أوكرانيا تنتقم في سوريا.. وبوتين يفاوض المتمردين!

أوكرانيا تنتقم في سوريا.. وبوتين يفاوض المتمردين!
أوكرانيا
      تنتقم
      في
      سوريا..
      وبوتين
      يفاوض
      المتمردين!

الأحد 15/ديسمبر/2024 - 12:53 م 12/15/2024 12:53:42 PM

تلقى المتمردون السوريون الذين وصلوا إلى السلطة في دمشق نهاية الأسبوع الماضي، طائرات بدون طيار ودعمًا آخر من عملاء المخابرات الأوكرانيين، الذين سعوا إلى تقويض روسيا وحلفائها السوريين، وفقًا لمصادر مطلعة على الأنشطة العسكرية الأوكرانية في الخارج.. وقالت هذه المصادر إن المخابرات الأوكرانية أرسلت نحو عشرين من مشغلي الطائرات بدون طيار ذوي الخبرة، وحوالي 150 طائرة بدون طيار، إلى مقر المعارضة في إدلب بسوريا قبل أربعة إلى خمسة أسابيع لمساعدة هيئة تحرير الشام، وهي جماعة المعارضة الرئيسية التي تتخذ من هناك مقرًا لها.. وتعتقد مصادر استخباراتية غربية، أن المساعدات من كييف لعبت دورًا في الإطاحة بالرئيس السوري، بشار الأسد.. لكنها كانت ملحوظة كجزء من جهد أوكراني أوسع نطاقًا، لضرب العمليات الروسية في الشرق الأوسط وإفريقيا وداخل روسيا نفسها.
كان برنامج المساعدة الأوكراني في سوريا سرًا مكشوفًا، على الرغم من أن كبار مسئولي إدارة بايدن قالوا مرارًا وتكرارًا، إنهم لم يكونوا على علم بذلك.. ودافع أوكرانيا واضح: في مواجهة هجوم روسي داخل بلادهم، بحثت المخابرات الأوكرانية عن جبهات أخرى، يمكن أن تتسبب فيها في كسر أنف روسيا وتقويض عملائها.. وقد أعلن الأوكرانيون عن نواياهم.. إذ نقلت صحيفة Kyiv Post، في مقال نشر في الثالث من يونيو الماضي، عن مصدر في جهاز المخابرات العسكرية الأوكراني، المعروف باسم (جور)، إنه (منذ بداية العام، شن المتمردون السوريون، بدعم من عملاء أوكرانيين، ضربات عديدة على المنشآت العسكرية الروسية في المنطقة).. ويشكو المسئولون الروس منذ أشهر، من الجهود شبه العسكرية الأوكرانية في سوريا.. إذ قال ألكسندر لافرينتييف، الممثل الخاص لروسيا في سوريا، في مقابلة أجريت مع وكالة تاس، (لدينا بالفعل معلومات تُفيد بأن المتخصصين الأوكرانيين من مديرية المخابرات الرئيسية في أوكرانيا، موجودون على أراضي إدلب).
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، قد قال كلامًا مُشابهًا في سبتمبر بشأن (مبعوثي المخابرات الأوكرانيين) في إدلب.. وأشار إلى أنهم كانوا يجرون (عمليات قذرة)، وفقًا لصحيفة (الوطن) السورية، التي أكدت أن اللفتنانت جنرال، كيريلو بودانوف، رئيس حكومة التحرير الشعبية، كان على اتصال شخصيًا بهيئة تحرير الشام.. وقبل أن يطيح هجوم هيئة تحرير الشام بالأسد، أكد المسئولون الروس أن صلة أوكرانيا بالجماعة المتمردة، كانت محاولة لتجنيد مقاتلين سوريين لحربها ضد الكرملين.. وزعم تقرير صدر في سبتمبر في موقع إليكتروني يسمى The Cradle، أن أوكرانيا عرضت خنسة وسبعين طائرة بدون طيار في صفقة (طائرات بدون طيار مقابل مقاتلين) مع هيئة تحرير الشام.. لكن لا يوجد أي دليل مستقل يدعم هذا الادعاء الروسي.
