قيل الكثير عن سقوط نظام البعث في سوريا، وسيقال الكثير عن تداعياته مع مرور الزمن. فهذا السقوط سيمثل من دون أدنى شك نقطة تحّول مفصلية في الشرق الأوسط، سواء أكان جديدًا أم بقي على حاله. إلاّ أن ربط التطورات الأخيرة ببعضها البعض تشي بأن ثمة شرق أوسط جديدًا قد بدأت ملامحه تتمظهر شيئًا فشيئًا. وهذا التغيير الجذري بدأ، كما يراه المراقبون السياسيون، باستشهاد الأمين العام السابق لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله، واغتيال كل من إسماعيل هنية ويحيى السنوار، وصولًا إلى لغز سقوط نظام الأسد بهذه السرعة الدراماتيكية، وهو الذي صمد على مدى ثلاثة عشر عامًا، على رغم ما تلقاه من ضربات موجعة.
ومما لا شك فيه إن هذا السقوط لن تقتصر تداعياته على الداخل السوري فقط، بل سيشمل المشهد الإقليمي برمته، مع ما يعنيه تراجع نفوذ إيران من خلال إضعاف حلفائها في قطاع غزة ولبنان وسوريا. وبحسب بعض الخبراء في الشأن الإيراني فإن طهران هي اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما تسريع برنامجها النووي لحماية النظام، أو الدخول في صفقة جديدة مع الولايات المتحدة تتخلى فيها عن طموحاتها النووية، مع ترجيح الخيار الثاني، وذلك استنادًا إلى التهديدات، التي أطلقها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ضد إيران في كلمته بمناسبة إعلانه وقف إطلاق النار في لبنان، وإصراره على افشال برنامجها النووي.
فلسوريا موقع خاص في التركيبة الإقليمية. ولو لم يكن لها هذه الميزة لما رأينا كل هذه الجيوش مرابضة على أرضها، ولما استطاع نظام الأسد الصمود طوال هذه الفترة لو لم يكن مدعومًا بقوة من روسيا، التي تخّلت عنه في "ليلة ما فيها ضو قمر". فانهيار النظام السوري بهذه السرعة المفاجئة هو بمثابة انهيار جسر التواصل بين طهران وحلفائها في المنطقة. فانكفاء إيران إلى الداخل لم يبدأ مع سقوط الأسد في سوريا، بل يوم شعر الشيعة في لبنان بأنها قد تخّلت عنهم، على رغم محاولات التطمين التي باءت بالفشل، والتي قام بها كل من وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي وكبير مستشاري الأمام علي خامنئي علي لاريجاني.
ومع دخول سوريا مرحلة جديدة فإن لبنان هو من بين أكثر الدول، التي ستتأثر بهذا التحوّل، وذلك نظرًا إلى عدّة عوامل مجتمعة، ومن بينها هذا الترابط العضوي بين الدولتين. فما بين بيروت ودمشق من تقارب جغرافي، وهما العاصمتان الأقرب من حيث المسافة، يحتّم تلقائيًا أن يكون لهذا التأثير في الحكم في سوريا انعكاسات معينة على لبنان، من دون الدخول في لعبة أفعال التفضيل بين الماضي والحاضر والمستقبل في سوريا، إذ أنه من المبكر الاستنتاج عمّا ستكون عليه طبيعة العلاقات اللبنانية – السورية في المرحلة المقبلة.
وقد يكون من بين الملفات الكثيرة التي كانت عالقة وملتبسة في العلاقات على مرّ الزمن منذ أكثر من 55 سنة يأتي ملف النزوح السوري في لبنان، مع ما فيه من تعقيدات وعقد حالت دون التوصّل إلى إيجاد حلّ منطقي وعملي لهذا الملف الشائك، فضلًا عن ملف ترسيم الحدود، وتحديد هوية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. مع ما يفرضه الواقع الجديد في سوريا بعد أن تستقرّ الأوضاع فيها وتتضح معالم المرحلة الآتية من إعادة النظر بكل الاتفاقات التي أبرمت بين لبنان وسوريا. وقد تكون اتفاقية الدفاع المشترك من بين الملفات الأكثر إلحاحًا لإعادة النظر فيها، انطلاقًا من المصالح المشتركة التي تربط هذين البلدين الجارين، وبالأخص المصالح الاقتصادية، عن طريق إيجاد الحلول السريعة لحركة الترانزيت وإعادة تنظيمها على أسس واضحة وعلمية شفافة.
