الاعتداءات على "اليونيفيل" والجيش ليست صدفة اسرائيلية

يقول بعض الخبراء العسكريين إن الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة بهذه الوحشية، والتي تطال في شكل خاص مناطق تُعتبر حاضنة لـ "المقاومة الإسلامية"، مبرمجة أهدافها بواسطة الذكاء الاصطناعي المتحكّم بمسار هذا العدوان. ولكن من دون أن يعني ذلك أن الأهداف المنتقاة، وكان آخرها ما تعرّضت له مدينة بيروت الإدارية من قصف غير مسبوق، لا تصدر أوامر تنفيذها من غرفة العمليات المركزية في تل أبيب. ويُقصد بهذا القول إن كل اعتداء يقوم به العدو الإسرائيلي مخطّط له، ويهدف إلى ما يمكن ترجمته في السياسة بما له ارتباط وثيق بالمشروع، الذي على أساسه كان اجتياح قطاع غزة، الذي لا يزال يتلقى الضربات، ومنه إلى لبنان، وقد أصبحت مدنه وقراه المستهدفة شبيهة بقرى ومدن القطاع.

Advertisement

ما يقوم به العدو من مجازر متنقلة ليس محض صدفة، بل يمكن القول بأنها تهدف إلى مراكمة ما يعتبره "إنجازات" في الطريق، الذي يسلكه نحو تحقيق مشروعه التاريخي في المنطقة، بل أن كل اعتداء، وإن كان معظم ضحاياه من المدنيين، يُقصد منه الحاق أكبر قدر من الخسائر البشرية والمادية، فضلًا عن غايات قد أصبحت لعبتها مكشوفة في غزة، وهي لا تزال غير واضحة المعالم في لبنان، وذلك لما يواجهه جيش العدو من صعوبة في إحداث خروقات كبيرة على أكثر من محور في جبهات المواجهات المتقدمة، وذلك نظرًا إلى التحصينات والأنفاق، التي أعدّتها "المقاومة" على مدى سنوات تحضيرًا لمثل هذه الأيام، فضلًا عن السلاح الفعّال المستخدم لصدّ أي هجوم بالمدرعات، على رغم أن الصورة الحقيقية للتطورات الميدانية لا تزال ضبابية، خصوصًا أن المعلومات المستند إليها في التحليل والتشريح مستقاة من البيانات التي تصدرها "المقاومة الإسلامية" عن سير المعارك، والتي لا تزال حتى هذه اللحظة لمصلحتها.
ولأن لا شيء اسمه صدفة في الحسابات الإسرائيلية كان استهداف بعض مراكز قوات الطوارئ العاملة في الجنوب، وألحق العدو هذا الاستهداف بآخر طاول مركزًا للجيش، الذي سقط من عناصره شهداء وجرحى. وليس صدفة أيضًا أن يأتي هذا الاعتداء المزدوج على الجيش وقوات "اليونيفيل" في الوقت الذي تتصاعد فيه المطالبة بتطبيق القرار 1701، وهو الذي يعطي لهاتين القوتين حصرية الإمساك بناصية الأمن في المنطقة الواقعة جنوب الليطاني وحدهما دون غيرهما. ولأن تطبيق هذا القرار الدولي يعني انسحاب إسرائيل من كل شبر من الأراضي اللبنانية، وبالتالي وقف عدوانها بالكامل بالتوازي مع سحب عناصر "حزب الله" إلى العمق الشمالي من الليطاني، أرادت إسرائيل أن تثبت للعالم من خلال هذين الاعتداءين المزدوجي الفعالية أن الـ 1701 لم يعد يعني لها الشيء الكثير، وأنها لن تقبل بأي قرار دون مستوى القرار 1559. ولكي تصل تل أبيب إلى مبتغاها، ولكي تخلو لها الساحة الجنوبية المحاذية للشريط الحدودي بعمق ما يقارب الخمسة كيلومترات من الناقورة حتى تلال كفرشوبا أطلقت النار على مراكز "اليونيفيل". وهذا ما كشفه، وإن في شكل غير مباشر، مندوب إسرائيل في الامم المتحدة داني دانون، الذي أكد ان المطلوب هو انسحاب هذه القوات لمسافة خمسة كيلومترات من مواقعها الحالية على الحدود اللبنانية الجنوبية، لتجنب المواجهة الدائرة بين القوات الإسرائيلية و"حزب لله" في المنطقة الحدودية، على حدّ ادعائه. فلو كان هذا الأمر صحيحًا، وهو ليس كذلك، فكان حري على تل أبيب أن تتواصل مع قيادة هذه القوات وتطلب منها الانسحاب من "أرض المعركة" حفاظًا على سلامة عناصرها بدلًا من تصويب النار على مراكزها في الناقورة وفي غيرها من المواقع المتقدمة.
 إلاّ أن قيادة هذه القوات رفضت بلسان المتحدث باسمها اندريا تينتي الانسحاب من مواقعها وترك المنطقة، واكد ان وجود هذه القوات هو بناء لقرار اممي صادر عن مجلس الأمن الدولي، وهي مستمرة بمهامها استنادًا إلى القرار المذكور، وهي لن تنسحب تحت أي ضغط أو تهديد ما لم يصدر قرار مغاير للقرارات الأممية السابقة.
فهذه المؤشرات والوقائع تدل بوضوح إلى ان إسرائيل، تسعى إلى فرض تعديل القرار الدولي رقم١٧٠١ بما يتناسب مع شروطها مستفيدة من تمركز بعض قواتها في الاراضي اللبنانية، وتوسيع رقعة اعتداءاتها والاغتيالات التي ارتكبتها ضد قادة "حزب الله".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق "توتر إلكتروني" بين "حليفين"
التالى التحرّك الديبلوماسي يصطدم بعدم استجابة اسرائيل وميقاتي يبدأ تحركا خارجيا