فلذة كبدي تضيع مني بسبب لهثها وراء المشاعر الكاذبة

سيدتي، لك مني السلام عبر هذا المنبر الذي أعتبره ملاذا لكل من ظل الطريق ، ولست أخفيك أنني أعتبر نفسي محظوظة لأنني حظيت منك بإستقبال يليق بما في قلبي من غصة.فاجعتي في إبنتي كبيرة سيدتي، وليس لي سوى قلوب حائرة نبراس أستدل به حتى أنال منك و من قراء فضائي المفضل ما يريجني من عناء االتفكير حتى أبلغ مرفـأ الأمان.

كما أسلفت الذكر سيدتيـ ،فقد فجعت في أعز ما أملك: إبنتي قرّة عيني  ، فلذة كبدي وثمرة زواجي من رجل إرتأيت أن أترك له الجمل بما حمل وأحيا وحيدة بعيدة عنه بعد أن ساء الحال وتحطمت الآمال في أن يستتب الخير والهناء بيننا.

بعد طلاقي مباشرة عهدت على تربية إبنتي ورعايتها إلى أن تخرجت من الجامعة،  وفي الوقت الذي توسمت أن يكون لها مستقبل واعد، و من أنها ستحيا مستقرة نفسيا مع من يقدرها ويفهمها، فارس أحلام يأتيها في الوقت المناسب ليحقق لها أحلامها، كيف لا وهي الكيسة الذكية الفطنة.

إلا أن ّحلمي هذا سرعان ما إندثر لما وجدت إبنتي الوحيدة تهوى الهوينة وهي تعشق شابا هامت به وعدها بالزواج والمستقبل الوردي ،لتفجع بعد أن إكتشفت أنه متزوج وله أبناء ، علاقة سرعان ما إنطفأ نورها وتلاشى وهجها وإبنتي تخرج منها خالية الوثاق.

وبعد تقربي من إبنتي لمعرفة ما المّ بها، تفاجأت أنّ المسكينة  وقعت ضحية إنسياقها وراء رجل مثّل عليها دور المحبّ ببراعة ليخدعها في الأخير ببشاعة، شاب كان في الأمس القريب  المحبّ المغدق عليها بالحنان الذي لم تجده عند والدها الذي أعاد بناء حياته وأدار ظهره لها. لست أدري إن كان الحب قد جعل منها أنثى ساذجة حال ذكاؤها دون أن تكتشف كذبة العمر التي منيت بها، أم أنّ الشاب كان ذئبا في صورة إنسان نهشها ونكل بفؤادها الطيب.

أحيا اليوم وأنا بين غدو ورواح للطبيب النفسي أين أعالج إبنتي  من إنهيار عصبي خلق لدبها حالة من الهلع والاأمان.

أطلب منك سيدتي الرأي السّديد الذي يمكنني به أن أرتاح على روحي التي فقدت طعم الحياة.

أختكم أم جنى من الشرق الجزائري.

الرد:

هوّني عليك أختاه، ولا تحمّلي قلبك ما لا طاقة لك به،ولتتأكدي من أن معضلتك تحتاج بعض الوقت حتى تعود الأمور لمجراها الطبيعي.

أدرك حجم وعظم الكرب الذي تمرين به، لكن الأجدر بك أن تتسلّحي بالصّبر والقوّة حتى تتمكني من مجابهة ما تمر به إبنتك والذي إنعكس عليك أنت أيضا.

عديد الفتيات ضحايا الطلاق تمرن بإنتكاسات عاطفية جراء تهورهن وفتح أبواب قلبهن لمن لا يستحقّ، فحاجة البنت الملحة إلى صدر حنون وقلب محب لا تضاهيها حاجة، ومهما لعبت الأم  بعد الطلاق دور الأب والأم معا، فإنها لن تنجح في تغطية الصدع أو الشرخ الذي يسكن قلب البنت التي تظل تفتقد والدها مهما كانت عيوبه ونقائصه.

سيدتي،كنت في الوقت المناسب إلى جانب إبنتك، حيث أنك عرضتها على الطبيب الذي بإمكانه أن يعرف حجم ودرجة الإنهيار الذي بلغته، وإن كان يبقى قربك منها أهمّ شيء عليها أن تحس به. موقف من وهبتها الحياة حساس جدا، وهي تلوم نفسها في اليوم ألف مرة لأنها منحت قلبها لمن لا يستحقه، فلتكوني إذا مثالا للقوة التي يحتذى به أمامها حتى تتمكن هي من الوقوف من جديد على بر الأمان.

عليك أن تحمدي الله أنك كنت مستودع أسرار إبنتك التي سرعان ما هرعت نحوك عند إحساسها بالخطر كما انه عليك أن تحسسيها بأنها لم تذنب عندما أحبت وقبلت بشاب مناها بالزواج والإستقرار، فالذنب ذنب من كذب وموّه وأخفى الحقيقة.

أن تكون الفتاة ناجحة دراسيا وحاملة لأكبر الشهادات لا يعني أنها تحوز جهاز كشف الكذب لتعرف من هو لها ومن عليها، فالطيبة وحسن الظن أبدا لا يقاسان بالدرجة العلمية، وهذا ما يجب أن تفهميه وتقدريه سيدتي، ولتكثري من الدعاء لإبنتك بأن يرزقها الله على قدر طيبتها وحسن نواياها ، رجلا صالحا ينسيها ما مرت به من أحزان.

ردت:”ب.س”

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق أدوار مجتمعية رائدة.. الأجهزة الأمنية بالفيوم تعيد طفل لأسرته
التالى حقيقة قضاء طلاب مدرسة في بنها طابور الصباح بالشارع