لم يتراجع الرئيس الأميركي المُنتخَب دونالد ترامب عن "وعوده الانتخابية"، إن صحّ التعبير، في "خطاب النصر" الذي ألقاه أمام أنصاره قبل إعلان فوزه رسميًا برئاسة الولايات المتحدة، على حساب منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، إذ كرّر القول إنّه "لن يبدأ الحروب بل سينهيها"، متناغمًا في ذلك مع ما كان قد أعلنه مرارًا عن أنّه سينهي حرب أوكرانيا هلال 24 ساعة، وكذلك الأمر بالنسبة للحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان.
لكن في مقابل كلام ترامب هذا، رُصِدت "حماسة" عالية من جانب الحكومة الإسرائيلية، التي هلّلت لفوز من وُصِف بأنّه "المرشح المفضّل" لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي لم يتأخر في تهنئة "صديقه" على وصفها بـ"أعظم عودة في التاريخ"، معتبرًا الأمر بمثابة "بداية جديدة، تعتبر تجديدًا قويًا للالتزام بالتحالف العظيم بين إسرائيل وأميركا"، قبل أن يختصر الأمر بأنّه "انتصار كبير"، على حدّ وصفه.
فلسطينيًا ولبنانيًا، وتحديدًا على مستويي "حركة حماس" و"حزب الله"، جاءت المواقف أكثر حذرًا، حيث قال الحزب على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم إنه لا يعوّل على نتائج الانتخابات الأميركية للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار، فيما أكدت الحركة أنّ موقفها من الإدارة الجديدة يعتمد على "موقفها وسلوكها العملي تجاه الفلسطينيين وحقوقه المشروعة وقضيته العادلة"، فهل يمكن الرهان على ترامب فعلاً، لإنهاء الحروب المفتوحة في المنطقة؟!
العلاقة الاستراتيجية لن تتغيّر
في المبدأ، يؤكد العارفون على "الثابتة البديهية" التي لا نقاش فيها، وهي أنّ العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لا تتأثر بهوية الرئيس، وما إذا كان منتميًا إلى الحزب الديمقراطي أو الحزب الجمهوري، إذ تُعَدّ علاقة استراتيجية يتمسّك بها جميع الرؤساء، وهو ما تكرّس على مرّ التاريخ الحديث، حيث كان الدعم الأميركي لإسرائيل مُطلَقًا، رغم بعض الاختلافات التي قد تطفو على السطح بين الفينة والأخرى، من دون أن تؤثّر بالضرورة على "جوهر" العلاقة.
ولعلّ هذه "الثابتة" تجد زخمًا أكبر مع ترامب، ممّا كانت في عهد بايدن، بدليل الحفاوة الإسرائيلية الكبيرة به، ولا سيما من جانب نتنياهو، على الرغم من أنّ هناك من يعتقد أنّ دعم بايدن المُطلَق لحرب الإبادة على قطاع غزة كان من أحد أسباب هزيمة نائبته كامالا هاريس، التي اعتُبِرت جزءًا من الإدارة، علمًا أنّ بايدن لم يتردّد في وصف نفسه بـ"الصهيوني" سابقًا، في إشارة إلى دعمه لإسرائيل، فضلاً عن تبنّيه للسردية الإسرائيلية من دون أيّ نقاش.
وإذا كانت العلاقة بين بايدن ونتنياهو شهدت محطّات هبوط وصعود كثيرة، حتى قيل إنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي يرفض تقديم أيّ "هدايا" للرئيس الأميركي، فإنّ الانطباع السائد هو أنّ الحال مع ترامب ستكون مختلفة، ولا سيما أنّ الأخير سبق أن نسج علاقة "استثنائية" مع نتنياهو، وهو الذي اعترف في عهده السابق بالقدس عاصمة لإسرائيل، في سابقة أولى من نوعها، كما أنّه أطلق ما سُمّيت بـ"صفقة القرن"، التي ترجمت باتفاقات أبراهام التطبيعية.
هل يختلف النهج؟!
لكن، أبعد من العلاقة الاستراتيجية الثابتة، والتي قد تتكرّس أكثر فأكثر ما بعد تنصيب ترامب رئيسًا عائدًا إلى البيت الأبيض، ثمّة من يعتقد أنّ شيئًا ما سيختلف في النهج، استنادًا إلى أسلوب ترامب، وربما الحزب الجمهوري، الذي لا يرى مصلحة في الحروب المفتوحة، ويفضّل الحصول على ما يريده وتحقيق أهدافه بطرق أخرى، ولو أخذت شكل "الدبلوماسية"، كما حصل في العديد من الحروب السابقة، بما في ذلك حرب تموز 2006، في عهد جورج بوش الابن.
