عاد الرئيس عبدالفتاح السيسي، مساء أمس الأربعاء، إلى أرض الوطن بعد جولة أوروبية شملت محطاتها الدنمارك، النرويج، وأيرلندا، وذلك في إطار تعزيز التعاون والتنسيق بين مصر والدول الأوروبية.
واستهل الرئيس السيسي، جولته الأوروبية بزيارة مملكة الدنمارك، والتي تعد أول زيارة لرئيس مصري إلى مملكة الدنمارك، منذ بدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في الأول من يونيو عام 1922.
وأجرى الرئيس السيسي، لقاءات متعددة مع ملك الدنمارك، ورئيسة الوزراء، ورئيس البرلمان الدنماركي، كما شارك في عدد من الفعاليات واللقاءات الاقتصادية التي توجت بتوقيع إعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، إلى جانب عدد من مذكرات التفاهم في مجالات التعاون المتنوعة.
مراسم استقبال رفيعة المستوى
وفي السادس من ديسمبر الجاري، التقى الرئيس السيسي، الملك "فريدريك العاشر" ملك الدنمارك، وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أنه تم إجراء مراسم استقبال رسمية رفيعة المستوى للرئيس السيسي، وفقًا للبروتوكولات المتبعة في زيارات الدولة، حيث تم عزف السلام الجمهوري المصري، ثم استعراض حرس الشرف، كما وضع الرئيس السيسي، إكليل الزهور على قبر الجندي المجهول، ثم انتقل الرئيس برفقة ملك وملكة الدنمارك إلى قصر أمالينبورج بواسطة عربات تجرها الخيول.
المؤتمر الاقتصادي المصري الدنماركي
وخلال الزيارة، افتتح الرئيس السيسي، والملك "فريدريك العاشر" بالعاصمة الدنماركية "كوبنهاجن"، المؤتمر الاقتصادي المصري الدنماركي، حيث تم إطلاق مجلس الأعمال بين البلدين، وذلك بحضور عدد من رجال الأعمال والرؤساء التنفيذيين لعدد من الشركات المصرية والدنماركية.
وأكد الرئيس السيسي، في كلمته خلال افتتاح المؤتمر، أن الشق الاقتصادي والتجاري والاستثماري وتعميق التعاون بين القطاع الخاص مـن الجانبين، يأتي فـي قلب الشـراكة الاستراتيجية بين مصر والدنمارك، لاسيما في القطاعات ذات الاهتمام المشترك، مثل الشحن والنقل البحري، والطاقة النظيفة والمتجددة والخضراء، وغيرها من القطاعات، التي توفر فيها مصر فرصًا كبيرة يمكن للجانب الدنماركي الاستفادة منها.
وأعرب الرئيس السيسي، عن ترحيب مصر بالمستثمرين الدنماركيين، للقيام بمشروعات في أي من المجالات ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم في زيادة حجم الاستثمارات الدنماركية في مصر، والبناء على النجاحات القائمة مثل التعاون القائم مع مجموعة "أي.بى.موللر.ميرسك".. الذى يعود إلى أكثر من "20" عامًا.
تعزيز استثمارات الشركات الدنماركية في مصر
وعلى هامش الزيارة، التقى الرئيس السيسي، "فيليب كريستياني"، رئيس شركة "شركاء كوبنهاجن للبنية التحتية"، الذي أعرب عن تطلع شركته للتعاون مع مصر، وتعزيز استثماراتها في قطاعات الطاقة النظيفة والمستدامة، نظرًا للفرص الواعدة ذات الصلة المتاحة بالسوق المصري.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن اللقاء تناول أيضًا فرص تعزيز استثمارات الشركة في مصر، والمشروعات التي يمكن تنفيذها في إطار جهود تطوير التعاون بين مصر والشركة.
كما التقى الرئيس السيسي، "روبرت ميرسك أوجلا"، رئيس مجلس إدارة مجموعة شركة "أيه بي موللر ميرسك"، الذي حرص على توجيه الشكر للرئيس السيسي، على الدعم الذي تقدمه الحكومة المصرية لأعمال الشركة في مصر، مشيدًا بالجهود التي تقوم بها مصر لجذب الاستثمارات الأجنبية في مختلف القطاعات، وتذليل أية عقبات أمام الشركات العاملة في مصر، مؤكدًا حرص الشركة على تعزيز تعاونها والنظر في زيادة حجم أعمالها في مصر.
عشاء رسمي ودعوة زيارة
وضمن فعاليات الزيارة، شارك الرئيس السيسي، في العشاء الرسمي الذي دعا إليه الملك "فريدريك العاشر" ملك الدنمارك على شرف الرئيس.
وقال الرئيس السيسي، في نص كلمته خلال العشاء: "كان من الطبيعي، أن تكون مملكة الدنمارك، هي المحطة الأولى فى جولتي في شمال أوروبا.. تمامًا كما اختارت الدنمارك مصر، لتكون مدخلها إلى القارة الإفريقية، وذلك في إطار استراتيجيتها للتعاون مع الدول الإفريقية".
