يحتفل الأقباط غدًا الجمعة، بذكرى رئيس الملائكة الجليل جبرائيل، ونياحة الأنبا يوساب بجبل الاساس، واستشهاد القديس تادرس فيرو، بالاضافة الى ذكرى نياحة البابا زخارياس الرابع والستون من باباوات الإسكندرية ، الذي كان من أهل الإسكندرية ، ورسم قسا بها.
وكان طاهر السيرة ، وديع الخلق ، ولما تنيح القديس فيلوثاؤس البابا الثالث والستون ، اجتمع الأساقفة ليختاروا بالهام الله من يصلح، وبينما هم مجتمعون في كنيسة القديس مرقس الرسولي يبحثون عمن يصلح ، بلغهم إن أحد أعيان الإسكندرية المدعو إبراهيم بن بشر ، قدم رشوة ، وحصل علي مرسوم بتعيينه بطريركا ، وأوفد مع بعض الجند إلى الإسكندرية ، فحزنوا وطلبوا بقلب واحد من الله إن يمنع عن كنيسته هذا الذي يتقدم لرعايتها بالرشوة ، وإن يختار لها من يصلح.
وفيما هم علي هذا الحال ، نزل الاب زخارياس من سلم الكنيسة يحمل جرة ، فزلت قدمه وسقط يتدحرج إلى الأرض ، وإذ ظلت الجرة بيده سالمة تعجب الأساقفة والكهنة من ذلك، وسألوا عنه أهل الثغر ، فاجمع الكل علي تقواه وعلمه ، فاتفق رأيهم مع الأساقفة علي تقدمته بطريركا ، ووصل إبراهيم بن بشر فوجدهم قد انتهوا من تكريس الاب زخارياس بطريركا ، ثم قام الأباء الأساقفة باستدعاء إبراهيم وطيبوا خاطره ورسموه قسا فقمصا ، ثم وعدوه بالأسقفية عند خلو إحدى الإبراشيات.
كما يحيي الاقباط غدا ايضا ذكرى نياحة الانبا تيموثاوس أسقف أنصنا، وقد نشا منذ حداثته بارا تقيا ، وترهب وهو لا يزال صغيرا ، فسلك في حياة الفضيلة ، ونظرا لما كان عليه من الخصال الحميدة والفضائل والعلم اختير أسقفا علي مدينة انصنا ، فداوم علي وعظ المؤمنين وإرشاد الناس إلى الإيمان بالمسيح ، فقبض عليه الوالي وعذبه بأنواع العذاب داخل السجن وخارجه مده ثلاث سنوات متوالية.
وكان معه في السجن كثيرون قبض عليهم من اجل الإيمان ، ولم يزل هذا العاتي يخرج منهم ويسفك دمهم بعد تعذيبهم ، إلى إن بقي في الحبس جماعة قليلة كان منهم هذا الاب ، ولما أهلك الرب دقلديانوس ، وملك المحب للمسيح قسطنطين ، وأمر بإطلاق المحبوسين في سبيل الإيمان بالمسيح بجميع الأقطار الخاضعة لسلطانه ، فخرج هذا القديس من بينهم ومضي إلى كرسيه وجمع الكهنة الذين في إبروشيته ، ورفع صلاة إلى الله تعالي دامت ليلة كاملة ، وكان يطلب من اجل خلاص نفس الوالي الذي عذبه قائلا " لان هذا يا رب هو الذي سبب لي الخير العظيم باتصالي بك ، فاحسن إليه ليتصل بك".
فتعجب المجتمعون من طهارة قلب هذا الاب العامل بقول سيده " احبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا إلى مبغضيكم ، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم" ، ولما اتصل خبر ذلك بالوالي تعجب قائلا " لقد كنت أظن انه يذمني علي ما لحقه مني ، فقد أسأت إليه كثيرا ولكنه قابل إساءتي له بالدعاء لي ، حقا إن مذهب هؤلاء القوم مذهب الهي وليس أرضي" ، ثم أرسل فاستحضره واستعلم عن حقائق الدين المسيحي ، فعرفه الاب سبب تجسد الابن ، وما تكلم به الأنبياء عنه قبل ذلك بسنين كثيرة ، وبعد ما بين له إتمام أقوالهم واثبت ذلك من نصوص الإنجيل ، آمن الوالي بالمسيح فعمده الاب الأسقف وترك الولاية وترهب ، أما القديس فظل مداوما علي تعليم رعيته ، حارسا لها ، إلى إن تنيح.