حوار سياسي جاد وشامل لاستنهاض الحياة الحزبية
مخرجات الحوار الوطني تشكل رؤى نحو تمثيل شعبي أوسع
التماسك الداخلي والتحالف الوطني ركائز لإصلاح المناخ السياسي
في خطوة جديدة نحو إثراء الحياة السياسية في مصر، عُقد لقاء وطني كبير تحت شعار "نلتقي – نتحاور – نتشارك - من أجل مصر" جمع اللقاء نخبة من الشخصيات الوطنية والسياسية والاقتصادية والعلمية، من مختلف التيارات والاتجاهات، بهدف مناقشة آليات النهوض بالحياة الحزبية وتطوير المشهد السياسي، وهو ما سبق وقد أشار إليه موقع تحيا مصر في تقارير صحفية سابقة سلطت الضوء للمرة الأولى على التفاصيل الجوهرية.
تميزت جلسات الحوار بروح عالية من الشفافية والصراحة، حيث ناقش المشاركون المشهد السياسي والحزبي الحالي بكل أبعاده وتعقيداته، ورغم تنوع وتباين الأفكار التي طرحت، توافق الجميع على ضرورة اتخاذ خطوات واضحة ومحددة نحو إصلاح النظام الحزبي، بحيث يكون أكثر تمثيلًا لطموحات الشعب المصري وآماله في المستقبل.
قامات وطنية رفيعة تمثل بصمة خاصة
اتفق المشاركون على أن هذا اللقاء جاء بصفة شخصية لكل فرد منهم، بعيدًا عن أي انتماء أو تمثيل رسمي لكيانات أو جهات بعينها، الهدف الأساسي من الاجتماع كان المشاركة في حوار وطني صريح، يُمليه الواجب الوطني في ظل ما يفرضه الدستور والقانون من ضرورة الفصل بين العمل الحزبي والسياسي من جهة، والعمل الأهلي والمدني من جهة أخرى.
كما أشار الحاضرون إلى أن اللقاء يأتي استكمالًا للحوار الوطني الذي أطلقه الرئيس عبدالفتاح السيسي في أبريل 2022، والذي أكد على استمراره منذ ذلك الحين كمنصة تجمع القوى السياسية والاجتماعية في البلاد، بهدف التوافق حول أولويات العمل الوطني والمصالح العليا للدولة المصرية. وقد دعا الرئيس مؤخرًا، في سبتمبر 2024، إلى أن يكون هذا الحوار مفتوحًا ودائم الانعقاد.
تقييم الوضع السياسي وضرورة إنعاش المناخ السياسي
ناقش المجتمعون الواقع السياسي والحزبي الحالي في مصر، وخلصوا إلى أن مستوى الرضا الشعبي عن الحياة الحزبية ليس على المستوى المطلوب، مما يستدعي جهودًا مكثفة للإصلاح. وأكد الحاضرون أن المادة الخامسة من الدستور، التي تنص على أن النظام السياسي يقوم على التعددية الحزبية، يجب أن تكون البوصلة التي تُوجه عملية الإصلاح، وذلك في ظل وجود قامات مثل الوزير السابق عاصم الجزار ورئيس النواب السابق علي عبدالعال.
واستنادًا إلى تجربة مصر منذ ثورة 30 يونيو 2013، التي قامت على تحالف شعبي وسياسي واسع، شدد المشاركون على أن أي محاولة جادة للإصلاح السياسي يجب أن تستند إلى هذا التحالف الذي أسس "الجمهورية الجديدة"، وفتح الباب لبناء نظام سياسي أكثر شمولًا.
ائتلاف وطني لتحقيق المصالح العليا
دعا الحاضرون إلى تبني فكرة "الائتلاف الوطني" بين الأحزاب المختلفة كخطوة أساسية في المرحلة المقبلة، بهدف بناء أرضيات مشتركة وتفاهمات حول القضايا التي تخدم المواطن. وأكدوا أن هذا الائتلاف يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في الحياة السياسية، من خلال تعزيز التعاون بين مختلف الكيانات الوطنية.
وأشار المجتمعون إلى أهمية تفعيل مخرجات الحوار الوطني، خاصة فيما يتعلق بوضع نظام انتخابي دستوري يضمن التمثيل الحقيقي للشعب، ويعزز من دور البرلمان بمجلسيه.
مشاركة سياسية أوسع ودور محوري للمجالس المحلية
أكد الحاضرون أن توسيع المشاركة السياسية يتطلب إعادة المجالس الشعبية المحلية المنتخبة، التي تُعد عنصرًا أساسيًا في تقديم الخدمات المحلية للمواطنين، فضلًا عن دورها في إعداد القيادات السياسية والتنفيذية للمستقبل. وقد استندت المناقشات إلى الإجماع الذي خرجت به جلسات الحوار الوطني حول ضرورة إصلاح النظام الانتخابي لهذه المجالس.
وشدد المشاركون على ضرورة أن تخرج الأحزاب من الثنائية التقليدية التي اقتصرت على "الموالاة" أو "المعارضة". دعا الحاضرون إلى تبني مواقف مرنة تعتمد فقط على تحقيق مصالح الشعب، بحيث تكون الأحزاب قادرة على التفاعل مع الأداء الحكومي بموضوعية، دون التمسك بمواقف جامدة.
كما ناقش اللقاء سبل تعزيز التواصل بين الشعب ومؤسسات الدولة من خلال توسيع نطاق الحوار الوطني وفتح محاور جديدة تتيح تبادل الأفكار والرؤى بشكل أكثر فاعلية.
التماسك الداخلي والتحديات الإقليمية
في ظل التحديات الإقليمية والدولية التي تواجه مصر، أكد الحاضرون أن تماسك الجبهة الداخلية يمثل صمام الأمان الأساسي لاستقرار الدولة. وأشاروا إلى أن الحفاظ على هذا التماسك يتطلب مضاعفة الجهود لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز مشاركة المواطنين في اتخاذ القرار، وضمان تمثيلهم الحقيقي في كافة المؤسسات.
وفي ختام اللقاء، اتفق المجتمعون على اعتبار هذا الاجتماع نقطة انطلاق لتأسيس كيان جديد يُعبر عن المبادئ التي تم الاتفاق عليها. ستُشكَّل هيئة تأسيسية تعمل على تحويل الأفكار المطروحة إلى واقع ملموس يُسهم في إثراء الحياة الحزبية، ويدعم عملية الإصلاح السياسي التي تحتاجها مصر في هذه المرحلة المهمة من تاريخها.
وأخيرًا، دعا الحاضرون كافة القوى الوطنية إلى الانضمام لهذا الحوار والمساهمة في صياغة مستقبل سياسي أكثر شمولًا وعدالةً. أكد المشاركون أن مصر بحاجة إلى جهود جماعية وواعية لتحقيق تطلعات شعبها، وأن الحوار الوطني المستمر هو المفتاح الحقيقي للوصول إلى هذه الغاية.