وأضاف: "لا شك أن زيارتي إلى الدنمارك، تأتي في وقت تشهد فيه علاقاتنا الثنائية، نموًا ملحوظًا في مجالات التعاون المتعددة.. فضلًا عن التنسيق المستمر، بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".
وفي ختام كلمته، دعا الرئيس السيسي، ملك الدنمارك، إلى زيارة مصر وحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير باعتباره أكبر متحف مخصص لواحدة من أقدم الحضارات في التاريخ.
تعزيز العلاقات البرلمانية
واستمرارًا لبرنامج زيارته، التقى الرئيس السيسي، "سورين جاد يانسن"، رئيس البرلمان الدنماركي، الذي رحب بالسيد الرئيس، مشيدًا بالعلاقات بين البلدين الصديقين، ومؤكدًا اهتمام بلاده بتعزيز التعاون مع مصر لما لها من ثقل على المستويين الإقليمي والدولي.
وأشار الرئيس السيسي، إلى أهمية تعزيز العلاقات البرلمانية بين البلدين بما يعكس قوة وعمق العلاقات بين مصر والدنمارك، خاصةً في ضوء الدور المهم الذي تلعبه البرلمانات في تعزيز العلاقات الثنائية.
وشهد اللقاء، استعراض جهود التنمية التي تقوم بها مصر، وفرص التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، إلى جانب التباحث حول التطورات الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
وفي ختام زيارته للبرلمان الدنماركي، وقَّع الرئيس السيسي، في سجل زيارات كبار الشخصيات، متمنيًا للدنمارك وقياداتها وشعبها دوام التقدم والازدهار.
إعلان الشراكة الاستراتيجية وتوقيع مذكرات تفاهم
وفي 7 ديسمبر، التقى الرئيس السيسي، رئيسة وزراء الدنمارك "ميتا فريدريكسن"، حيث عقد الجانبان جلسة مباحثات بمشاركة وفدي البلدين، كما وقعَّا إعلان الشراكة الاستراتيجية بين مصر والدنمارك، وشهدا التوقيع على مذكرات تفاهم بين البلدين في عدد من المجالات، كما عقد الجانبان مؤتمرًا صحفيًا تناول نتائج المباحثات الثنائية.
وقال الرئيس السيسي، في كلمته خلال المؤتمر الصحفي: "لقد اتفقت وفخامة رئيسة الوزراء.. على أهمية تنفيذ محاور الإعلان المشترك.. الذي سيسهم في دفع أطر التعاون بين البلدين فى جميع المجالات، وعلى رأسها: النقل البحرى، والطاقة والتحول الأخضر، والصحة والبحث العلمي، والاستثمار والزراعة والسياحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب، ومكافحة الفقر والتصحر".
وأعرب الرئيس السيسي، عن تقديره لتفهم ودعم الدنمارك لمصر، للحفاظ على أمنها المائي بما يمثله من أولوية وجودية في ضوء الندرة المائية الشديدة، التي تعاني منها مصر.
وتطرقت المباحثات الثنائية، إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية، ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها القضية الفلسطينية حيث استعرضت الجهود المصرية الحثيثة للوقف الفوري للحرب في قطاع غزة، مع التأكيد على ضرورة النفاذ الكامل والآمن والمستدام، للمساعدات الإنسانية، دون شروط أوعراقيل.
وتناولت المباحثات أيضًا الوضع في لبنان والترحيب بالتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار فى لبنان، فضلًا عن استعراض التطورات الأخيرة في كل من سوريا والسودان، وأمن البحر الأحمر، والأزمة الأوكرانية، حيث كان هناك توافق في الرؤى على ضرورة بذل كافة الجهود؛ لإيجاد حلول دبلوماسية لهذه الأزمات كافة، وضرورة احترام سيادة الدول ومؤسساتها وأجهزتها الرسمية ومكافحة الإرهاب بها.
ملك الدنمارك يودع الرئيس السيسي في ختام زيارته
وفي ختام زيارته، أقام الرئيس السيسي، مأدبة عشاء على شرف الملك "فريدريك" العاشر ملك الدنمارك والملكة "ماري"، أعرب خلالها عن خالص شكره وتقديره لحفاوة الاستقبال بما يعكس عمق العلاقات بين البلدين.
وفي 8 ديسمبر الجاري، غادر الرئيس السيسي، مملكة الدنمارك، وكان في توديعه قبل المغادرة الملك "فريدريك العاشر" ملك الدنمارك والملكة "ماري".
كما وقَّع الرئيس السيسي، في سجل كبار الزوار بالقصر الملكي الدنماركي، وذلك قبل توجه الرئيس إلى العاصمة النرويجية "أوسلو" في ثاني محطات جولته الأوروبية.