قال الدكتور محمد فهيم رئيس مركز المناخ ومستشار وزير الزراعة، إن الحكومة المصرية تولي أهمية كبيرة للنهوض بزراعة القمح باعتباره أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي في ظل التحديات المناخية والاقتصادية المتزايدة، وفي إطار خطة موسم 2025، تتضافر جهود وزارات الزراعة، والتموين، والري، بالتعاون مع الهيئات البحثية والمؤسسات الإنتاجية، لتحقيق قفزة نوعية في إنتاج القمح عبر سلسلة من الخطوات الاستراتيجية.
وأوضح "فهيم" في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن وزارة الزراعة تمكنت بالتنسيق مع المراكز البحثية، من استنباط أصناف جديدة من القمح تمتاز بالإنتاجية العالية والقدرة على تحمل التغيرات المناخية، مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.
ومن بين هذه الأصناف سدس 15 الذي يتميز بإنتاجية مرتفعة ومقاومته للأمراض، بإضافة إلى سخا 96 وهو صنف قادر على تحمل الظروف المناخية القاسية، و صنف مصر4 وهو مبكر النضج يساهم في تقليل استهلاك المياه، إضافة إلى ذلك، تستمر زراعة أصناف معتمدة مثل "جيزة 171" و"سدس 14"، إلى جانب أصناف المكرونة مثل "بني سويف 5 و7"، ما يوسع خيارات المزارعين لتحسين العائد الاقتصادي وتقليل المخاطر الزراعية.
التوسع في المساحات المزروعة
وأشار "فهيم" إلى أن خطة الدولة لموسم 2025 تشمل استغلال الأراضي المستصلحة حديثًا لزيادة الرقعة الزراعية المخصصة للقمح، باستخدام أصناف متحملة نوعا ما للملوحة والجفاف، مما يُعزز زراعة القمح في الأراضي الجديدة.
وأوضح "فهيم" أن الدولة تعمل على تعزيز كفاءة الزراعة من خلال الاعتماد على نظم الزراعة الذكية والري الحديث، مثل الري المحوري في الأراضي المستصلحة حديثًا، كما يتم توسيع نطاق خدمات الإنذار المناخي المبكر، التي توفر للمزارعين معلومات دقيقة عن الظروف الجوية وتوصيات لحماية المحصول من التغيرات المناخية المفاجئة.
وأكد أن وزارة الزراعة تطلق برامج إرشادية مكثفة لمساعدة المزارعين على تحسين إنتاجيتهم عبر تقديم حزم معرفية حول توقيت الزراعة، طرق الري، واستخدام الأسمدة المناسبة، وزيادة الوعي بمخاطر التغيرات المناخية وكيفية التكيف معها، كما يتم التركيز على مكافحة الآفات باستخدام برامج متطورة وفرق مدربة، بالإضافة إلى توفير مبيدات آمنة لحماية المحصول من الأمراض مثل الصدأ الأصفر.
تحسين منظومة التخزين
وأضاف رئيس مركز المناخ، أن تعزيز الأمن الغذائي يتطلب تحسين قدرات التخزين عبر إنشاء صوامع حديثة وتقليل الفاقد أثناء النقل والتخزين، كما تم رفع سعر توريد القمح لتشجيع المزارعين على زيادة المساحات المزروعة بالمحصول، مما يساهم في دعم الاقتصاد الزراعي وتحقيق عائد مناسب للمزارعين.
وأوضح أن المراكز البحثية تلعب، مثل مركز البحوث الزراعية، دورًا محوريًا في تطوير تقنيات مستدامة لزيادة إنتاجية القمح. كما تتعاون مصر مع المنظمات الدولية، لتنفيذ برامج تدريبية وتطوير دراسات تطبيقية تعزز الإنتاجية وتقلل من تأثير التغيرات المناخية.
وأضاف إلى أن هذه الجهود تهدف إلى تقليص الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك من القمح، حيث يبلغ الإنتاج المحلي حاليًا 10 ملايين طن سنويًا، بينما يقدر الاستهلاك بنحو 20 مليون طن، ومع التوسع في المساحات المزروعة واستخدام تقنيات حديثة، تتوقع الدولة زيادة الإنتاج تدريجيًا للوصول إلى الاكتفاء الذاتي بحلول عام 2030.
تأتي هذه المبادرات في إطار رؤية مصر لتعزيز التنمية المستدامة وضمان الأمن الغذائي، مما يضع القمح على رأس الأولويات الوطنية لمواجهة التحديات المناخية والاقتصادية الراهنة.