أكد مايكل ميتشل، المتحدث الإقليمى باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أن هناك تفاؤلًا حذرًا بشأن إحراز تقدم فى مفاوضات وقف إطلاق النار فى غزة، خلال الأيام المقبلة، مشيدًا بالدور المصرى فى هذه المفاوضات، واصفًا إياه بالحيوى والمحورى.
وأضاف «ميتشل»، فى حوار خاص مع «الدستور»، أن الولايات المتحدة تؤمن بأن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وترفض أى إجراءات قد تقوض هذا الخيار، من بينها إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل مرة أخرى. وفيما يتعلق بملف سوريا، أكد المتحدث الإقليمى باسم وزارة الخارجية الأمريكية دعم بلاده للانتقال السياسى الشامل فى البلاد، بقيادة السوريين أنفسهم، إلى جانب وجود حكومة تلتزم بحقوق الإنسان، ومحاسبة المتورطين فى الجرائم، مشيرًا فى الوقت ذاته إلى أن رفع «هيئة تحرير الشام» من قائمة المنظمات الإرهابية يتطلب «تغييرات جذرية» فى سلوكها أولًا.
■ هل يمكن أن ترفع الإدارة الأمريكية «هيئة تحرير الشام» من قوائم الإرهاب؟
- تواصل الولايات المتحدة تصنيف «هيئة تحرير الشام» كمنظمة إرهابية، بناءً على تاريخها الطويل فى الانتهاكات وارتباطها بجماعات متطرفة. رفع الهيئة من هذه القائمة يتطلب تغييرات جذرية فى سلوكها.
تشمل هذه التغييرات: وقف كل الأنشطة الإرهابية، والتخلى عن أى ارتباطات بجماعات متطرفة أخرى، وضمان التزامها بالقوانين الدولية، وتبنى نهج يعزز الاستقرار فى سوريا بدلًا من تقويضه.
هذه المعايير واضحة ومبنية على التزام الولايات المتحدة بمحاربة الإرهاب، والحفاظ على الأمن الإقليمى. الولايات المتحدة تتابع الموقف عن كثب، وتؤكد أن التصنيف يعتمد على الأفعال وليس الأقوال.
■ ما رؤية الإدارة الأمريكية لمستقبل سوريا؟ وهل هناك ملامح محددة تريدونها فى الحكومة السورية الجديدة؟
- ترى الولايات المتحدة أن مستقبل سوريا يعتمد على انتقال سياسى شامل يقوده السوريون، ويعكس إرادة الشعب السورى بأطيافه كلها. تدعم واشنطن حكومة سورية تلتزم بحقوق الإنسان، وتضمن مساءلة المسئولين عن الجرائم، وتعمل على تحقيق السلام والاستقرار الدائمين فى المنطقة. هذه الرؤية مبنية على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤.
■ ماذا عن المخاوف الأمريكية من عودة تنظيم «داعش» الإرهابى إلى سوريا مجددًا؟
- لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة بمنع عودة تنظيم «داعش»، عبر استراتيجية شاملة تشمل دعم القوات المحلية مثل «قوات سوريا الديمقراطية»، وضمان استقرار المناطق المحررة، وتعزيز جهود إعادة الإعمار والمصالحة المجتمعية، إلى جانب مواصلة العمل مع شركائنا فى «التحالف الدولى للقضاء على الإرهاب». عودة «داعش» تشكل تهديدًا خطيرًا، لذلك نسعى لتجفيف مصادر تمويله، ومنع استغلاله أى فراغ أمنى، مع التركيز على تعزيز الاستقرار، وإعادة تأهيل المجتمعات المتضررة، لمنع ظهور بيئة مواتية لعودة التنظيمات الإرهابية بصفة عامة.
■ كيف ترى الولايات المتحدة توسع القوات الإسرائيلية فى سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد؟
- تؤكد الولايات المتحدة دعمها الاتفاقيات الدولية التى تعنى بالاستقرار فى المنطقة، بما فى ذلك اتفاقية «فك الاشتباك» لعام ١٩٧٤ بين إسرائيل وسوريا. أفادت إسرائيل بأن تحركاتها فى المنطقة العازلة «مؤقتة» و«محدودة»، بهدف منع تسلل الجماعات الإرهابية وحماية حدودها.
نواصل التشديد على أهمية الحفاظ على الاستقرار، وضمان عدم تصعيد الوضع. كما ندعم تفويض قوات مراقبة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة لضمان الاستقرار الإقليمى. موقفنا من مرتفعات الجولان لم يتغير، وندعو جميع الأطراف إلى احترام القوانين الدولية، والبحث عن حلول دبلوماسية لتحقيق الأمن والسلام الدائمين فى المنطقة.
