تقرير لـ"Newsweek": إسرائيل تواجه إعادة ترتيب استراتيجي في سوريا

كتبت صحيفة "Newsweek" الأميركية" أن إسرائيل باتت اليوم تتعامل مع مشكلة سوريا. لسنوات عديدة، كان المسؤولون في القدس يعتمدون على توازن قوى يمكن التنبؤ به نسبياً مع نظام بشار الأسد المجاور في دمشق. وعلى الرغم من العداء المستمر للأسد تجاه الدولة اليهودية والضعف المتأصل في نظامه، فقد تم التوصل إلى وضع راهن هش بين البلدين، مما جعل من الممكن عموماً توقع كيفية تصرف الرئيس السوري. واستمر هذا على مدى الأشهر الأربعة عشر الماضية، حيث وجدت إسرائيل نفسها منشغلة بالتهديد الذي تشكله حماس في قطاع غزة، ومؤخراً، تهديد حزب الله في لبنان".

Advertisement

 

وبحسب الصحيفة، "لم يعد الأمر كذلك. فقد أدى الانهيار السريع لنظام الأسد في كانون الأول في مواجهة المعارضة الداخلية المتجددة إلى هدم الوضع الراهن القديم في بلاد الشام. وشهد العالم صعود تحالف متنوع من الجماعات المتطرفة التي يهيمن عليها تنظيم القاعدة السابق، هيئة تحرير الشام، وزعيمها أبو محمد الجولاني، أو أحمد الشرع. للوهلة الأولى، قد يبدو هذا النظام الجديد مفيدًا لإسرائيل. ففي نهاية المطاف، ساعد الإطاحة بالأسد في إزاحة الوجود الإيراني القوي سابقًا على الحدود الشمالية لإسرائيل، والذي استلزم عشرات القواعد العسكرية وآلاف المقاتلين الأجانب المنتشرين. وقد فر الآلاف من المدنيين الإيرانيين بالفعل من سوريا، في حين اضطرت إيران إلى الاعتماد على روسيا لنقل قواتها العسكرية إلى بر الأمان. ومن الأهمية بمكان أيضًا حقيقة أن "الجسر البري" بين طهران وبيروت، والذي استخدمه النظام الإيراني لسنوات لتزويد حزب الله في لبنان بالأسلحة، قد انقطع الآن فعليًا".

وتابعت الصحيفة، "لكن الفحص الدقيق يشير إلى أن التحول في سوريا يمثل تحدياً استراتيجياً عميقاً لإسرائيل، وهو التحدي الذي تسعى الدولة اليهودية جاهدة الآن إلى معالجته. وقال العميد المتقاعد إران أورتال، الذي ترأس في السابق مركز الأبحاث العسكري الإسرائيلي ويعمل الآن محللاً بارزاً في مركز بيجين السادات للدراسات الاستراتيجية في جامعة بار إيلان، للصحيفة مؤخراً: "في هذه المرحلة، لا أعتقد أن إسرائيل قد وضعت استراتيجية متماسكة في التعامل مع سوريا". وبدلاً من ذلك، "تراقب إسرائيل الوضع عن كثب وتتخذ التدابير اللازمة لتأمين نفسها، مثل نشر وحدات من الجيش الإسرائيلي على مرتفعات الجولان السورية".

وأضافت الصحيفة، "لكن الصورة في سوريا بعد الأسد تشكل تحدياً للحكومة الإسرائيلية، التي قضت العقد الماضي في التركيز بشكل شبه حصري على التهديد المنبثق من إيران الشيعية ووكلائها المتنوعين. وأشار أورتال إلى أن "سرعة وحماسة احتضان الجولاني وشركائه في تنظيم القاعدة يشكلان مصدر قلق"، لأن "الجولاني وتحالفه من المتمردين معروفون بأنهم جهاديون، وقد استيقظت إسرائيل للتو من حلم القدرة على استرضاء نظام جهادي، نظام حماس في غزة". وبعبارة أخرى، وبصرف النظر عن الخطاب التصالحي الحالي للجولاني، تتوقع إسرائيل تماماً أن يعود هو ورفاقه إلى نمطهم المتطرف، وربما عاجلاً وليس آجلاً".

وبحسب الصحيفة، "لكن هذا ليس الجزء الأكثر إثارة للقلق في الديناميكية الاستراتيجية الجديدة التي تتشكل إلى الشمال من إسرائيل. ويوضح أورتال: "لا أحد يعرف الدور المحتمل لتركيا على حدودنا. فهي قوة إقليمية كبرى، وعضو في حلف شمال الأطلسي، ومصنع دفاعي رئيسي، ولاعب متطرف معاد لإسرائيل. وبوسعنا بالفعل أن نرى محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاستخدام النظام السوري الجديد لتعزيز مطالباته في شرق البحر الأبيض المتوسط". ماذا قد يعني كل هذا؟ يقول أورتال: "في نهاية المطاف، فإن الصورة الأكبر هي أن المنافسة الإقليمية تدخل مرحلة جديدة. إن منطقتنا تعود إلى المنافسة الإمبريالية، وإسرائيل عالقة في الوسط".

وبحسب الصحيفة، "ينطبق الامر عينه على واشنطن، فقد كان رد إدارة جو بايدن على الإطاحة بالأسد سريعا، وغير نقدي إلى حد كبير، في التعامل مع الجولاني. وقد استلزم هذا، من بين أمور أخرى، التراجع عن العقوبات المفروضة على الوسيط الجديد الفعلي للسلطة في سوريا. ومن المفترض أن تهدف مثل هذه الخطوات إلى بناء الثقة مع القوى الجديدة القائمة في دمشق، والسماح للولايات المتحدة، بعد سنوات من الانسحاب، بترك بصمة أكثر ملاءمة في البلاد. ومع ذلك، فإن ما لن تفعله هو حماية مصالح أميركا في المنطقة الأوسع. وسوف تكون هذه مهمة إدارة دونالد ترامب القادمة، والتي ستحتاج إلى تحديد الدور الذي تريد أن تلعبه في اللعبة الاستراتيجية الجديدة الجارية الآن في الشرق الأوسط، وكيف يمكنها دعم الحلفاء الإقليميين على أفضل وجه، مثل إسرائيل، الذين بدأوا يشعرون بتأثيراتها".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق هكذا "استفزّ" باسيل حزب الله.. تفاصيل "أخطر خطوة سياسية"
التالى رغم الأدلة القاطعة.. لماذا تتجاهل أوروبا جرائم الحرب في غزة؟