وسط تصاعد حدة الصراع بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، تلوح في الأفق فرصة لإنجاز صفقة تبادل إنسانية تُمهّد لوقف مؤقت لإطلاق النار، بفضل جهود إقليمية ودولية مكثفة.
حيث تقود مصر الدور المحوري في هذه المفاوضات، مدعومة بتنسيق مع قطر وتركيا وإشراف أمريكي، بهدف التوصل إلى تهدئة مؤقتة تستهدف تقليل المعاناة الإنسانية وتهيئة الأجواء لمفاوضات أوسع.
في هذا التقرير، نسلط الضوء على أبرز الرؤى التحليلية من خبراء ومحللين سياسيين حول مسار التهدئة وأبعاد الصفقة المنتظرة، التي تحمل أملًا بوقف التصعيد وفتح أبواب الحلول السياسية.
تقدم في صفقة التبادل ووقف إطلاق النار
أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بحدوث تقدم ملموس في محادثات صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، حيث أكدت القناة 14 أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر شدد على ارتباط وقف إطلاق النار في غزة بالتوصل إلى اتفاق بشأن المحتجزين.
كما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مسؤول قوله إن الظروف مهيأة لإبرام الصفقة خلال أسبوع أو أسبوعين، فيما ذكرت يسرائيل هيوم أن هناك احتمالية كبيرة لتحقيق الاتفاق قريبًا.
بيان حركة فتح
أشادت حركة فتح بالحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع جمهورية مصر العربية، والذي يهدف إلى حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتقديم الإغاثة الإنسانية العاجلة لمعالجة الأوضاع الصعبة التي يمر بها القطاع.
وأكدت الحركة في بيان لها أن النقاشات مع الجانب المصري تتضمن دعم السلطة الفلسطينية لتولي مسؤولياتها في غزة، والعمل على تحقيق انسحاب كامل لقوات الاحتلال الإسرائيلي من القطاع، بما يضمن تعزيز الاستقرار وتهيئة الأجواء لإعادة إعمار القطاع.
وأشارت فتح إلى أن الجهود المصرية تُبذل في إطار دورها المحوري في الوساطة بين الأطراف، حيث تسعى القاهرة إلى الوصول إلى تفاهمات شاملة تشمل تسهيل دخول المساعدات الإنسانية وتحقيق تهدئة طويلة الأمد، تُمهد لحلول سياسية تدعم الشعب الفلسطيني.
وشددت الحركة على أهمية المساندة العربية والدولية لمبادرات وقف التصعيد، مؤكدةً على التزامها بالتنسيق مع كافة الأطراف لتحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية، بما يعزز وحدة الصف الوطني ويخفف من معاناة أبناء قطاع غزة.
صفقة إنسانية
قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ثائر أبو عطيوي، إن هناك تفاؤلًا بإتمام صفقة تبادل إنسانية مؤقتة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية خلال الأسبوعين المقبلين، بمدة تمتد بين 6 إلى 8 أسابيع، وسط أجواء إيجابية مقارنة بجولات التفاوض السابقة.
أضاف أبو عطيوي في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم وزراء في حكومة نتنياهو، تشير إلى استعداد لقبول الصفقة، مدعومة بتوافق الإدارة الأمريكية الحالية والقادمة بقيادة ترامب على ضرورة وقف الحرب بشكل مؤقت.
ورأى أبو عطيوي أن الصفقة، المتوقع إتمامها قبل بداية العام الجديد، تمثل فرصة للتخفيف من التصعيد الحالي، داعيًا الدول العربية، خاصة مصر، إلى مواصلة جهودها لتحقيق هذا الإنجاز. كما شدد على أهمية دعم فلسطيني للوساطة المصرية في ظل الأوضاع الإقليمية المتوترة.
نضوج مسار التفاوض قبل نهاية ديسمبر
من جهته، أشار الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي بحركة فتح، إلى وجود تطورات ملموسة قد تقود إلى إعلان هدنة بين المقاومة وإسرائيل قبل نهاية ديسمبر الجاري.
أضاف الرقب في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن المرحلة الأولى من الاتفاق تتضمن إطلاق سراح النساء والأطفال الفلسطينيين مقابل الإفراج عن أسرى إسرائيليين وجثث الجنود، لافتًا إلى أن القاهرة والدوحة تبذلان جهودًا كبيرة لتقريب وجهات النظر، وسط ضغوط دولية على إسرائيل، خاصة من الولايات المتحدة.
وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن هذه الهدنة قد تكون خطوة لتهدئة مؤقتة تحتاج التزامًا جادًا من جميع الأطراف لإنجاحها، مشيرًا إلى أهمية دور القاهرة في قيادة هذه المفاوضات الحرجة.
مصر تقود نحو هدنة تمتد لشهرين
بدوره، أوضح المحلل السياسي الفلسطيني نزار نزال بأن الجهود المصرية بالتعاون مع أطراف إقليمية ودولية تسير نحو التوصل إلى هدنة مدتها 45 إلى 60 يومًا، تشمل ترتيبات إنسانية وأمنية.
أضاف نزال في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن الهدنة تتضمن إطلاق سراح أسرى إسرائيليين مقابل تسهيلات إنسانية في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن حماس سلمت قوائم الأسرى الأحياء عبر الوساطة المصرية، بينما يشمل الاتفاق انسحابات جزئية من محاور معينة، مثل محور صلاح الدين، وتسهيلات على معبر رفح.
لفت نزال إلى أن هذه الهدنة لن تكون شاملة، بل ستتحول طبيعة الصراع إلى عمليات استخباراتية دقيقة، على غرار ما يحدث في لبنان والضفة الغربية.
وختم المحلل السياسي الفلسطيني حديثه بالتأكيد على أن الهدنة تمثل فرصة لوقف التصعيد ومنح الأطراف فرصة لإعادة ترتيب الأولويات، لكنها تظل رهينة بالتزام الأطراف المعنية بالشروط المقررة.