ومن الواضح، أن روسيا فوجئت بالتقدم السريع لهيئة تحرير الشام في دمشق.. ولكن من المثير للاهتمام، أن المصادر الروسية حاولت التقليل من الدور الأوكراني.. ونقل مقال نشر في الثاني من ديسمبر الحالي، في Middle East Eye، عن حساب روسي على تليجرام، قيل إنه يعكس وجهات نظر الجيش الروسي، قلل من مساعدة كييف: (أولا، قام أعضاء جور بزيارة إدلب، لكنهم بقوا هناك لفترة قصيرة فقط)، وهو ما لا يكفي لتدريب السوريين على تشغيل الطائرات بدون طيار(UAV، من نقطة الصفر.. و(ثانيا، لطالما كان لدى هيئة تحرير الشام برنامج طائرات بدون طيار خاص بها).
العملية السورية ليست المثال الوحيد، لعمل المخابرات العسكرية الأوكرانية في الخارج لمضايقة العملاء الروس.. إذ ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية BBC في أغسطس، أن أوكرانيا ساعدت المتمردين في شمال مالي في نصب كمين للمرتزقة الروس من مجموعة فاجنر.. وقالت هيئة الإذاعة البريطانية، إن هجوم السابع والعشرين من يوليو، أسفر عن مقتل أربعة وثمانين من عناصر فاجنر.. وأشاد أندريه يوسف، المتحدث باسم الحزب الوطني الثوري، بعملية مالي بعد عدة أيام، قائلًا إن المتمردين الماليين (تلقوا المعلومات الضرورية، وليس فقط المعلومات، التي مكنت من إجراء عملية عسكرية ناجحة ضد مجرمي الحرب الروس)، ووفقًا لـ BBC فإنه بعد الهجوم، قطعت مالي علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا.. وقد تعهد بودانوف، في أبريل 2023، بأن أوكرانيا ستلاحق الروس المذنبين بارتكاب جرائم حرب (في أي جزء من العالم).
ومثل غزوات أوكرانيا في إفريقيا وهجومها على منطقة كورسك داخل روسيا، تعكس العملية السرية في سوريا محاولة لتوسيع ساحة المعركة، وإلحاق الأذى بالروس في المناطق التي ليسوا مستعدين فيها.. صحيح، لم تكن مساعدات أوكرانيا بالطائرة بدون طيار، هي (القشة التي كسرت ظهر ذلك البعير)، إذا جاز التعبير.. لكنها ساعدت، بطريقة صغيرة على الأقل، في إسقاط أهم عميل لروسيا في الشرق الأوسط.. ومثل فشل إسرائيل في توقع اجتياح حماس عبر السياج الحدودي من غزة في السابع من أكتوبر 2023، رأت روسيا المتمردين المدعومين من أوكرانيا قادمين، لكنها لم تستطع التعبئة لوقف الهجوم ومنع العواقب المدمرة.
