الأحد 15/ديسمبر/2024 - 07:49 م 12/15/2024 7:49:41 PM
عندما تم تكليف محمد عبداللطيف وزيرًا للتربية والتعليم هاجت عليه الدنيا وماجت بشكل لم يسبق له مثيل، وقتها كتبت مقالين حول ضرورة منح هذا الرجل الفرصة للقيام بأداء دوره، ولا يجوز بأى حال من الأحوال أن نحكم على أداء الرجل قبل بدء مهامه فى هذه الحقيبة المهمة. لقد نجحت مصر فى كل المجالات وحققت إنجازات على الأرض بشكل أكثر من واضح، إلا حقيبة التربية والتعليم. ويعد التعليم قبل الجامعى هو الأساس والمؤهل لدخول الجامعات.
ورغم النجاح الباهر الذى حققته وزارة التعليم العالى فى مناحٍ كثيرة، وإدخال برامج دولية متعددة يستفيد منها أبناؤنا، فإن القصور ما زال يلاحق وزارة التربية والتعليم بشكل واضح وظاهر.. فى الأيام الماضية وردت إلىَّ رسائل كثيرة عن مخالفات جسيمة فيما يتعلق بالمدارس الحكومية، خاصة الدولية التابعة للوزارة. وقد رصدت هذه المخالفات التى لا تتمثل فى المناهج الحالية فحسب، ولا فى الفصول التى تكتظ بالتلاميذ، وإنما بأداء المعلمين أنفسهم الذين يحتاجون إلى إعادة تأهيل واسع. وقد كنت أتوقع من الوزير أن يقوم بهذا الدور المهم وتنظيم برامج لإعداد المعلمين من جديد، ليتوافقوا مع المعطيات الجديدة، والنهضة التى تشهدها البلاد، إلا أن ظنى قد خاب تمامًا. فهناك أزمة حقيقية فى أداء المعلمين داخل الفصول. تتمثل فى أن كثيرين منهم يعانون من عدم تأهيلهم للعملية التعليمية بشكل واضح. وهذا ما ظهر فى عدد كبير من المدارس الحكومية، خاصة الدولية التابعة للوزارة.
وأضرب مثلًا واحدًا لمعلمين يحرضون الأطفال على العنف فى وقائع بالغة الخطورة، وأحتفظ بعدم نشر الأسماء، لعل الوزير أو مساعده أو نائبه يكلفون خاطرهم باتخاذ أى موقف فى هذا الشأن. وليعلم الوزير وقيادات الوزارة أن دور المعلم فى تنشئة الأطفال هو محور أساسى فى بناء المجتمعات. ويتعدى دور المعلم مجرد نقل المعرفة، إلى تكوين شخصيات متكاملة. فهو القائد الروحى والمعلم العملى الذى يشكل عقول وأفكار الطلاب. يزرع المعلم فى نفوس الطلاب القيم الأخلاقية والمبادئ السامية، ويعلمهم أهمية العمل الجماعى والاحترام المتبادل. كما أنه يشجعهم على التفكير النقدى والإبداع، ويقوى ثقتهم بأنفسهم. ولا يقتصر دور المعلم على الحصص الدراسية فقط، بل يتعداه إلى أن يكون قدوة حسنة يقتدى بها الطلاب فى جميع جوانب حياتهم. فالمعلم هو الذى يلهم طلابه ويحفزهم على تحقيق أحلامهم، ويساعدهم على اكتشاف قدراتهم ومواهبهم، من خلال توفير بيئة تعليمية محفزة ومشجعة. كما يسهم المعلم فى بناء جيل واعٍ ومثقف وقادر على مواجهة تحديات المستقبل.
وليعلم الوزير أن تأثير المعلم على تلاميذه له قوة هائلة، تشكل شخصياتهم، وتوجه سلوكهم، وللأسف، قد يستغل البعض هذه القوة فى نشر بذور العنف والكراهية، بدلًا من زرع قيم السلام والمحبة. وهذا هو السبب الذى دفعنى إلى توجيه هذه الرسالة إلى محمد عبداللطيف. فعندما يدعو المعلم تلاميذه إلى العنف، فإنه يقوض كل المبادئ التربوية والأخلاقية التى يجب أن يتعلموها. فهو لا يقتصر على زرع بذور العنف فى نفوسهم فحسب، بل يدمر ثقتهم فى المؤسسات التعليمية، ويجعلهم يشككون فى قيم المجتمع. إن هذا السلوك المعيب يا معالى الوزير له عواقب وخيمة تمتد إلى ما هو أبعد من المدرسة، حيث قد ينتقل العنف من المدرسة إلى المجتمع ككل، ما يؤدى إلى تفكك النسيج الاجتماعى وتدهور العلاقات الإنسانية. من هنا تأتى أهمية اختيار المعلمين بعناية، وتدريبهم على المهارات التربوية اللازمة، لبناء مجتمعات سلمية ومتسامحة.
وفى انتظار الرد لتزويد معالى الوزير بكل المخالفات فى هذا الشأن.