ذكر موقع "The National Interest" الأميركي أن "أسبوعين مرا على سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، والوضع في سوريا مستقر بشكل مدهش. وهذا على الرغم من استيلاء المتمردين الجهاديين على العاصمة، بقيادة قائد كان مرتبطًا في السابق بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية. وفي الجنوب، تحتل القوات الإسرائيلية منطقة عازلة وتنفذ مئات الغارات الجوية المستهدفة على الأصول العسكرية الحكومية السابقة. وفي الشمال والشمال الشرقي، يلوح احتمال الغزو التركي في الأفق بالنسبة للأكراد".
Advertisement
وبحسب الموقع، "لقد سعى المراقبون من الخارج إلى تفسير الهدوء في دمشق من خلال ملاحظة مدى إرهاق السوريين بعد ما يقرب من أربعة عشر عاماً من الحرب الأهلية، والإشارة إلى الدروس المستفادة من الصراعات الأهلية الأخرى في بلدان عربية أخرى. ولكن الأهم من ذلك أن الموقف مسيطر عليه نسبياً بسبب رغبة رجل واحد، أحمد الشرع، في الإظهار للعالم أنه وأتباعه قادرون على الحكم في سلام ويستحقون الاعتراف الدولي. ويحاول الصحافيون والأكاديميون وغيرهم من الخبراء التنبؤ بالمستقبل من خلال النظر إلى كيفية تعامل الشرع وهيئة تحرير الشام مع الحكم في محافظة إدلب خلال الحرب الأهلية. ويبحث المحللون عن علامات تشير إلى كيفية تعاملهم مع مهمتهم الجديدة على المستوى الوطني. وفي الواقع، إن النتائج عبارة عن مجموعة من التناقضات والرسائل المختلطة".
وتابع الموقع، "من ناحية، حاولت هيئة تحرير الشام في العام الماضي تمرير قانون للآداب العامة كان من شأنه أن يحظر الكحول وينشر قوة من شرطة الآداب في دوريات يومية. ومن ناحية أخرى، تراجعت هيئة تحرير الشام عن المقترحات عندما تسببت في احتكاكات بين علماء الدين والفصائل المسلحة الأخرى والجمهور ومنظمات الإغاثة الدولية. وهذا دفع الشرع إلى القول إن الحكومة لا ينبغي لها أن تفرض الإسلام بل ينبغي لها أن تشجع الناس على البحث عن الدين من تلقاء أنفسهم. وقد حظيت حركة الشرع بالثناء لمساعدتها في جذب الاستثمارات الأجنبية والحفاظ على تشغيل الكهرباء والخدمات الطبية، في حين تعرضت في الوقت نفسه لانتقادات بسبب حكمها كحاكم مستبد في مواجهة الاحتجاجات الشعبية. ونتيجة لهذا، يظل الخبراء في حيرة من أمرهم بشأن أي نسخة من هيئة تحرير الشام هي التي تحكم حاليا خامس أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، حيث يعيش أكثر من 20 مليون مواطن في وضع محفوف بالمخاطر بين إسرائيل ولبنان وتركيا والعراق".
وأضاف الموقع، "إن الظروف الحالية تشكل أهداف أحمد الشرع،فهو يركز على كسب اعتراف الشعب السوري والمجتمع الدولي بحركته، وفي القيام بذلك، يضع نفسه في موقف صعب من شأنه أن يجعل من الصعب عليه التراجع. لقد تخلى عن طموحاته في الجهاد العابر للحدود الوطنية، وشجع على المشاركة مع الغرب والتوصل إلى حل دبلوماسي في نهاية المطاف مع إسرائيل، وأعلن الحاجة إلى حماية كل الأقليات الدينية. كما وعد بتسريح كل الفصائل وإلغاء التجنيد لصالح جيش من المتطوعين بحيث تكون كل الأسلحة في أيدي الدولة، بل واقترح حتى أنه قد يحل هيئة تحرير الشام لصالح إعادة تشكيل مؤسسات الدولة التي تعكس تنوع البلاد. وهو يواصل قول كل الأشياء الصحيحة للجمهور المحلي والغربي على الرغم من التعليقات المتفرقة التي تخرج عن السياق والتي تأتي من بعض أعضاء مجموعته حول قضايا رئيسية، مثل أدوار المرأة والشريعة الإسلامية".