●●●
أدى سقوط الرئيس السوري بشار الأسد إلى ارتباك داعمه الرئيسي، روسيا، وكشف عن حدود القوة العسكرية للكرملين ونفوذه العالمي.. ولكن بالنسبة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، فإن خسارة أقرب حلفائه في الشرق الأوسط قد لا تكون سوى انتكاسة مؤقتة، في سعيه إلى تحقيق جائزة جيوسياسية أعظم: الانتصار في أوكرانيا.. يقول المحللون العسكريون والسياسيون، إن الفوز بالحرب في أوكرانيا أصبح هدفًا شاملًا بالنسبة لبوتن.. هذه النتيجة من شأنها، أن تبرر للزعيم الروسي الخسائر البشرية والاقتصادية الهائلة التي تكبدها نتيجة للصراع، وتحمي دولة روسيا ومكانتها العالمية، وتعوِّض عن الإخفاقات الاستراتيجية في أماكن أخرى، مثل سوريا.. وقد كتب ألكسندر بونوف، المحلل السياسي في مركز كارنيجي روسيا ـ أوراسيا، وهي مجموعة بحثية، (إن رهان بوتن على الحرب في أوكرانيا مرتفع للغاية، لدرجة أن الانتصار هناك من شأنه أن يجلب لروسيا مكافأة تاريخية: إما كل شيء أو لا شيء).. (إذا كان يعتقد أن مصير العالم يتقرر في دونباس، فإن مستقبل سوريا سيتقرر هناك أيضًا).
في الأمد القريب، وبينما تناور موسكو للحفاظ على قواعدها العسكرية في سوريا، قد يُكثف بوتن هجومه المُكلف في أوكرانيا لاستعادة بعض الهيبة.. وقد دعا المعلقون الروس ـ المؤيدون للحرب ـ بوتن إلى القيام بذلك على وجه التحديد، في حين طالبوا أيضًا بشروط سلام أكثر صرامة في أوكرانيا، لتجنب نوع وقف إطلاق النار غير الحاسم، الذي أدى في نهاية المطاف إلى سقوط الأسد.. ومن شأن السيناريوهين أن يعقدا وعد إدارة دونالد ترامب القادمة، بإنهاء القتال في أوكرانيا بسرعة.. ومع انهيار نظام الأسد، سخر الرئيس المنتخب دونالد ترامب من روسيا لفشلها في إنقاذ حليفها، ودعا بوتن إلى التوصل إلى اتفاق بشأن أوكرانيا، دون أن يوضح كيف قد يبدو هذا الاتفاق.. وكتب ترامب على منصته للتواصل الاجتماعيTruth Social، (روسيا في حالة ضعف الآن بسبب أوكرانيا والاقتصاد السيئ.. أنا أعرف فلاديمير جيدًا.. هذا هو وقته للتحرك).. وأشار المحللون إلى أن إحدى السمات الأكثر ثباتًا في حكم بوتن الغامض، الذي دام خمسة وعشرين عامًا، هي نفوره من التصرف من مواقف ضعف واضحة أو الخضوع للضغوط الخارجية.
كانت أوصاف بوتن لكيفية تحقيق النصر الروسي في أوكرانيا غامضة على الدوام.. وبحلول العام الماضي، تخلى الجيش الروسي عن محاولاته لشن هجمات كبرى، من شأنها أن تطيح بالدولة الأوكرانية.. وركز بدلًا من ذلك على شرق أوكرانيا، فمارس في الوقت نفسه ضغوطًا على قوات كييف في أجزاء متعددة من الجبهة، وقصف المدن الأوكرانية والبنية الأساسية الحيوية.. وفسر الخبراء العسكريون هذه الاستراتيجية، على أنها محاولة لاستنزاف الجيش والمجتمع الأوكراني، وإجبار كييف على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.. ولقد أشار بوتن ضمنًا، إلى أن أي اتفاق سلام، لابد وأن يسمح لروسيا بالاحتفاظ على الأقل بالأراضي التي احتلتها بالفعل، وأن يضمن حياد أوكرانيا العسكري، أي عدم انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي.. كما تريد روسيا قمع القدرة العسكرية لأوكرانيا.. وقال بوتن في منتدى في جنوب روسيا الشهر الماضي، (لا ينبغي لنا أن نتحدث عن وقف إطلاق النار لمدة نصف ساعة أو نصف عام، حتى يتمكنوا من إعادة إمداد الذخيرة)، في إشارة إلى أوكرانيا، التي رفضت مرارًا، أي شروط سلام من شأنها إضفاء الطابع الرسمي على خسارة أراضيها، أو منع البلاد من السعي للحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي.. وعلى المدى القريب، قد يؤدي التراجع الذي مُنيت به موسكو في سوريا، إلى تقليص مساحة التوصل إلى تسوية بشكل أكبر.
