ستون يومًا، تقريبًا، تفصلنا عن بدء فعاليات النسخة الخامسة والخمسين لـ«المنتدى الاقتصادى العالمى»، «World Economic Forum» الذى سيشارك فيه عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات والوزراء والمسئولين، وعدد أكبر من الخبراء الاقتصاديين والأكاديميين وقادة القطاع الخاص وروّاد التكنولوجيا، من أجل تبادل الرؤى والتوصل إلى حلول مبتكرة لمواجهة التحديات الدولية، والتعامل مع الصدمات الجيوسياسية، وتحفيز النمو، و... و... وإدارة التحول العادل فى مجال الطاقة.
المنتدى، الذى يقام سنويًا فى منتجع «دافوس» السويسرى، أسسه الاقتصادى الألمانى كلاوس شوب، سنة ١٩٧١، ويرأسه حاليًا النرويجى بورج برانديه، الذى أشاد، أمس السبت، بالخطوات الكبيرة التى اتخذتها مصر فى الإصلاح الاقتصادى لتعزيز استقرار الاقتصاد الكلى، ومواجهة التحديات التنموية الدولية والإقليمية، مشيرًا إلى اهتمام المنتدى بتسليط الضوء على التجربة المصرية الناجحة، عبر منصاته المختلفة.
كما أعرب رئيس المنتدى الاقتصادى العالمى عن تقديره العلاقة الوثيقة بين مصر والمنتدى، التى تجسدت فى العديد من أوجه التعاون المشترك، وعلى رأسها الحوار الاستراتيجى، الذى جمعهما، سنة ٢٠٢١، بمشاركة رئيس مجلس الوزراء، نيابة عن رئيس الجمهورية، وعدد من قادة الأعمال الدوليين المؤثرين، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية فى القطاعات الواعدة، انطلاقًا مما تمتلكه مصر من مقومات.
انطلقت الشراكة الاستراتيجية مع المنتدى سنة ٢٠٢٠، وتعززت بالتطورات التى حققتها مصر على مستوى الرؤى والاستراتيجيات الوطنية، وإسهامها فى دفع الجهود الدولية على مستوى العمل المناخى. ومن خلال الرئاسة المشتركة لشبكة تحفيز الاستثمار فى الطاقة النظيفة والمتجددة فى الاقتصادات الناشئة، التى أطلقها المنتدى فى اجتماعاته السنوية السابقة، تعمل مصر مع المنتدى على تعزيز التعاون بين دول الجنوب، لمشاركة أفضل التجارب الناجحة فى حشد التمويل، وجذب الاستثمارات لمشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة، والتباحث حول سبل مواجهة التحديات التى تواجه الدول الناشئة فى هذا المجال.
المهم، هو أن «برانديه»، Borge Brende، زار القاهرة، أمس، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى والوفد المرافق له، بحضور رئيس مجلس الوزراء، ووزراء التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، والخارجية، والاستثمار والتجارة الخارجية. وجرى، خلال اللقاء، تناول جهود مصر التنموية، وما تتيحه مشروعات البنية التحتية والصناعة والزراعة من فرص استثمارية كبيرة. وأكد الرئيس السيسى لرئيس المنتدى أهمية التعاون المشترك، وتشجيع القطاع الخاص الأجنبى على الاستثمار فى قطاعات الصناعة والطاقة المستدامة والاتصالات والتحول الرقمى والذكاء الاصطناعى والنقل.
تناول اللقاء، أيضًا أو طبعًا، تطورات الأوضاع الإقليمية، وفى هذا السياق، استمع رئيس المنتدى الاقتصادى العالمى إلى رؤية الرئيس حول سبل تحقيق السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط، والآثار السلبية الناجمة عن استمرار الصراع فى قطاع غزة ولبنان ومخاطر وعواقب تصعيده، خاصة على الأوضاع الاقتصادية العالمية، وتطلعات شعوب المنطقة نحو التنمية والازدهار. ومجددًا، جرى التأكيد على أولوية الوقف الفورى لإطلاق النار، وضرورة بدء عملية سياسية تسفر عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة، باعتبارها الضامن لعودة الاستقرار إلى المنطقة وتعزيز المضى فى مسار التنمية.
لاحقًا، عقدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، اجتماعًا مع رئيس المنتدى الاقتصادى العالمى، لبحث مجالات التعاون المستقبلى بين مصر والمنتدى، والبناء على شراكتهما الاستراتيجية. وفى ضوء عضوية المشاط فى عدد من مراكز وتحالفات المنتدى المهمة، مثل: «مركز الاقتصاد الجديد والمجتمع» و«تحالف المرونة» و«مبادرة مستقبل النمو» وغيرها، تم التباحث حول آليات وسبل التعاون مع المنتدى فى هذه المجالات، لتعزيز المرونة البيئية والاقتصادية والاجتماعية فى ظل الصدمات المتكررة، بداية من الاجتماعات السنوية للمنتدى، المقرر عقدها فى يناير المقبل.
.. وتبقى الإشارة إلى أن رئيس المنتدى الاقتصادى العالمى أكد أن مصر هى الدولة الوحيدة التى قامت بإصدار كتاب يوثق خطواتها الإصلاحية والتنموية عقب الحوار الاستراتيجى بين الجانبين، سنة ٢٠٢١، لافتًا إلى أنه يمكن البناء على ذلك الكتاب، أو هذه الخطوات، لعرض الفرص الاستثمارية فى مصر، والترويج، عبر منصات المنتدى المختلفة، لما تقوم به الدولة المصرية فى الوقت الحالى.