في هذا السياق، تتفاوت وجهات النظر، إذ ثمّة من يعتقد أنّ ترامب سينجح في إنهاء الحروب، ليكون عهده بمثابة "بداية جديدة"، وهو بذلك يقصد أوكرانيا، لكنه يقصد الشرق الأوسط أيضًا، علمًا أنّ بعض المعطيات أشارت إلى أنّه طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي "إنجاز المهمة" خلال الشهرين الفاصلين عن وصوله إلى البيت الأبيض، بمعنى أنه أعطاه "مهلة محدّدة" لإنجاز ما يستطيع إنجازه عسكريًا، قبل الانتقال إلى طاولة المفاوضات.
في المقابل، ثمّة من يعتقد أنّ ما عبّر عنه ترامب في هذا الإطار ليس أكثر من "وهم" لا يمكن الرهان أو البناء عليه، خصوصًا أنّ القاصي والداني يدرك أنّه لن يقف في وجه إسرائيل في حال وجدت أنّ المصلحة تقتضي استكمال الحرب، علمًا أنّ نتنياهو يقول صراحةً إنّه لن ينهي الحرب قبل تحقيق أهدافها، وهو ما لا يزال مستبعَدًا في الظروف الحالية، كما أنّ خطوته الأخيرة بإقالة وزير الدفاع وتعيين آخر مكانه، لا تدلّ على نيّة بوقف الحرب قريبًا.
قد يكون الأمر "تعلّقًا" بأيّ "نافذة أمل"، أكثر منه "رهانًا حقيقيًا" على قدرة الرئيس الأميركي الجديد على تحقيق ما عجز عنه سلفه، ووقف الحرب الإسرائيلية العبثية في المنطقة، ولا سيما أنّه من قال إنّه سينهيها. وإذا كان مثل هذا الرهان ينطلق أيضًا من اعتقاد بـ"دينامية جديدة" لا بدّ أن يخلقها إنجاز الاستحقاق الأميركي الذي طال انتظاره، فإنّ ثمّة من يعتقد أنّ مثل هذا النقاش سيبقى مؤجّلاً في كل الأحوال، حتى نهاية العام على الأقلّ!
Advertisement
لكن في مقابل كلام ترامب هذا، رُصِدت "حماسة" عالية من جانب الحكومة الإسرائيلية، التي هلّلت لفوز من وُصِف بأنّه "المرشح المفضّل" لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي لم يتأخر في تهنئة "صديقه" على وصفها بـ"أعظم عودة في التاريخ"، معتبرًا الأمر بمثابة "بداية جديدة، تعتبر تجديدًا قويًا للالتزام بالتحالف العظيم بين إسرائيل وأميركا"، قبل أن يختصر الأمر بأنّه "انتصار كبير"، على حدّ وصفه.
فلسطينيًا ولبنانيًا، وتحديدًا على مستويي "حركة حماس" و"حزب الله"، جاءت المواقف أكثر حذرًا، حيث قال الحزب على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم إنه لا يعوّل على نتائج الانتخابات الأميركية للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار، فيما أكدت الحركة أنّ موقفها من الإدارة الجديدة يعتمد على "موقفها وسلوكها العملي تجاه الفلسطينيين وحقوقه المشروعة وقضيته العادلة"، فهل يمكن الرهان على ترامب فعلاً، لإنهاء الحروب المفتوحة في المنطقة؟!
العلاقة الاستراتيجية لن تتغيّر
في المبدأ، يؤكد العارفون على "الثابتة البديهية" التي لا نقاش فيها، وهي أنّ العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لا تتأثر بهوية الرئيس، وما إذا كان منتميًا إلى الحزب الديمقراطي أو الحزب الجمهوري، إذ تُعَدّ علاقة استراتيجية يتمسّك بها جميع الرؤساء، وهو ما تكرّس على مرّ التاريخ الحديث، حيث كان الدعم الأميركي لإسرائيل مُطلَقًا، رغم بعض الاختلافات التي قد تطفو على السطح بين الفينة والأخرى، من دون أن تؤثّر بالضرورة على "جوهر" العلاقة.