بالنسبة لبعض المحللين الروس، فإن النقاش حول رد فعل بوتن المحتمل على سقوط الأسد، يخفي درسًا أكثر أهمية من الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ ثلاثة عشر عامًا: (صعوبة الفوز في صراع طويل الأمد).. لقد أثبتت الحملة العسكرية الروسية لحشد أعداء الأسد في جيوب، أنها غير مجدية في نهاية المطاف، وهو وهم النصر الذي قد يتردد صداه في أوكرانيا.. وفي مقال كتبه رسلان بوخوف، الخبير العسكري الروسي البارز، عن سوريا لصحيفة Sant Kommer الروسية، (في عالمنا الحديث، لا يمكن تحقيق النصر إلا في حرب سريعة وقصيرة.. إذا لم تتمكن من تأمين نجاحك في المجال العسكري والسياسي، فسوف تخسر في النهاية، بغض النظر عما تفعله).. وهذا صحيح.
●●●
قبل ما يقرب من سبع سنوات بالضبط.. وقف الرئيس فلاديمير بوتن، مع القوات الروسية في قاعدتها الجوية في سوريا، وأعلن بفخر النصر على (الإرهابيين) في ذلك البلد، كجزء من التدخل العسكري للكرملين لدعم حكومة بشار الأسد في خضم الحرب الأهلية.. وفي نهاية الأسبوع الماضي، أصبحت تلك المكاسب التي تحققت بشق الأنفس، مجرد ذكرى بعيدة.. فقد فر الأسد على عجل إلى موسكو، بعد أن انهارت سلطته خلال الهجوم الخاطف الذي شنته المعارضة المسلحة، والذي لم يتمكن حلفاؤه الدوليون الرئيسيون، روسيا وإيران، من وقفه.. لقد كشف فشل الكرملين في منع سقوط الأسد السريع، عن حدود قوة روسيا وأضعف نفوذها الدولي في مرحلة محورية من حربها في أوكرانيا.
مع سقوط الأسد، أصبح مستقبل القواعد الروسية في سوريا ـ موطئ قدمها العسكري الوحيد خارج الاتحاد السوفييتي السابق ـ موضع تساؤل.. لقد تقلص عدد الطائرات الحربية الروسية في قاعدة حميميم الجوية، من بضع عشرات إلى بضع طائرات فقط، على الرغم من أنها لا تزال تشكل نقطة لوجيستية رئيسية، تستخدمها طائرات الشحن العسكرية الروسية، التي تنقل المقاتيلن الخاصين والإمدادات إلى إفريقيا، للتزود بالوقود، وفقدانها من شأنه أن يفرض مشاكل لوجيستية على العمليات هناك.. وقال الخبير في شئون الشرق الأوسط، نيكولاي سوخوف، المقيم في موسكو، (كانت أهمية سوريا بالنسبة لعمليات روسيا في إفريقيا لا تقدر بثمن).. وتستخدم السفن الحربية الروسية قاعدة طرطوس البحرية للصيانة والتزود بالوقود، وتجديد الإمدادات أثناء زياراتها إلى البحر الأبيض المتوسط.. وفي حين اجتاحت قوات المعارضة التي أطاحت بالأسد سوريا، أجرت البحرية والقوات الجوية الروسية تدريبات في شرق البحر الأبيض المتوسط، وكانت طرطوس مركز عملياتها.
