Advertisement
فوسط سلسلة من الأنشطة التي تهدف إلى تعزيز الوعي بالتراث اللبناني، تمّ في 22 تموز تدشين منحوتات تمثل "بطريرك الحياة في قنوبين"، "بطار
كة إهدن الستة"، وتمثال "سيدة لورد" ، وذلك تكريمًا لشخصيات بارزة في تاريخ الوادي المقدس. كما تم افتتاح درب سيدة لورد، المجهز لاستراحات الصلاة والتأمل، مما يتيح للزوار تجربة روحية مميزة.
وفي 9 أيلول، تم تدشين مركز الاستقبال العصري "بوابة قنوبين"، الذي يوفر معلومات شاملة عن معالم الوادي المقدس، بما في ذلك خرائط دروب المشاة، المعالم الدينية والطبيعية، وأسماء الأدلاء السياحيين، مع الإشارة إلى أن المركز يهدف إلى تسهيل تجربة الزوار وتوفير بيئة تعليمية تفاعلية.

لم تقتصر الفعاليات على الأنشطة الثقافية، بل شملت أيضًا برامج خدمية واجتماعية. من بين هذه الأنشطة، خدمة المسنين في "بيت داود" الذي يُخصص لهذه الخدمة في موقع الحديقة، بالإضافة إلى سلسلة زيارات حج ديني لمؤسسات مهتمة، وحفلات فنية في التراث الشعبي اللبناني من الزجل والموسيقى والغناء والرسم.
تُعد فعاليات "حديقة البطاركة" في الديمان نموذجًا حيًا للجهود المبذولة لإحياء التراث اللبناني والحفاظ عليه، خاصة وأن الدراسات الأثرية أظهرت أن الوادي المقدس كان مركزًا للحياة الروحية والاجتماعية والسياسية لمجتمعات قديمة، حيث احتضن معابد ومقامات دينية استخدمها السكان لممارسة طقوسهم التقليدية.
كما أن تصميمه العمراني يعكس فهمًا متقدمًا للبيئة، إذ تم بناء المنازل والمعابد بطريقة تتناغم مع التضاريس الجبلية والأنهار المتدفقة، مما ساهم في حماية المنشآت من عوامل التعرية الطبيعية عبر العصور. هذه العلاقة الوثيقة بين الإنسان والطبيعة جعلت من الوادي نموذجًا فريدًا لفهم التراث البشري وعلاقته بالبيئة.

وقد ساهم الوادي المقدس على مدار السنوات في تعزيز السياحة الثقافية، إذ يجذب آلاف الزوار من مختلف أنحاء العالم، سواء من الباحثين الأكاديميين أو السياح الفضوليين الذين يرغبون في اكتشاف التاريخ عن قرب. وتعتبر الجولات التعليمية داخل الوادي وسيلة فعالة لتعريف الأجيال الجديدة بقيم التراث العالمي وأهمية الحفاظ على المواقع التاريخية. وقد قامت بعض الجهات المحلية والدولية بمشاريع ترميم للحفاظ على المعالم الأثرية، بما يضمن استمرارها كمرجع حضاري للأجيال القادمة.
علاوة على ذلك، يلتزم الوادي المقدس بمبادئ الحفاظ على البيئة والتوازن البيئي، إذ تم وضع استراتيجيات لإدارة النفايات، وتنظيم حركة السياح، والتقليل من التأثيرات البشرية على الموقع، بما يحقق توازنًا بين الحفاظ على التراث والتطوير السياحي. ويُظهر الوادي من خلال هذه المبادرات كيف يمكن للمواقع التاريخية أن تكون حاضنة للثقافة والتاريخ والطبيعة في آن واحد، دون أن تتعرض قيمتها للاندثار.

ولا يقتصر تأثير الوادي المقدس على السياحة والتاريخ فحسب، بل يمتد ليشمل البحث العلمي والثقافي، إذ يوفر مادة غنية للباحثين في مجالات الآثار والأنثروبولوجيا والتاريخ البيئي. وتساهم الدراسات المستمرة في الوادي في فهم حضارات قديمة، وتقنيات البناء التقليدية، والعادات الاجتماعية، وكذلك استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية عبر التاريخ.
في النهاية، يُجسد الوادي المقدس نموذجًا حيًا لتكامل التراث، الثقافة، والطبيعة، ويثبت أن الحفاظ على المواقع التاريخية لا يقتصر على حماية الحجر والآثار فحسب، بل يشمل صون الهوية الإنسانية والنقل الحضاري للأجيال.













0 تعليق