Advertisement
مجدداً نجح العدو الإسرائيلي في عملية استغلال للإنتخابات التي ستجري في الولايات المتحدة الأميركية في 5 تشرين الثاني المقبل كما حصل في العام 1948 في محاولة لتوريط إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن بحرب شاملة في المنطقة بدأها الاسرائيلي في غزة ثم الضفة فلبنان ويسعى للتوسع نحو سوريا والعراق وإيران. ففي العام 1948 كان الشرق الأوسط حاضراً في الحملات الانتخابية بين المرشحين الجمهوريين والديمقراطيين إذ شهد عام 1948 تأسيس ما يسمى بدولة إسرائيل، والحرب العربية-الإسرائيلية الأولى. واليوم يحاول العدو استغلال هذه الفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لتعزيز وضعه في الشرق الأوسط قبل وصول إدارة أميركية جديدة قد تتبنى سياسات جديدة، علماً أن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، قدم في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خريطة جديدة للشرق الأوسط تكشف عن نيته إعادة تشكيل المنطقة بما يتماشى مع مصالح كيانه. في حين أن الولايات المتحدة تتوقع من إسرائيل وضوحاً حول خططها لمهاجمة إيران، لأن من شأن أي هجوم أن يؤثر على القوات والمصالح الأميركية في المنطقة.
لكن ماذا عن المفاوضات الجارية لوقف اطلاق النار محلياً ودولياً؟
تقول الخارجية الأميركية إن ما تسعى إليه واشنطن هو التطبيق التام لقرار مجلس الأمن 1701 في جنوب لبنان، وبينما تم تأجيل زيارة وزير الحرب الاسرائيلي يوآف غالانت إلى الولايات المتحدة، فإن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي سيزور عددا من دول الشرق الأوسط لمواصلة الجهود الرامية للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار في كلّ من قطاع غزة ولبنان.
لم يحن الوقت بعد لانتهاء الحرب في لبنان، فإسرائيل توسع وتكثف من عملياتها العسكرية وتدعي أنها تحقق تقدماً في البر، في حين أن حزب الله نجح حتى الساعة في التصدي لمحاولة القوات الإسرائيلية التقدم من اكثر من منطقة في جنوب لبنان، ونائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قال: "إذا تابع العدو حربه فالميدان يحسم ونحن أهل الميدان ولن نستجدي حلًا. وهذه الحرب هي حرب من يصرخ أولًا ونحن لن نصرخ سنستمر وسنضحي وسنقدم وإن شاء الله تسمعون صراخ العدو."
ولا شك أن ضغوطاً دولية تمارس على لبنان من أجل تراجع حزب الله وتسليمه بالشروط الدولية المطروحة في الوقت الراهن، والخارجية الاميركية اعتبرت أن موافقة حزب الله على وقف إطلاق النار دون ربط ذلك بحرب غزة جاءت متأخرة، علما أن هناك اتصالات تجري بين المسؤولين الاميركيين ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لا يفصح الاميركيون عن فحواها من أجل ايجاد حل ديبلوماسي يؤدي إلى وقف اطلاق النار.
وعليه فإن مبادرة الثلاثي( بري – ميقاتي – وليد جنبلاط) قبل اسبوع بإعلان الموافقة على عرض الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين الذي قدم قبل أشهر يمكن البناء عليها، وهي استتبعت بفصل حزب الله لبنان عن غزة علماً أن الشيخ قاسم لا يبدي تأييداً لطرح لبنان الرسمي القائم على تنفيذ القرار 1701 وفصل انتخاب الرئيس عن وقف اطلاق النار، فهو يرى ان لا خطوات تسبق وقف اطلاق النار وهذا يعني ان الحزب يريد أولاً وقف اطلاق النار وبعد ذلك لكل حادث حديث.
لا يمكن تحديد توقيت لانتهاء الحرب الاسرائيلية على لبنان، وإن كان بعض الجهات السياسية المطلعة على السياسة الأميركية يظن أنها قد تستغرق نحو ثلاثة أشهر، لكن في هذه الفترة الفاصلة سوف يتظهر من سيصرخ أولاً من لعبة عض الاصابع، وفيما يأمل لبنان أن تصرخ إسرائيل أولاً لا سيما مع إعلان حزب الله استعادة امكاناته القتالية وجاهزيته للقتال في البر، فإن العدو الإسرائيلي لا يزال يكابر ويريد تحقيق أهداف ميدانية تتيح له المطالبة مجدداً بتطبيق القرار 1559، إلا أن لبنان الرسمي أكد مجدداً للموفدين الدوليين والعرب أن لبنان متمسك بوقف إطلاق النار وبتطيق القرار الدولي 1701 وانتشار الجيش في الجنوب وضرورة انتخاب رئيس توافقي للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.وكان موقع "أكسيوس" أورد أن "الولايات المتحدة تسعى لاستغلال الضربة الكبيرة التي تلقاها حزب الله من إسرائيل في الدفع نحو انتخاب رئيس جديد للبنان وإنهاء الفراغ الرئاسي المستمر منذ حوالي عامين"، وهذا ما دفع القوى السياسية الداعمة لحزب الله فضلاً عن الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى فتح باب النقاش حول انتخاب رئيس توافقي لا سيما وان هذه القوى لا يمكن أن تقبل بانتخاب رئيس تحت الضغط وسط همس ارتفع عن احتمال أن يسارع رئيس حزب القوات سمير جعجع للترشح لرئاسة الجمهورية. وعلى هذا الأساس سارعت القوى المحلية إلى تلقف الضغط الخارجي بطرح انتخاب رئيس توافقي لا يشكل استفزازا لأحد، وسط تلميح أكثر من مسؤول سياسي لبناني إلى امكانية انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية اقتناعاً من الجميع أن قائد الجيش هو المرشح الأوفر حظاً عند الأميركيين وعدد من الدول العربية والخليجية.
ومع ذلك، لا يمكن القول إن انتخاب رئيس أصبح على الأبواب، فأوساط ديبلوماسية تشير إلى أن انتخاب الرئيس لن يسبق وقف إطلاق النار والذي سوف يستتبع بقرار جديد سوف يصدر عن مجلس الأمن قد يجمع بين القرارين 1701 و1559.