وبينما منح بوتن الأسد وعائلته حق اللجوء في روسيا، تواصلت موسكو مع السلطات السورية الجديدة لمحاولة ضمان أمن قواعدها وتمديد إقامتها.. وسرعان ما تم رفع علم المعارضة على السفارة السورية في موسكو.. وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، ردا على سؤال بشأن القواعد، إنها ستكون موضوع مناقشات مستقبلية مع السلطات الجديدة.. وقال (إننا نشهد الآن فترة من التحول وعدم الاستقرار الشديد، لذا فمن الواضح أن الأمر سيستغرق وقتًا وسيتطلب محادثة جادة مع أولئك الذين سيتولون السلطة).. وتقول التقارير، إن القادة السوريين الجدد وعدوا بعدم مهاجمة المنشآت العسكرية الروسية.. وأشارت برونوين مادوكس، المديرة والرئيسة التنفيذية في Chatham House، إلى أن (أي حكومة تنشأ في دمشق من المتوقع ـ في الوقت الحالي ـ أن تحترم الاتفاق الذي توصل إليه الأسد، والذي يمنح روسيا استخدام قاعدة عسكرية على الساحل السوري).. لكنها أضافت أن (هذا الأصل المهم مُعرض للخطر)، وهو ما يعرض نفوذ روسيا الإقليمي للخطر.
لقد وجه سقوط الأسد السريع ضربة قوية لبوتن، في وقت يستعد فيه لإدارة أمريكية جديدة، وما يعنيه ذلك بالنسبة للحرب في أوكرانيا. وقد تعهد الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، بالتفاوض لإنهاء الصراع.. ويشير العديد من المراقبين، إلى أن الخسارة المُهينة لحليف روسيا الوحيد في الشرق الأوسط، قد أضعفت مكانة الكرملين على الساحة العالمية، وقد تضعف يد بوتن في أي مفاوضات بشأن أوكرانيا.. وفي تعليق لها، كتبت تاتيانا ستانوفايا، من مركز كارنيجي روسيا وأوراسيا، أن (القضية الرئيسية، هي كيف ستحاول موسكو الآن التكيف مع الحقائق الجديدة؟.. وما إذا كانت ستتمتع بالمرونة الكافية للتعامل مع الأسياد الجدد في سوريا، الذين يبدو أنهم مهتمون بتجنب الصراع مع موسكو في الوقت الحالي).. وهناك أيضًا احتمال أن يتخذ بوتن موقفًا أكثر تشددًا في المفاوضات، لتجنب الظهور بمظهر الضعيف.. وأضافت ستانوفايا، أن (انهيار الأسد هز بوتن أيضًا، مما جعله أقل ميلًا لإظهار المرونة في التعامل مع أوكرانيا.. لقد كلفته الحرب في أوكرانيا، إلى حد ما، سوريا، وهو ما يعزز عدم رغبته في تقديم تنازلات).
●●●
على أية حال، يبدو أن روسيا تتجه إلى الدبلوماسية للحفاظ على نفوذها في سوريا، حيث انخرطت في موجة من التواصل مع المتمردين، الذين وصفتهم بالإرهابيين قبل أيام فقط.. وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن السلطات الروسية تتخذ كل (الخطوات اللازمة، لإقامة اتصال في سوريا مع الجهات القادرة على ضمان أمن القواعد العسكرية)، القاعدة الجوية الكبيرة في شمال غرب سوريا، والمنشأة البحرية في ميناء طرطوس على البحر الأبيض المتوسط.. وفي وقت سابق، قال مصدر في الكرملين، لوسائل إعلام روسية رسمية، إن زعماء المعارضة السورية وافقوا على ضمان سلامة القواعد العسكرية والمؤسسات الدبلوماسية الروسية في سوريا، إذ تتمتع القاعدتان بأهمية كبيرة بالنسبة لروسيا: فمنشأة طرطوس تمنح فلاديمير بوتن القدرة على الوصول إلى ميناء في المياه الدافئة، في حين استخدمت موسكو قاعدة حميميم الجوية، كنقطة انطلاق لنقل المقاتلين العسكريين التابعين لها داخل وخارج إفريقيا.. ويقول المراقبون، إن السؤال الرئيسي الآن هو: ما إذا كانت روسيا ستتمكن من التوصل إلى اتفاق مع القادة الجدد في سوريا للاحتفاظ بقواعدها؟.