فالملفات العالقة بين لبنان وسوريا كثيرة. وقد يتطلب إيجاد حلول لها بعض الوقت ريثما تستقرّ الأوضاع الداخلية السورية وريثما يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان وانتظام العمل المؤسساتي فيه. إلاّ أن التطورات المتسارعة في هذين البلدين المتجاورين تحتم على المسؤولين فيهما المبادرة إلى اتخاذ خطوات عملية وسريعة تمهيدًا لصياغات جديدة في علاقات الند للند.
Advertisement
فلسوريا موقع خاص في التركيبة الإقليمية. ولو لم يكن لها هذه الميزة لما رأينا كل هذه الجيوش مرابضة على أرضها، ولما استطاع نظام الأسد الصمود طوال هذه الفترة لو لم يكن مدعومًا بقوة من روسيا، التي تخّلت عنه في "ليلة ما فيها ضو قمر". فانهيار النظام السوري بهذه السرعة المفاجئة هو بمثابة انهيار جسر التواصل بين طهران وحلفائها في المنطقة. فانكفاء إيران إلى الداخل لم يبدأ مع سقوط الأسد في سوريا، بل يوم شعر الشيعة في لبنان بأنها قد تخّلت عنهم، على رغم محاولات التطمين التي باءت بالفشل، والتي قام بها كل من وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي وكبير مستشاري الأمام علي خامنئي علي لاريجاني.
ومع دخول سوريا مرحلة جديدة فإن لبنان هو من بين أكثر الدول، التي ستتأثر بهذا التحوّل، وذلك نظرًا إلى عدّة عوامل مجتمعة، ومن بينها هذا الترابط العضوي بين الدولتين. فما بين بيروت ودمشق من تقارب جغرافي، وهما العاصمتان الأقرب من حيث المسافة، يحتّم تلقائيًا أن يكون لهذا التأثير في الحكم في سوريا انعكاسات معينة على لبنان، من دون الدخول في لعبة أفعال التفضيل بين الماضي والحاضر والمستقبل في سوريا، إذ أنه من المبكر الاستنتاج عمّا ستكون عليه طبيعة العلاقات اللبنانية – السورية في المرحلة المقبلة.
وقد يكون من بين الملفات الكثيرة التي كانت عالقة وملتبسة في العلاقات على مرّ الزمن منذ أكثر من 55 سنة يأتي ملف النزوح السوري في لبنان، مع ما فيه من تعقيدات وعقد حالت دون التوصّل إلى إيجاد حلّ منطقي وعملي لهذا الملف الشائك، فضلًا عن ملف ترسيم الحدود، وتحديد هوية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. مع ما يفرضه الواقع الجديد في سوريا بعد أن تستقرّ الأوضاع فيها وتتضح معالم المرحلة الآتية من إعادة النظر بكل الاتفاقات التي أبرمت بين لبنان وسوريا. وقد تكون اتفاقية الدفاع المشترك من بين الملفات الأكثر إلحاحًا لإعادة النظر فيها، انطلاقًا من المصالح المشتركة التي تربط هذين البلدين الجارين، وبالأخص المصالح الاقتصادية، عن طريق إيجاد الحلول السريعة لحركة الترانزيت وإعادة تنظيمها على أسس واضحة وعلمية شفافة.
فالملفات العالقة بين لبنان وسوريا كثيرة. وقد يتطلب إيجاد حلول لها بعض الوقت ريثما تستقرّ الأوضاع الداخلية السورية وريثما يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان وانتظام العمل المؤسساتي فيه. إلاّ أن التطورات المتسارعة في هذين البلدين المتجاورين تحتم على المسؤولين فيهما المبادرة إلى اتخاذ خطوات عملية وسريعة تمهيدًا لصياغات جديدة في علاقات الند للند.