على الرغم من الأيام الصعبة التي يمر بها لبنان منذ سنوات بدءا بالأزمة المالية إلى العدوان الإسرائيلي الأخير، لم يفقد اللبنانيون الأمل ببلدهم وهم يحاولون بشتى الوسائل الابتكار وتحقيق الإنجازات في رسالة واضحة بأنهم شعب يحب الحياة ويتوق للأفضل.
ففي الوقت الذي كانت فيه آلة الحرب في الأشهر الأخيرة تفتك بلبنان، كان المهندس الميكانيكي هشام حُسامي يُحقق حلمه على وقع الغارات والقصف ويسعى لوضع بلده على خارطة الصناعة التكنولوجية، وتمكن مؤخرا وبمُبادرة فردية من إتمام عملية تصنيع Skylira لتكون أول سيارة طائرة كهربائية لبنانية.
هذا الإنجاز، يؤكد حُسامي بأنه يُمثل نقطة تحوّل في عالم التكنولوجيا المُستدامة والنقل الجوي، ويعكس ايمانا بقدرة الإنسان على تحقيق المستحيل إذا ما توفرت الإرادة والمعرفة والإمكانات اللازمة.
علما ان حُسامي كان أطلق عام 2022 سيارة "ليرة" وهي أول سيارة كهربائية تُصنع في لبنان، وأنهى مؤخرا مشروعه الجديد وهو Skylira أو السيارة الطائرة.
أول سيارة طائرة في العالم العربي
وعن هذا الإنجاز، يقول حسامي عبر "لبنان 24" إن "هذا المشروع كان حلمًا واليوم تحوّل إلى واقع بفضل العمل الدؤوب"، مؤكدا ان" Skylira ستكون رمزًا للتقدم والابتكار في لبنان والعالم العربي".
ويعتبر حُسامي ان "سكاي ليرة" ليست مجرد ابتكار تقني، بل تمثل نقطة تحوّل استراتيجية يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي على عدة مجالات في لبنان، أبرزها الاقتصاد والصناعة.
ويلفت إلى ان "سكاي ليرة" هي أول سيارة طائرة تُصنع في العالم العربي، وبالتالي هذا الأمر يُعزز مكانة لبنان كدولة رائدة في مجال الابتكار الصناعي والتكنولوجي، ويُظهر للعالم أن هذا البلد على الرغم من الأزمات قادر على المنافسة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة.
Advertisement
مواصفات عالمية
ويقول حسامي ان "سكاي ليرة" هي وسيلة نقل أو flying taxi تسير بسرعة 130 كلم وبمسافة نحو 40 كلم أي المسافة ما بين بيروت وصيدا، ويُمكن شحنها خلال 10 دقائق.
ويُشير إلى انه "تم تصنيع طائرتين بمواصفات عالمية، الأولى من دون سائق والثانية تُقلع مع سائق، وهما تتسعان لشخص واحد وليستا بحاجة إلى مدرج فهما تقلعان وتهبطان عمودياً وتحتويان على 8 محركات".
الأولى بهيكل مقفل وهي تحلق من دون سائق تُسمى autonomous aerial vehicle وقد أعطيت رقم 10452 لأنها تطير على مسافة كل الوطن، أما الثانية وهي Skylira فأعطيت رقم 961 وهو رمز الاتصال بلبنان.
أما في ما يتعلق بحيازة تصريح لبدء تسيير هاتين السيارتين الطائرتين، يلفت حسامي إلى انه "سيجتمع قريبا مع المعنيين من بينهم وزيرا الصناعة والطاقة، فهذا المشروع لا يزال أمرا جديدا في لبنان لوضع آلية وبرنامج للسيارات الطائرة، وسيكون هناك بالطبع برنامج ليتم تسييرها".
ويُضيف حُسامي: "قد لا نستطيع استخدام هذه التكنولوجيا حاليا في لبنان بسبب عدة عوامل ولكن يُمكننا ان نصدرها إلى الخارج لتحريك العجلة الاقتصادية للبلد وتوفير فرص عمل للشباب اللبناني، وهدفنا كمرحلة أولى تصنيع وتصدير هذه التكنولوجيا للمُساهمة في تعزيز الاقتصاد اللبناني".
أهميتها الاقتصادية
ولفت إلى انه "ثمة دراسات أظهرت ان نسبة مبيعات السيارات الطائرة ستتخطى الـ 1.5 تريليون دولار في السنوات المُقبلة وإذا استطاع لبنان ان يلعب دورا مهما في هذا الموضوع يمكن من خلال هذه الصناعة وخلال الـ 10 سنوات المُقبلة ادخال 300 مليار دولار إلى خزينة الدولة اللبنانية وبالتالي هذا مشروع ضخم ويتطلب دعما من قبل الدولة".
ويؤكد حسامي ان مشاريع مثل "سكاي ليرة" تجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والصناعة، كما ان إطلاق صناعة السيارات الطائرة في لبنان سيؤدي إلى فتح مجالات عمل جديدة، بدءًا من التصميم والإنتاج وصولًا إلى الصيانة والخدمات اللوجستية.
ويُضيف :"صناعة مثل "سكاي ليرة" ستدعم قطاعات أخرى مثل الطاقة المتجددة، البرمجيات، والبحث العلمي، مما يخلق نظامًا اقتصاديًا مترابطا".
ويُشدد على ان "نجاح "سكاي ليرة" في الأسواق العالمية يمكن أن يُشكل مصدر دخل مهم للبنان عبر التصدير، مما يُساهم في دعم الاقتصاد الوطني".
ولفت إلى ان "النجاح في هذا المجال يتطلب بيئة داعمة تشمل قوانين تحفّز الاستثمار، وبنية تحتية متطورة، وتعاونا بين القطاعين العام والخاص".
ويؤكد حسامي ان "سكاي ليرة" ليست فقط ابتكارًا صناعيًا بل هي فرصة لإعادة تشكيل الاقتصاد اللبناني من خلال التركيز على التكنولوجيا المتقدمة والصناعات المستدامة وإذا تم استثمار هذا الإنجاز بشكل صحيح، يمكن أن يكون نقطة انطلاق لمستقبل أكثر ازدهارا للبنان."
إذا صناعة أول سيارة طائرة في لبنان يُشكل إنجازا جديدا وفرصة للمُساهمة في الابتكار الصناعي على الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة ويؤكد ابداع اللبناني في كافة المجالات.