم النزيل، يحلو بي كل مكان، ويتحدث عني كل لسان، إذا غضبتَ لا أغضبُ، وإن كلفتني - كالحمار- لا أتعب، مسافر عبر الزمن، ولقيتُ ما لقيت من المحن، راكب للخطر ورفيق للسهر ونعم الصاحب أنا في السفر، فهل تكرم ضيفك يا أبا لكنة، قالها له وهو يقرأ اسمه أعلى الدكان ونسيت أن أسألك في أي عام نحن؟

نحن في سنة امشي من هنا، اكفينا يا رب شر ولاد الزنا، قالها عباس بقرف وأبعد عنه وجهه في ترف: ربنا يسهلك يا عم، ويكفينا شر الغم والهم، لا حول ولاقوة إلا بالله، الناس اتجننت ياولداه، كبروا وزاد الخرف، اللهم أتلفهم تلف، استكفيت من السالك والمسلوك وعندي أصدقاء كتير على الفيسبوك والتيك توك.

لم يفهم منه جعيفران شيئا، غير أنه سأله بصخب، التيسفوك؟ ثكلتك أمك يا عباس! أتسبني يابن اللئيمة؟! أيها التافه التعس المحفلط.

لم يفهم عباس معنى كلمة محفلط، فظن أن جعيفران أطال يده بالغلط، فأقسم ليؤكلنه الزلط، وأوغل في عرضه فقام بعضِّه، ودعكه كالتمرة، وأسقط عليه يده كالجمرة، وجمع له بنيه العشرة، بعدما أرسل لهم في مجموعة العائلة المسمى بالتنابلة، على تطبيق الواتسآب ولم يحسب للعاقبة حساب، أن الحقوا يا أولاد الكلب، أبوكم سيموت من الضرب! فانهال كل من حضرعلى المسكين ضربا فيه حتى بات كالعجين، ثم جاءت ضربة العجوز العنترية، ضربة كأنها أميرية، فأغمي على البليغ الأديب وعجيبة جالسة إلى جواره في نحيب، تمد عنقها ليستند عليه جسده الناحل حتى فاق، ووجد الليل أرخى ذيوله على الأرض، فلم يعرف لها طولا ولا عرض، ماذا حدث للناس أليست هذه مصر؟! أم أن وقاحة الناس باتت بلا حصر؟! كيف لهذا الأحمق مثلي ألا يفهمني؟ أم أن زمانا أتى على الناس هنا، بَّدل استقامة ألسنتهم اعوجاجا، وبات سؤالهم الإحسانَ إزعاجا، ومزج بين ألسنتهم وغيرهم امتزاجا، فلم يعد متحدثها مبينا، آه سأبيت اليوم حزينا، لكني قبل أن أجلس لأحزن سأقوم بنزال يراه كل أهل العتبة عن بكرة أمهم وأبيهم وزوجاتهم وبنيهم، أخذهم الله جميعا، فلينصفوني أو ليأخذوا مني عيوني..

قبل أبو لكنة تحدي الرجل على مرأى من أهل العتبة، وأعلنوا تحديا في المساء القريب، من سنة اعجب وانظر للعجيب، ليكون كسوق عكاظ، وتباهي فيه بالألفاظ، وينشر مباشرة عبر الفيسبوك كمناظرة.

وعهد عباس إلى ابنه ميدو الفتوة، ذو الشقاوة والقوة، أن يحشد له الناس، فوضع مكبر الصوت وخوف الناس من الموت، من معركة حامية، ووقعة دامية، بين أبيه عباس، التاجر السعيد، ذو الفهم البعيد، الذي لا يصلي العيد، فأقبلوا يا ناس وساندوا ابن الحتة: عباس، صاحب الرأي الصائب وشارب اللبن الرايب، الحاصل على شهادة الزور، المختومة بلبن العصفور، ومتقن فنون المخاريق في تلافي الخوازيق، وغنى مهرجانا شعبيا، رقصت له الدنيا وما قعدت وطربت وضربت، فعلم الناس في كل أرض بالنزال، وسألوا اللطف من المتعال، حتى ينتهي على خير، وأن يذبح عباسُ البخيل الطير، فتأكل الناس والطوارق في كل المغارب والمشارق.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ورشة عمل لشرح مستجدات إجراءات التصالح وتقنين وضع اليد بالدقهلية
التالى تنصيب اللجنة الوطنية لتسوية العقار الفلاحي