مؤمن الجندي يكتب: نشر الغسيل بالمقلوب

مؤمن الجندي يكتب: نشر الغسيل بالمقلوب
مؤمن
      الجندي
      يكتب:
      نشر
      الغسيل
      بالمقلوب

لماذا تضعين هذا الغسيل بالمقلوب في الخلف على الحبل يا أمي؟ لقد كان سؤالًا بريئًا لي وأنا طفل! لكن جاءت الإجابة لتفتح لي بابًا مهمًا في درس خصوصي بعنوان "الخصوصية والحياء".. حيث تُعد ظاهرة نشر الأمهات الغسيل بالمقلوب من أبرز التقاليد المصرية التي تعكس قيم الحياء والخصوصية في مجتمعاتنا، فبينما تتابع الحياة اليومية وتتعامل مع انفتاح العالم، تبقى هذه العادة بمثابة صرخة خفية تعبر عن رغبة الأمهات في حماية خصوصيات أسرهن.. لكن هذا ما لم يحدث لبعثة مصر في الإمارات تحديدًا بأبوظبي للعب نهائي كأس السوبر المصري لكرة القدم!.

وهنا أقصد ما أقول بعثة مصر وليس الأهلي والزمالك! فالبداية والنهاية معًا.. ترحيل لاعب الأهلي للقاهرة وتوقيع غرامة عليه بقيمة مليون جنيه وإعلان التفاصيل والسبب "الإنفلاتي"، ثلاثي الزمالك في قسم الشرطة وإحالة للنيابة بسبب تعدي على أمن الاستاد! تهديد رئيس نادي الزمالك بعدم لعب نهائي السوبر وإصدار بيان على لسان المتحدث الرسمي بالتفكير في العودة للقاهرة بسبب الأجواء غير المناسبة والضغوط غير المحتملة التي تتعرض لها البعثة.. لماذا ننشر غسيلنا بهذا الشكل على الملأ؟

نشر الغسيل بالمقلوب ليس مجرد إجراء ظاهريًا بل هو تعبير عن القوة والحرص على كرامة الأسرة.. فعندما تقوم الأم بتعليق الملابس بحيث لا تُرى تفاصيلها، فإنها تتخذ موقفًا يعكس اهتمامًا بالحفاظ على الصورة العامة للعائلة (مصر)، ويُظهر وعيًا عميقًا بأهمية الحياء للحفاظ على القيم الأصيلة، في ظل تغيرات العصر.

قمة حولناها إلى قاع

الحقيقة بعيدًا عن القمة التي حولناها إلى قاع! ليس نشر الغسيل بهذا الشكل في كرة القدم فقط.. لقد حول بعض الأشخاص -لا أعلم من؟- في السنوات الأخيرة، ثقافة نشر الغسيل بالمقلوب في الخلف إلى شاشة عرض لكل من هب ودب أن يتلذذ بالمشاهدة والانتقاد وتكوين صورة ذهنية عن (مصر) أنها كذلك.. وهي في الحقيقة ليست كما يريدون أن يصدروها لنا ولكم في الخارج! بالمناسبة هذا تحقيق خطير لا بد أن يراعيه كل مسؤول.

فالملابس المقلوبة -"ليس كل شيء ينشر أمام الجميع"- تُشبه الجدران التي تحمي الأسرار والأحاسيس، وتُعتبر درعًا واقيًا ضد نظرات الآخرين، فهي تُبرز روح الانتماء والتلاحم والمحافظة على التراث بصورة ذهنية حقيقية في عالم يتسم بالسرعة والانفتاح، تظل هذه العادة "Reminder" للعودة إلى الجذور، إلى ذلك الحياء الذي يُشعر الجميع بالراحة والأمان بل والفخر.. إنها دعوة للتفكر في قيمة الخصوصية وكيف يمكن أن تسهم في بناء مجتمع أكثر تماسكًا واحترامًا.

باختصار، ظاهرة "نشر الغسيل غير النظيف" أمام الجميع لا بد أن يتم التحكم بها.. فما حدث في السوبر المصري بالإمارات ليس إلا نقطة في بحر هذه الظاهرة التي باتت خطرًا حقيقيًا - من وجهة نظري - يهدد مصر كبلد عريق رائد ومؤثر بل مُصدر لكل ما هو جميل وراقي ومتفرد في كل المجالات بحكم التاريخ.. أرجوكم عودوا إلى الحياء، الخصوصية، والهوية التي ينبغي علينا احترامها والحفاظ عليها.. “مصر متستاهلش مننا كدة”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق وقف حركة الطيران بالكامل في مطار بن غوريون
التالى الجيش الإسرائيلي يعلن إجراءات طوارئ في منطقة تل أبيب