كيف خسرت إيران سوريا؟.. تقرير لـ"Foreign Affairs" يكشف

ذكرت مجلة "Foreign Affairs" الأميركية أنه "على مدى جزء كبير من العقد الماضي، قمع نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، بدعم ثابت من إيران وروسيا، المعارضة بوحشية. وما بدأ كانتفاضة في عام 2011 تطور إلى حرب أهلية مدمرة. وعلى الرغم من التحديات المستمرة، بدا أن قبضة الأسد على السلطة آمنة. ومع ذلك، انهار نظامه في غضون أيام من بدء هجوم منسق للمتمردين.ومن بين الخسائر الأخرى كان نفوذ إيران في سوريا، والذي نما بشق الأنفس من خلال سنوات من التدخل المكلف والدعم الثابت.وكانت طهران الحليف الأكثر ثباتا للأسد طوال الصراع. وعلى مر السنين، استثمرت إيران موارد هائلة ومساعدات عسكرية لضمان بقائه، ولكن مع تفكك الجيش السوري بسرعة، كانت إيران غائبة بشكل ملحوظ".

Advertisement

وبحسب المجلة، "في أعقاب ذلك، أدان المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، سقوط الأسد باعتباره مؤامرة مدبرة من الخارج، وهو الإطار الذي يعكس جهود طهران للحفاظ على صورتها كقوة إقليمية مرنة. ولكن داخل إيران، يبدو المسؤولون والمراقبون منقسمين. فلقد تركت وتيرة الأحداث السريعة واستنزاف الموارد العسكرية والسياسية لطهران على مدى العام الماضي، وسط تصاعد المواجهات العسكرية المباشرة وغير المباشرة مع إسرائيل، القيادة تكافح من أجل صياغة استجابة متماسكة. إن النكسة الاستراتيجية التي منيت بها إيران تقدم للولايات المتحدة فرصة فريدة للحد من احتمالات تجدد الصراع وإرساء الأساس للاستقرار الدائم في سوريا. ومن خلال الاستمرار في دعم القوات الكردية السورية، وتعزيز الحوار بين أصحاب المصلحة السوريين الرئيسيين، وتشجيع ضبط النفس الإسرائيلي في سوريا، يمكن لواشنطن أن تساعد في تشكيل واقع ما بعد الأسد في صورة سلام وأمن طويل الأمد. ولكن استقرار المنطقة من المرجح أيضا أن يتطلب مشاركة إيران في المحادثات حول مستقبل سوريا. وإذا فشلت واشنطن وطهران في التعامل مع بعضهما البعض، فإن سوريا ستستمر في المعاناة".
ورأت المجلة أن "تورط إيران الواسع النطاق في الحرب الأهلية السورية كان عاملاً أساسياً في دعم نظام الأسد. فمنذ عام 2011، أنفقت طهران ما بين 30 و50 مليار دولار على المساعدات العسكرية، ونقل النفط، والدعم اللوجستي لسوريا. وقد نسق فيلق القدس، الجناح النخبوي للحرس الثوري الإسلامي الإيراني، العمليات في وقت مبكر من خلال تدريب الفصائل المحلية لتعزيز الجيش السوري وتعبئة مجموعة واسعة من المقاتلين الشيعة الأجانب، بما في ذلك أعضاء من حزب الله، والفصائل العراقية، والجماعات الأفغانية والباكستانية. وبعد أن هدأت المعارك الواسعة النطاق في عام 2018، بدأت طهران في التركيز على تعزيز نفوذها في جنوب وجنوب شرق سوريا، وتأمين السيطرة على الأراضي ودمج الفصائل في القوات المسلحة السورية. لكن هذه الجهود أثبتت عدم كفايتها لمنع انهيار الأسد السريع في أوائل كانون الأول".
وبحسب المجلة، "لقد أدى إضعاف حزب الله إلى تفاقم التحديات التي تواجه إيران. فكان الحزب محوريًا لاستراتيجية إيران في سوريا، حيث تم نشر الآلاف من مقاتليه لدعم نظام الأسد على مدى العقد الماضي. وبعد وفاة قائد فيلق القدس قاسم سليماني في عام 2020، أصبح حزب الله المنسق الرئيسي للفصائل المدعومة من إيران في سوريا، لكن الضربات الإسرائيلية ضد أفراد الحزب والبنية التحتية له على مدار العام الماضي قضت على القيادة ومنعته من تقديم أي دعم عسكري أو لوجستي إضافي للأسد. كما كثفت إسرائيل استهدافها للأصول الإيرانية في سوريا. في البداية، كان الهدف من هذه الاستراتيجية تعطيل نقل الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله عبر سوريا، لكنها أصبحت جزءًا من المواجهة الأوسع التي خاضتها إسرائيل مع الحزب و"محور المقاومة" المدعوم من إيران".
