"اسمع تفرح. جرّب تحزن". "ما تقول فول حتى يصير بالمكيول". المؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين". من جرّب المجرب بيكون عقلو مخرّب".
هي أمثال لبنانية مقتبسة من واقع عاشه اللبنانيون على مدى سنوات قبل أن تصبح على كل شفة ولسان. وهي تنطبق اليوم أكثر من أي يوم آخر على الواقع اللبناني المذري، الذي أصبح فيه عدّ الشهداء الذين يسقطون كل يوم بالعشرات كـ "شربة المي". صحيح أن هؤلاء اللبنانيين لم يكونوا يريدون هذه الحرب، التي فُرضت عليهم غصبًا عنهم، ويتطلعون إلى اليوم الذي يُعلن فيه وقف إطلاق النار، ولكن ليس بأي ثمن بعد كل هذه الخسائر التي منوا بها. فما يمكن أن يقبل به لبنان من أفكار وردت في الورقة الأميركية لن يتعدّى الخطوط الحمر المرسومة في القرار 1701. فلو طُبّق هذا القرار بروحيته وبحرفيته لما كان لبنان قد تكبّد كل هذه الخسائر البشرية والمادية. فالمسؤولية مشتركة في عدم التطبيق، وإن كانت إسرائيل هي التي كانت تخرقه باستمرار وأكثر بكثير مما فعله "حزب الله" قبل أن يعلن مساندة أهل غزة انطلاقًا من المنطقة الحدودية، التي كان من المفترض ألا يكون فيها بكامل عتاده الحربي.
التجارب السابقة مع إسرائيل لا تشجّع كثيرًا على التفاؤل، الذي يجب أن يكون حذرًا. إلاّ أن اتفاق ترسيم الحدود البحرية، الذي رعته الولايات المتحدة الأميركية قبل سنتين وشهر تقريبًا، والذي لمع فيه اسم آموس هوكشتاين، يسمح للبنانيين بأن يتفاءلوا بحذر. وهذا التفاؤل الحذر هو واقع ينطلق منه كل من الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري، لأنهما يعرفان مسبقًا نوايا إسرائيل العدوانية. ففي الوقت، الذي كان الموفد الأميركي مجتمعًا مع رئيسي مجلس النواب ومجلس الوزراء كانت إسرائيل تدّك أكثر من منطقة لبنانية في الجنوب والبقاع. ويُسأل هوكشتاين إذا ما كان متيقنًا فعلًا من أن إسرائيل تريد التوصل إلى اتفاق. فإذا كان جوابه بـ "نعم" فلماذا لم توقف إذًا قصفها القاتل والمدّمر؟
في المرّات السابقة، التي كان هوكشتاين يأتي فيها إلى المنطقة كان يبدأها بزيارة تل أبيب قبل أن يتوجّه إلى بيروت لينقل إلى كل من الرئيسين ميقاتي وبري نتيجة محادثاته مع المسؤولين الإسرائيليين. لكن هذه المرّة بدأ جولته من بيروت. ومنها سيتوجه إلى تل أبيب حاملًا معه الردّ اللبناني، الذي وصف لقاءه به بإنه كان بنّاء للغاية، مؤكدًا "أننا أمام فرصة حقيقية للوصول إلى نهاية للنزاع، والنافذة مفتوحة الأن". وأشار إلى أنه "ملتزم بالقيام بكل ما بوسعي للوصول إلى نهاية لهذا النزاع. لقد أجرينا نقاشات مفيدة للغاية لتضييق الفوارق".
فما سمعه هوكشتاين في بيروت يطمئن. ولكن ما قد يسمعه في تل أبيب يدعو إلى الريبة. وهذه الريبة ليست مجرد محاسبة على النوايا، بل هي نابعة من اعتقاد مطلق بأن إسرائيل ستحاول "اللعب" على عامل الوقت وعلى التناقضات، خصوصًا أن لها باعًا طويلة في هذا المجال. وما قد يسمعه من رئيس حكومة الحرب بنيامين نتنياهو سبق له أن سمعه قبل أن يستقّل طائرته من واشنطن إلى بيروت. وما سمعه هذه المرّة متطابق مع ما اعتاد أن يسمعه في كل مرّة. ولو أتى هذا الكلام من دون أن تصحبه موجة جديدة من القصف لكان وقعه أقل سوءًا وأقّل ضررًا على المسار التفاوضي.
