Advertisement
سؤال بريء يسأله كل مواطن يضع قلبه على يده في كل مرّة تحوم "الدرون" الإسرائيلية فوق رأسه، وفي كل مرّة تستبيح فيها إسرائيل السيادة اللبنانية، وفي كل مرّة يستخفّ بعض أصحاب النوايا السيئة بقدرات الجيش، الذي يقوم بواجباته الوطنية بشجاعة وإقدام وفروسية.
أمّا بعض الذين يحمل سؤالهم ألف معنى ومعنى، وليس فيه الكثير من الخبث والغمز واللمز، فيذهبون إلى أبعد من رمزية هذه الخطوة ليضعوها في خانة الرسائل الموجّهة إلى الداخل وإلى الخارج معًا.
ويقول هؤلاء أن رئيس الجمهورية أراد من خلال هذه الخطوة إعطاء إشارة واضحة ولا لبس فيها إلى الدول الشقيقة والصديقة، التي لا تزال تراهن على إمكانية قيام الدولة بما يُفترض أن تقوم به لتعزيز حضورها واستعادة دورها الطبيعي من ناحية فرض هيبتها، وتكريس مبدأ سيادي بامتياز، وأراد أن يؤكد أن الجيش بما يرمز إليه على أرض الواقع وفي الوجدان جاهز لتنفيذ كل ما يُطلب منه، خصوصًا إذا توافرت له ظروف سياسية ضاغطة وإرادة حاسمة، وذلك تجاوبًا مع مطالب الدول، التي تسعى إلى لجم الغطرسة الإسرائيلية بالوسائل الديبلوماسية المتاحة والمتوافرة.
أمّا بالنسبة إلى الرسائل الداخلية، التي قصد رئيس الجمهورية توجيهها إلى الجميع، فهي أن الجيش ماضٍ في تنفيذ ما جاء في خطة القيادة في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، وأن العوائق التي توضع في طريقه لن تعيقه عن المضي قدمًا في خطّته الهادفة إلى حصر السلاح بيد القوى الشرعية، وأن لا سلطة تعلو على سلطة الدولة. وهذا ما سيلحظه التقرير الشهري للمؤسسة العسكرية في ما خصّ المرحلة الأولى من الخطّة الممتدّة حتى نهاية السنة الحالية، على أن ينتقل الجيش إلى المرحلة الثانية شمال نهر الليطاني، ومن ثم الانتقال إلى المرحلة النهائية والتي تشمل كل الأراضي اللبنانية.
فالدولة اللبنانية قامت بشخص رئيس الجمهورية بالخطوة الأولى، على ان تقابلها الدول الحريصة على استقرار الأوضاع في الجنوب وفي كل لبنان بخطوات متقدمة لجهة ممارسة أقصى أنواع الضغط على إسرائيل كي توقف اعتداءاتها كخطّة غير منفصلة عن المسار العام، الذي سيقود حتمًا إلى أي نوع من أنواع التفاوض وصولًا إلى تنفيذ كامل لمندرجات القرار 1701.
فقرار الرئيس عون أتى كردّ فعل فوري ليوازي بين حرصه على السيادة اللبنانية مع خطورة الرسالة الإسرائيلية الدموية. وهذا القرار، وهو الأول من نوعه نابع من قناعة وطنية جامعة، وتجاوبًا مع رغبة دولية عميقة، وهو يعكس تحولًا في نمط التعاطي مع هذا الواقع، الذي لم يعد من المقبول التغاضي عنه، والسكوت عما تقترفه إسرائيل من جرائم يومية.
وفي رأي أكثر من خبير استراتيجي أن هذه الخطوة قد تفضي إلى المزيد من الخطوات الداخلية، خصوصًا أنها جاءت بمثابة "ضربة معلم"، إذ أصبح في الإمكان بعد هذه الخطوة الحديث مع "حزب الله" بمنطق مغاير وبنهج مختلف عمّا كان عليه الوضع خلال التسعة أشهر الماضية.
فبعد هذه الخطوة لن يكون كما قبله، إذ لم يعد لدى "حزب الله" الحجّة الكافية لتبرير احتفاظه بسلاحه، خصوصًا أن ما سيقوم به الجيش في حال كرّرت إسرائيل اعتداءاتها البرّية على غرار ما قامت به في بلدة بليدا سيكون البرهان الأكيد بأن المؤسسة العسكرية قادرة على حماية جميع اللبنانيين من أي اعتداء خارجي أو داخلي بما يعزّز القناعة الوطنية بأهمية الدور الوطني للجيش، الذي يبقى الحصن الحصين لجميع اللبنانيين، المدعوين إلى التخّلي عن أفكارهم السابقة والمعّلبة، وأن يضعوا ملء ثقتهم بقدرات جيشهم القائمة على عقيدة وطنية وقتالية لا جدال فيها.











0 تعليق