وبحسب الموقع، "إن هذا أمر لافت للنظر بالنسبة لرجل أصبح فعلياً الجهادي الأكثر نجاحاً في حقبة ما بعد الحادي عشر من أيلول. إن هيئة تحرير الشام على وشك تحقيق شيء لم يكن بوسع أي جماعة جهادية أخرى أن تحلم به وهو السيطرة على دولة ذات سيادة قادرة على الحصول على الاعتراف الدولي. وحتى العديد من الناس في سوريا الذين يقدرون الحقوق والحريات الليبرالية قد يدعمون حكومة تتألف من إسلاميين معتدلين من هيئة تحرير الشام. إن تحرك أحمد الشرع نحو المركز يضعه في توازن دقيق مع السوريين من كافة الأطراف، وسوف تواجه حكومته الانتقالية حتماً انتقادات واحتجاجات من دائرة انتخابية أو أخرى. وقد لا تكون قدرة الشرع على الحفاظ على التوازن، في الوقت الحالي، ممكنة إلا لأن المقاتلين الذين طردوا عائلة الأسد بعد عقود من القمع الوحشي يعتقدون أنهم يشهدون لحظة تاريخية ستحدد شكل البلاد لأجيال".
وتابع الموقع، "قد يكون لدى هؤلاء المقاتلين دوافع مختلفة عديدة. وأحد هذه الدوافع هو الرواية التي تقول إن جهودهم في إدلب لإنشاء حكومة فعّالة ومجتمع مستقر ضمن إطار إسلامي واسع النطاق كانت بمثابة نموذج للسوريين في كل مكان يبحثون عن بديل للأسد. قد يكونون على استعداد لتقاسم السلطة مع الفصائل المحلية والمغتربين الآخرين، لكنهم يتوقعون أيضًا تكريم قدراتهم ومساهماتهم واحترامها. ومن المفهوم أن المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، أكثر حذرًا بشأن الادعاء بأن الشرع وهيئة تحرير الشام تخليا عن الجهادية. بالنسبة للولايات المتحدة، فإن الشرع مسؤول شخصيًا عن الخسائر الأميركية وقوات التحالف في العراق ومعروف بتعاونه مع أبو مصعب الزرقاوي. أما بالنسبة لإسرائيل، فان هيئة تحرير الشام تشبه حماس".
ورأى الموقع أن "الشرع يحتاج إلى دعم اقتصادي وفني كبير من المجتمع الدولي لإعادة بناء البنية الأساسية والاقتصاد والمؤسسات في البلاد، وسوف يعتمد مستوى هذا الدعم على استعداد إدارة دونالد ترامب للتعامل مع الحكومة الجديدة في دمشق، وهذا يعني أن الشرع يجب أن يطمئن واشنطن بشأن نواياه، وخاصة تلك تجاه إسرائيل. وكان نتنياهو واضحا في أنه يسعى إلى الحد من التهديد الطويل الأجل من الجيش السوري المتجدد الموجه ضد إسرائيل، مع عدم وجود نية لتصعيد الأمر إلى صراع أوسع نطاقا مع الحكومة الانتقالية. بل إنه قال إنه يدعم استكشاف العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة. وإذا كان الشرع يريد وضع العلاقات مع إسرائيل على أساس جديد، فسوف يضطر إلى إيجاد طريقة للتواصل مع الإسرائيليين دون تنفير الجمهور السوري".
وختم الموقع، "إن التحدي الذي يواجه إدارة ترامب المقبلة هو تعلم فك رموز نوايا ودوافع أحمد الشرع. يجب على ترامب أن يتبنى نهجًا أكثر واقعية وأن يحمل الحكومة الجديدة المسؤولية عن تعهداتها في مقابل أي دعم أو اعتراف".