■ فيما يتعلق بملف غزة.. ما آخر تطورات مفاوضات وقف إطلاق النار، خاصة مع تقارير متفائلة حول قرب التوصل إلى اتفاق؟
- الولايات المتحدة مستمرة فى العمل مع شركائها لتحقيق وقف إطلاق نار دائم. نؤكد ضرورة الإفراج عن جميع الرهائن، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية بشكل فورى ومستدام. لا تزال المفاوضات مستمرة، وتشير التقارير إلى تقدم إيجابى نحو اتفاق طويل الأمد. نؤكد أيضًا رفضنا إعادة احتلال غزة بشكل كامل، وندعو إلى تعزيز دور السلطة الفلسطينية فى إدارة القطاع. على الرغم من التعقيدات، هناك تفاؤل حذر بشأن إحراز تقدم فى الأيام المقبلة.
■ هل لديكم رؤية محددة لمستقبل غزة بعد انتهاء الحرب؟
- تؤمن الولايات المتحدة بأن مستقبل غزة يجب أن يشمل إعادة الإعمار، وتعزيز الحكم الرشيد من خلال دور قوى للسلطة الفلسطينية، وضمان حقوق الإنسان.
نحن ملتزمون بدعم جهود تحقيق سلام دائم فى المنطقة، من خلال حلول سياسية تحقق الأمن والاستقرار للشعبين الفلسطينى والإسرائيلى على حد سواء. والأهم من هذا كله أن مستقبل غزة يجب ألا يتضمن وجود حركة «حماس الإرهابية»، التى تهدد إسرائيل، مع وجود ضمانات أمنية.
■ هل ما زال حل إقامة الدولتين قائمًا أو مطروحًا حتى الآن؟
- تؤمن الولايات المتحدة بأن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام الدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. نحن نعارض أى إجراءات تقوض هذا الحل، بما فى ذلك التوسع الاستيطانى أو التصعيد العسكرى. كما أننا نرفض إعادة احتلال غزة تمامًا، وندعو إلى تعزيز الحلول الدبلوماسية التى تضمن السلام والأمن للجميع.
■ فيما يتعلق بسد النهضة.. كيف يمكن حل هذه المشكلة التى تهدد الأمن المائى المصرى؟ وهل من الممكن أن تتدخل واشنطن كوسيط فى مفاوضاتها من جديد؟
- تدعم الولايات المتحدة حلًا تفاوضيًا يضمن الحقوق المائية لجميع الأطراف. نعتقد أن الحوار البناء هو السبيل الأمثل لحل الأزمة. نحن مستعدون لتقديم دعمنا كوسيط إذا طلبت الأطراف ذلك، مع التركيز على إيجاد توافق يوازن بين تنمية إثيوبيا والحقوق المائية لمصر والسودان.
■ كيف ترى الإدارة الأمريكية التوترات الحالية فى السودان والعراق؟
- فى السودان، تؤكد الولايات المتحدة قلقها العميق إزاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة التى تؤثر على ملايين المدنيين، خاصة فى دارفور. قدمت الولايات المتحدة مؤخرًا ٢٠٠ مليون دولار إضافية كمساعدات إنسانية، ليصل إجمالى دعمها إلى أكثر من ٢.٣ مليار دولار منذ بداية الصراع. ندعو الأطراف المتنازعة إلى وقف إطلاق النار فورًا، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، مع ضمان محاسبة المسئولين عن الجرائم ضد المدنيين.
أما فى العراق، فتواصل الولايات المتحدة دعم جهود الحكومة العراقية لتعزيز الأمن والاستقرار. نحن نعمل بشكل وثيق مع بغداد لضمان سيادة القانون، ومعالجة التحديات الأمنية والسياسية، مع التركيز على منع أى تصعيد قد يؤثر على استقرار المنطقة بصفة عامة.
كيف ترى الدور المصرى فى مفاوضات غزة؟
- تثنى الولايات المتحدة على الدور الحيوى الذى تلعبه مصر فى مفاوضات غزة. مصر شريك أساسى فى تحقيق الاستقرار، ولعبت دورًا محوريًا فى تسهيل الحوار بين الأطراف المختلفة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع. نحن نعمل عن كثب مع الحكومة المصرية لضمان التوصل إلى نتائج ملموسة تخدم مصلحة الشعب الفلسطينى، وتحافظ على الأمن الإقليمى.