بعد ساعات قليلة من هجوم "هيئة تحرير الشام"، وسيطرتها على مدينة حلب ذات الأهمية الكبرى، أقالت روسيا المسؤول عن قواتها في سوريا الجنرال سيرغي كيسيل، وعيّنت قائد معركة "تحرير حلب" في عام 2017 ألكسندر تشايكو، قائدا للقوات الروسية في سوريا. ويأتي التعيين الجديد في سياق الاستعداد الروسي لمرحلة جديدة من مقاربة الصراع في سوريا، ويعطي للبعد العسكري هامشاً أوسع، على حساب الرهان على تركيا التي لم تف بتعهداتها التي التزمت بها بموجب اتفاقيات سوتشي وأستانا.
Advertisement
وترددت في الساعات الماضية معلومات تفيد أن الرئيس السوري بشار الأسد زار موسكو الأسبوع الماضي، والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبحث ملفات استراتيجية تتعلق بمستقبل سوريا السياسي والعسكري، وسط تأكيد مصادر روسية، أن موسكو ستواصل دعم الأسد، وستعمل من أجل تحقيق الاستقرار في الأوضاع في سوريا، وقد شاركت روسيا في غارات على مواقع فصائل المعارضة المسلحة التي هاجمت حلب وحماة وإدلب، علما أن تعزيزات عسكرية كبيرة وصلت إلى مدينة حماة لتعزيز القوات الموجودة على الخطوط الأمامية والتصدي لأي محاولة هجوم قد تشنها التنظيمات الإرهابية المسلحة.
وتتهم روسيا أوكرانيا بتقديم دعم عسكري لعناصر "هيئة تحرير الشام"، في الهجوم ضد القوات السورية في شمال غرب سوريا، وشدد السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا في اجتماع لمجلس الأمن على أن "مقاتلي هيئة تحرير الشام لا يخفون حقيقة أنهم مدعومون من أوكرانيا فحسب، بل يتباهون بذلك"،متهماً أوكرانيا بتزويدهم بطائرات مسيرة على وجه الخصوص.
ومن الواضح، بحسب السفير الروسي السابق في لبنان ألكسندر زاسيبكين أن الهجوم الإرهابي في سوريا أصبح جزءاً من عملية التصعيد الدولي الذي يقوم به المعسكر الغربي في الأسابيع الأخيرة لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وتساهم بعض العوامل فيه خاصةً مع انشغال محور المقاومة في مواجهة مع إسرائيل، كل ذلك يأتي أيضاً خلال فترة تجميد الوضع حول إدلب،حيث استفاد الإرهابيون منها للتمهيد لحملة عسكرية جديدة، حيث استعادوا تجربة الحرب في أوكرانيا بمساعدة نظام كييف، فالهجوم المفاجئ في حلب يشبه عملية كورسك الأوكرانية، مع الاشارة في هذا السياق، إلى أن مصادر سياسية سورية ترى في السياق نفسه، أن هناك من يحاول تسخين الأوضاع في سوريا قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في 20 كانون الثاني المقبل والذي يتجه إلى تبني إستراتيجيات جديدة حيال الملفين الاوكراني والسوري والتي لا تتناسب مع الدول الداعمة للمعارضة السورية.
ويشير زاسيبكين إلى أن الجيش السوري يقوم بالتعاون مع حلفائه في محور المقاومة وروسيا بالهجوم المضاد، ويلعب الطيران الروسي دوراً مهما فيه. ولا يتوقع زاسيبكين، تغييرات كبيرة في عملية مكافحة الإرهاب وإذا كانت هناك أية أخطاء أو ثغرات فسيتم معالجتها من خلال التنسيق الوثيق بين موسكو ودمشق وطهران من أجل تأمين نجاح العملية، معتقداً أن العلاقة على مستوى القيادة السياسية والعسكرية متينة جداً، قائلاً :"أنا مقتنع أن الثقة قائمة ومتينة بين الرئيسين بوتين والاسد وهذا يساعد في اتخاذ قرارات مناسبة سريعاً".
أما بالنسبة لتركيا، فدورها الآن لا يزال غير واضح، يقول زاسيبكين، وهذا الأمر سوف يتوضح خلال الأيام المقبلة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مصير مسار أستانا، مع الإشارة إلى أن الرئيس الروسي شدد أمس خلال محادثة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، على "ضرورة إنهاء العدوان الإرهابي لجماعات متطرفة على الدولة السورية بسرعة، وتقديم الدعم الكامل لجهود السلطات الشرعية لاستعادة الاستقرار والنظام الدستوري".
وفي كل الأحوال، يؤكد زاسيبكين، أن الأهداف الأساسية لروسيا تكمن في استعادة سوريا سيادتها في كافة أنحاء البلاد وإزالة الوجود الإرهابي فيها وانسحاب القوات الأجنبية الموجودة بطريقة غير شرعية.