Advertisement
فما قام به وليد جنبلاط من خطوات متقدمة، سواء من خلال زيارته لسوريا على رأس وفد كبير من الطائفة الدرزية أو من خلال إعلانه الصريح والواضح تأييد ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية، من شأنه أن يسهّل ما يمكن أن تقوم به القوى السياسية المعارضة إن لجهة الضغط لانتخاب رئيس للجمهورية لا يكون "خيال صحرا"، بالإذن من جورج خباز، أو أن يكون مجرد صورة تُعلّق على جدران الدوائر الرسمية. فإذا لم تستطع هذه القوى إيصال المرشح الذي ترى فيه خشبة خلاص للبنان بكل طوائفه وقواه السياسية والفئوية في هذا الظرف المؤاتي فلن تقدر أن تكون مؤثرة في الحياة السياسية مستقبلًا. إلا أن هذا الأمر لن يكون، في رأي هؤلاء المقربين، تعطيل الحياة السياسية من خلال عدم تقديم الطبخة الرئاسية على طبق من فضة للذين يريدون الاتيان برئيس "كيف ماكان".
ويقول هؤلاء إنه إذا لم ينتج عن جلسة 9 كانون الثاني انتخاب رئيس "عليه القدر والقيمة" فلن "تخرب الدني". فالإتيان برئيس لا يجسد طموحات اللبنانيين ولا يكون على مستوى التحديات الكبيرة في جلسة "مسلوقة" أسوأ بكثير من "تطيير" الجلسة الموعودة. ويعتقد كثيرون أن من شرب بحر التعطيل كل هذه المدة الحافلة بالتطورات المتسارعة لن يغصّ إن شرب ساقية التريث قليلًا حتى تنضج "الطبخة الرئاسية".
في المقابل يرى بعض المستعجلين بانتخاب رئيس في جلسة التاسع من كانون الثاني أنه من واجب الجميع تسهيل مهمة الساعين إلى انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن لأن البلاد قد أصبحت على شفا الانهيار. وإذا لم يتمكن نواب الأمة من إتمام هذه المهمة في هذه المرحلة الدقيقة والمصيرية فإن البلاد ذاهبة إلى المجهول – المعلوم برجليها. فالظرف التاريخي والمصيري لا يحتمل أن يستمرّ البعض في دلعهم السياسي، وترك المصير في مهب الرياح، التي قد تطيح بكل شيء هذه المرّة.
وأمام هذين المشهدين من الحياة السياسية يقف اللبنانيون حائرين أمام خيارين. ولكل من أصحاب هذين الخيارين نظرة مختلفة عن الآخر في ما يتعلق بالرئاسة قبل الحديث عن الرئيس وهويته وقدراته. فأصحاب الخيار الأول يرون أنه في "العجلة الندامة وفي التأني السلامة"، فيما يعتبر أصحاب الخيار الثاني أن انتخاب رئيس اليوم أفضل من الغد، الذي قد يحمل مفاجآت غير مرغوب فيها.