بعيدا عن النظريات التي تتحدث عن ان الانتخابات الاميركية لن تؤثر على واقع الحرب في الشرق الاوسط على اعتبار ان السياسة العامة واستراتيجية واشنطن تجاه المنطقة لن تتغير، فإن الواقع يقول بأن مرحلة ما بعد الانتخابات لن تكون كما قبلها خصوصا لجهة "نعومة" التعاطي الاميركي مع نتنياهو، ولان الاولويات الاستراتيجية ستعود لتفرض نفسها على طاولة القرار في البيت الابيض.
Advertisement
من الواضح ان اسرائيل لن تستطيع تحمل الاستنزاف الحقيقي الذي تعاني منه عند الحدود الجنوبية، اذ انه لا يمر يوم ولا تعترف اسرائيل فيه بإصابة خمسين جنديا كحد ادنى، وهذا في بعض الاحيان لا يشمل الا الاصابات الخطيرة كما نشرت وسائل اعلام اسرائيلية امس، وعليه فإن حجم الخسائر سيزداد في الايام المقبلة مع كل تقدم داخل القرى اللبنانية لان التماس سيزيد مع عناصر الحزب.
لكن، ليس الاستنزاف وحده هو الذي سيدفع الى انهاء الحرب، بل ايضا رغبة الاميركيين الحاسمة بعدم توسع المعركة، وهذه الرغبة سيكون لها دافع تنفيذي في ظل ادارة جديدة لا تحتاج الى اصوات اللوبي اليهودي في الانتخابات كما يحصل اليوم، كما ان الرئيس الجديد، ايا كان لن يكون بضعف الرئيس الحالي جو بايدن..
في الايام المقبلة، ستقوم اسرائيل بالرد على ايران، وبغض النظر عن حجم الرد ومستواه، ستقوم طهران برد كبير على اسرائيل الامر الذي سيوصل المنطقة الى تبادل ضربات بين الطرفين، وهذا هو عمليا شفير الحرب الاقليمية الذي ترفضه واشنطن كلياً، وستزيد ضغوطها تاليا لوقف الحرب والحد منها.
كما انه من المتوقع ان تؤجل ايران ردها على الضربة الاسرائيلية المفترضة الى ما بعد الخامس من تشرين الثاني، اي بعد اختيار رئيس اميركي جديد، وعندها سيكون التصعيد الايراني مدخلا قوياً للحل وانهاء النزاع العسكري، خصوصا ان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو حقق احد اهم اهدافه في غزة واستطاع قتل رئيس المكتب السياسي في حركة حماس يحيى السنوار وهذا ما يمكن ان يسوقه للرأي العام الاسرائيلي...
امام كل هذا الواقع قرر "حزب الله" التصعيد والذهاب بعيدا عبر محاولة اغتيال نتنياهو وذلك لارباك اسرائيل خلال هامش الوقت الضيق الذي تتمتع به، اذ ان الايحاء بأن هناك قرارا بالذهاب الى اقصى مسار التصعيد يعني ان اسرائيل يجب عليها التركيز على الجبهة اللبنانية وان اي انفجار مع ايران سيحرر" حزب الله" اكثر ويجعله اقدر على ايذاء اسرائيل لاسباب مرتبطة بالدفاعات الجوية اولا وبالجهد الجوي الذي سيتركز على ايران..