ولعلّ هذه "الثابتة" تجد زخمًا أكبر مع ترامب، ممّا كانت في عهد بايدن، بدليل الحفاوة الإسرائيلية الكبيرة به، ولا سيما من جانب نتنياهو، على الرغم من أنّ هناك من يعتقد أنّ دعم بايدن المُطلَق لحرب الإبادة على قطاع غزة كان من أحد أسباب هزيمة نائبته كامالا هاريس، التي اعتُبِرت جزءًا من الإدارة، علمًا أنّ بايدن لم يتردّد في وصف نفسه بـ"الصهيوني" سابقًا، في إشارة إلى دعمه لإسرائيل، فضلاً عن تبنّيه للسردية الإسرائيلية من دون أيّ نقاش.
وإذا كانت العلاقة بين بايدن ونتنياهو شهدت محطّات هبوط وصعود كثيرة، حتى قيل إنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي يرفض تقديم أيّ "هدايا" للرئيس الأميركي، فإنّ الانطباع السائد هو أنّ الحال مع ترامب ستكون مختلفة، ولا سيما أنّ الأخير سبق أن نسج علاقة "استثنائية" مع نتنياهو، وهو الذي اعترف في عهده السابق بالقدس عاصمة لإسرائيل، في سابقة أولى من نوعها، كما أنّه أطلق ما سُمّيت بـ"صفقة القرن"، التي ترجمت باتفاقات أبراهام التطبيعية.
هل يختلف النهج؟!
لكن، أبعد من العلاقة الاستراتيجية الثابتة، والتي قد تتكرّس أكثر فأكثر ما بعد تنصيب ترامب رئيسًا عائدًا إلى البيت الأبيض، ثمّة من يعتقد أنّ شيئًا ما سيختلف في النهج، استنادًا إلى أسلوب ترامب، وربما الحزب الجمهوري، الذي لا يرى مصلحة في الحروب المفتوحة، ويفضّل الحصول على ما يريده وتحقيق أهدافه بطرق أخرى، ولو أخذت شكل "الدبلوماسية"، كما حصل في العديد من الحروب السابقة، بما في ذلك حرب تموز 2006، في عهد جورج بوش الابن.
في هذا السياق، تتفاوت وجهات النظر، إذ ثمّة من يعتقد أنّ ترامب سينجح في إنهاء الحروب، ليكون عهده بمثابة "بداية جديدة"، وهو بذلك يقصد أوكرانيا، لكنه يقصد الشرق الأوسط أيضًا، علمًا أنّ بعض المعطيات أشارت إلى أنّه طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي "إنجاز المهمة" خلال الشهرين الفاصلين عن وصوله إلى البيت الأبيض، بمعنى أنه أعطاه "مهلة محدّدة" لإنجاز ما يستطيع إنجازه عسكريًا، قبل الانتقال إلى طاولة المفاوضات.
في المقابل، ثمّة من يعتقد أنّ ما عبّر عنه ترامب في هذا الإطار ليس أكثر من "وهم" لا يمكن الرهان أو البناء عليه، خصوصًا أنّ القاصي والداني يدرك أنّه لن يقف في وجه إسرائيل في حال وجدت أنّ المصلحة تقتضي استكمال الحرب، علمًا أنّ نتنياهو يقول صراحةً إنّه لن ينهي الحرب قبل تحقيق أهدافها، وهو ما لا يزال مستبعَدًا في الظروف الحالية، كما أنّ خطوته الأخيرة بإقالة وزير الدفاع وتعيين آخر مكانه، لا تدلّ على نيّة بوقف الحرب قريبًا.
قد يكون الأمر "تعلّقًا" بأيّ "نافذة أمل"، أكثر منه "رهانًا حقيقيًا" على قدرة الرئيس الأميركي الجديد على تحقيق ما عجز عنه سلفه، ووقف الحرب الإسرائيلية العبثية في المنطقة، ولا سيما أنّه من قال إنّه سينهيها. وإذا كان مثل هذا الرهان ينطلق أيضًا من اعتقاد بـ"دينامية جديدة" لا بدّ أن يخلقها إنجاز الاستحقاق الأميركي الذي طال انتظاره، فإنّ ثمّة من يعتقد أنّ مثل هذا النقاش سيبقى مؤجّلاً في كل الأحوال، حتى نهاية العام على الأقلّ!