الحرائق بين اليوم والأمس: تجدد المطالبة بخطة طوارئ حقيقية

لبنان24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
في مشهدٍ يتكرّر كل عام، عاد لهيب الحرائق ليأكل مساحاتٍ خضراء في لبنان، من الجنوب إلى الجبل. مشهدٌ مألوف في بلدٍ يزداد هشاشةً بيئية، يذكّر اللبنانيين بحرائق عام 2019 التي كشفت آنذاك ضعف الدولة أمام الكوارث الطبيعية، وها هو التاريخ يعيد نفسه، لكن على وقع تغيّرات مناخية وأمنية أكثر خطورة.

Advertisement

فمنذ مطلع هذا الأسبوع، تواصل فرق الدفاع المدني محاولاتها لإخماد حرائق ضخمة اندلعت في منطقة جزين وامتدّت نحو بلدات الجبل الجنوبي، حيث التهمت النيران أحراج الصنوبر والزيتون، مدفوعةً برياحٍ جافة ودرجات حرارة مرتفعة.
وبينما عملت  طوافات الجيش وفرق الدفاع المدني على السيطرة على الحرائق، لا تزال أصوات الأهالي ترتفع مطالبةً بخطة طوارئ حقيقية تتجاوز ردّ الفعل الآني، وتؤسس لسياسة وطنية للوقاية والاستجابة.
تُعيد هذه المشاهد إلى الأذهان حرائق عام 2019 التي شكّلت محطة مفصلية في الوعي البيئي اللبناني. يومها تحدّث خبراء الإطفاء عن شبهات حول افتعال بعض الحرائق، إذ كانت النيران تندلع في أكثر من منطقة في الوقت نفسه، وهو ما يتكرّر اليوم في عدد من المناطق اللبنانية حيث تتداخل الأسباب الطبيعية بالبشرية، بين الإهمال المتعمّد واستعمال النار في مواسم الجفاف.
ما يختلف اليوم عن حرائق الماضي أنّ لبنان يعيش في قلب أزمة مناخية متفاقمة. فارتفاع درجات الحرارة وتراجع نسبة الأمطار جعلا الغطاء النباتي أكثر هشاشة، فيما تتضاعف أيام الجفاف سنوياً، بحسب تقارير منظمات بيئية لبنانية ودولية.
ويضاف إلى ذلك البعد الأمني المستجد، إذ إن عدداً من الحرائق الأخيرة نتج عن قصفٍ أو اشتباكات في الجنوب، ما يجعل مكافحة النيران عملية معقّدة تتداخل فيها الاعتبارات البيئية والعسكرية معاً.
في مواجهة هذا الواقع، يرى مراقون بيئيون أنّ الحلول التقنية تبقى غير كافية في غياب إرادة سياسية واضحة لتطبيق القوانين، ومحاسبة المتسبّبين بالحرائق، وتنظيم البناء العشوائي الذي يلتهم الغابات عاماً بعد عام.
حرائق اليوم ليست حدثاً طارئاً بل استمرار لسلسلة من الإخفاقات في إدارة الثروة الحرجية في لبنان. بين 2019 و2025 تغيّر المناخ، وتغيّرت الظروف، لكن بنية الاستجابة الرسمية ما زالت هشّة.
ففي بلدٍ يعاني من أزمات مالية وأمنية متراكمة، تشكل الطبيعة احد ابرز المتضرّرين الذين لا يجدون من يدافع عنهم.

أخبار ذات صلة

0 تعليق