يقول دارا ماسيكوت، الزميل في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، (أفترض أن روسيا تريد الاحتفاظ بقواعد إذا استطاعت من خلال المفاوضات.. الموارد التي يمكنها تقديمها: المال، والمُقايضة، والنفط والغاز، والمرتزقة المحدودين.. ما يهم هو ما إذا كان التحالف السوري سيقبل أي شيء منهم).. واعتبارًا من يوم الاثنين الماضي، ظلت معظم الأصول العسكرية الروسية في القاعدتين، و(إذا حدث الإخلاء، فسيكون ذلك واضحًا).. ولم يقدم الكرملين الكثير من التفاصيل حول مستقبل القواعد، مشيرًا إلى أنه من السابق لأوانه، تحديد ما ينتظر وجوده العسكري في سوريا.. ولكن في الخلفية، يبدو أن المسئولين الروس أطلقوا حملة تواصل تستهدف القادة الذين أطاحوا بالأسد.. وخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، خففت موسكو ووسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة، بشكل ملحوظ، من خطابها تجاه جماعة هيئة تحرير الشام الإسلامية.. وانتقلت وكالتا الأنباء الروسيتان الرائدتان، ريا نوفوستي وتاس، من وصف هيئة تحرير الشام بأنها (إرهابية) إلى وصفها بأنها (معارضة مسلحة).. والتناقض واضح: فقبل أيام قليلة فقط، خلال مؤتمر صحفي في الدوحة، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، بغضب واضح، أن هيئة تحرير الشام هي منظمة إرهابية مدعومة من الغرب (ولا ينبغي السماح لها بالاستيلاء على الأراضي في سوريا).. وفي إشارة أخرى، إلى حرص روسيا على التواصل مع القيادة الجديدة في دمشق، رفعت السفارة السورية في موسكو العلم ذو النجوم الثلاث الخاص بالجماعات المتمردة السورية.. وفي سياق آخر، وجه السفير السوري في موسكو، انتقادات لاذعة للأسد في مقابلة مع قناة روسيا اليوم، حيث قال: (إن هروب رأس هذا النظام بهذه الطريقة البائسة والمذلة.. يؤكد صحة التغيير ويجلب الأمل في فجر جديد).
ويبدو أن التحول في النهج الروسي قد أثمر بعض الثمار المبكرة.. فعلى النقيض من إيران، التي تعرضت سفارتها في دمشق للنهب، ظلت سفارة موسكو على حالها.. وذكرت وكالة تاس نقلًا عن مصادر سورية، أن المعارضة (ليس لديها خطط لاختراق) القاعدتين العسكريتين الروسيتين.. وأشار مراقبون، إلى أن موسكو قد تتبنى استراتيجية في سوريا، مماثلة لنهجها مع طالبان، التي صنفت كمنظمة إرهابية منذ عام 2003، لكن الكرملين استقطبها بعد استيلائها على السلطة في أفغانستان عام 2021.. وقال نيكولاي سوكوف، الدبلوماسي الروسي والسوفييتي السابق، والباحث البارز في مركز فيينا لنزع السلاح ومنع الانتشار، (إن موسكو تفضل التعامل مع أولئك الذين يتمتعون بالسلطة والسيطرة، وتتخلص من أولئك الذين يفقدونها).. وهذا يترك الأسد في موقف غير ذي أهمية في العاصمة الروسية، بعد أن أصبح غير مفيد بالنسبة لبوتن!!.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الصناعات الغذائية المصرية تسجل نموًا بنسبة 18% خلال 2024
التالى بعد زلة لسانها.. رسالة تامر أمين إلى شيرين عبد الوهاب: احموها من نفسها