وتابعت المجلة، "في غضون ذلك، وبحلول الوقت الذي بدأ فيه هجوم المتمردين في سوريا، في أواخر تشرين الثاني، أصبحت الفصائل الشيعية العراقية التي لعبت دورا رئيسيا في المراحل المبكرة من الحرب الأهلية السورية غير راغبة في العودة إلى المعركة، وانشغلت بالأولويات المحلية وحذرت من التكاليف المتصاعدة للتدخل الخارجي. وقد ترك هذا الافتقار إلى الدعم إيران مقيدة في قدرتها على الاستجابة بفعالية. كما أثرت العوامل المحلية على قرارات طهران بعدم التدخل. فقد كشفت جولتان من الهجمات المتبادلة مع إسرائيل، وخاصة سلسلة من الضربات الإسرائيلية على المواقع العسكرية والدفاعات الجوية الإيرانية في تشرين الأول الماضي، عن نقاط ضعف الجمهورية الإسلامية".
وبحسب المجلة، "إن سقوط الأسد لا يوضح نقاط ضعف إيران فحسب، بل إنه يفرض أيضاً تحديات جديدة كبيرة على طهران، ويهدد نفوذها الإقليمي واستقرار النظام. ومن بين هذه التحديات صعوبة تنشيط القدرات العملياتية لحزب الله. والآن يواجه الحزب، الذي أضعفته حرب استمرت 14 شهراً مع إسرائيل، المهمة الشاقة المتمثلة في التعافي بدعم لوجستي أقل بكثير من إيران. كما سلط سقوط الأسد الضوء على الانقسامات الإيديولوجية والطائفية بين حلفاء إيران، والتي قد تزيد من تصدع تماسك المحور. فإن خسارة سوريا قد تقوض أيضاً صدقية إيران لدى شركائها الإقليميين في العراق واليمن. ومن المرجح أن يثير فشل إيران في التدخل بشكل حاسم في الدفاع عن الأسد الشكوك حول التزامها وقدرتها".
ورأت المجلة أن "خسارة طهران لحليفتها في سوريا وضعتها في موقف ضعيف في منافستها مع تركيا. وهناك مخاوف متزايدة في إيران من أن تركيا، التي شجعها موقف طهران الضعيف، قد تسعى الآن إلى زيادة نفوذها، على حساب إيران، في العراق ولبنان وجنوب القوقاز. وأخيرا، أدى سقوط الأسد إلى تأجيج السخط الداخلي بين الموالين للنظام في طهران، حيث وصف البعض الخسارة بأنها خطأ استراتيجي وانتقدوا الحكومة علنا".
وبحسب المجلة، "على الرغم من التحديات العديدة التي تواجه طهران، فإن إيران تتكيف مع استراتيجيتها للحفاظ على نفوذها في سوريا والشام من خلال إجراء تعديلات تكتيكية، وقد أبدت إيران اهتمامها بالتعامل مع الجماعات الكردية السورية التي كانت من بين الجهات الفاعلة الرئيسية خلال الحرب. كما وقد تستكشف إيران أيضاً إمكانية التعامل مع هيئة تحرير الشام، مستغلة المشاعر المعادية لإسرائيل والمؤيدة للفلسطينيين بين صفوف المتمردين، وقد تقدم طهران الدعم لهيئة تحرير الشام في مقابل تنازلات استراتيجية، مثل تجديد الوصول إلى عناصر حزب الله في لبنان.ومن ناحية أخرى، قد تتجه إيران إلى إقامة علاقات جديدة مع الأقليات الشيعية والعلوية في غرب سوريا التي تخشى التمييز والقمع من جانب المتطرفين السنة. ومن خلال التحالف مع هذه المجموعات، قد تتمكن إيران من بناء شبكة من القوات الموالية والوكلاء للحفاظ على نفوذها في سوريا حتى في غياب نظام حاكم مطواع".
 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الأمم المتحدة: ندعو لتجنب انتهاك سلامة الأراضي السورية
التالى طلبة: شيكابالا قادر على الاستمرار في الملاعب رغم محاولات هدمه.. ومواجهة المحلة صعبة