ما يهمّ اللبنانيين هو وقف لإطلاق النار يليه مباشرة إلزام الجميع تطبيق القرار 1701 من دون زيادة أو نقصان، وتعزيز تموضع الجيش في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، وقد أمست معظم القرى فيها منكوبة. هذا ما ابلغه الرئيس ميقاتي لهوكشتاين. وهذا الكلام هو خارطة طريق لعودة الاستقرار إلى كل لبنان والمباشرة بعملية مسح الأضرار تمهيدًا لإعادة البناء، التي تتطلب وقتًا ليس بقصير، مع ما يُفترض أن يُعمل من أجل تأمين الحاجات الضرورية للنازحين قبل عودتهم الآمنة والسالمة إلى قراهم وأرزاقهم.
فلبنان أعطى جوابه المدروس بدّقة وعناية. ويبقى أن تعطي إسرائيل جوابها على ما ورد في الورقة الأميركية وما تضمّنه الجواب اللبناني. فهل تفعل؟
التجارب السابقة مع إسرائيل لا تدعو إلى الكثير من التفاؤل حتى ولو كان حذرًا، إذ أن لها "حكاية طويلة" مع مساعي وقف النار في غزة، التي لا تزال تعاني حتى اليوم.
هي أمثال لبنانية مقتبسة من واقع عاشه اللبنانيون على مدى سنوات قبل أن تصبح على كل شفة ولسان. وهي تنطبق اليوم أكثر من أي يوم آخر على الواقع اللبناني المذري، الذي أصبح فيه عدّ الشهداء الذين يسقطون كل يوم بالعشرات كـ "شربة المي". صحيح أن هؤلاء اللبنانيين لم يكونوا يريدون هذه الحرب، التي فُرضت عليهم غصبًا عنهم، ويتطلعون إلى اليوم الذي يُعلن فيه وقف إطلاق النار، ولكن ليس بأي ثمن بعد كل هذه الخسائر التي منوا بها. فما يمكن أن يقبل به لبنان من أفكار وردت في الورقة الأميركية لن يتعدّى الخطوط الحمر المرسومة في القرار 1701. فلو طُبّق هذا القرار بروحيته وبحرفيته لما كان لبنان قد تكبّد كل هذه الخسائر البشرية والمادية. فالمسؤولية مشتركة في عدم التطبيق، وإن كانت إسرائيل هي التي كانت تخرقه باستمرار وأكثر بكثير مما فعله "حزب الله" قبل أن يعلن مساندة أهل غزة انطلاقًا من المنطقة الحدودية، التي كان من المفترض ألا يكون فيها بكامل عتاده الحربي.
Advertisement
في المرّات السابقة، التي كان هوكشتاين يأتي فيها إلى المنطقة كان يبدأها بزيارة تل أبيب قبل أن يتوجّه إلى بيروت لينقل إلى كل من الرئيسين ميقاتي وبري نتيجة محادثاته مع المسؤولين الإسرائيليين. لكن هذه المرّة بدأ جولته من بيروت. ومنها سيتوجه إلى تل أبيب حاملًا معه الردّ اللبناني، الذي وصف لقاءه به بإنه كان بنّاء للغاية، مؤكدًا "أننا أمام فرصة حقيقية للوصول إلى نهاية للنزاع، والنافذة مفتوحة الأن". وأشار إلى أنه "ملتزم بالقيام بكل ما بوسعي للوصول إلى نهاية لهذا النزاع. لقد أجرينا نقاشات مفيدة للغاية لتضييق الفوارق".
فما سمعه هوكشتاين في بيروت يطمئن. ولكن ما قد يسمعه في تل أبيب يدعو إلى الريبة. وهذه الريبة ليست مجرد محاسبة على النوايا، بل هي نابعة من اعتقاد مطلق بأن إسرائيل ستحاول "اللعب" على عامل الوقت وعلى التناقضات، خصوصًا أن لها باعًا طويلة في هذا المجال. وما قد يسمعه من رئيس حكومة الحرب بنيامين نتنياهو سبق له أن سمعه قبل أن يستقّل طائرته من واشنطن إلى بيروت. وما سمعه هذه المرّة متطابق مع ما اعتاد أن يسمعه في كل مرّة. ولو أتى هذا الكلام من دون أن تصحبه موجة جديدة من القصف لكان وقعه أقل سوءًا وأقّل ضررًا على المسار التفاوضي.
ما يهمّ اللبنانيين هو وقف لإطلاق النار يليه مباشرة إلزام الجميع تطبيق القرار 1701 من دون زيادة أو نقصان، وتعزيز تموضع الجيش في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، وقد أمست معظم القرى فيها منكوبة. هذا ما ابلغه الرئيس ميقاتي لهوكشتاين. وهذا الكلام هو خارطة طريق لعودة الاستقرار إلى كل لبنان والمباشرة بعملية مسح الأضرار تمهيدًا لإعادة البناء، التي تتطلب وقتًا ليس بقصير، مع ما يُفترض أن يُعمل من أجل تأمين الحاجات الضرورية للنازحين قبل عودتهم الآمنة والسالمة إلى قراهم وأرزاقهم.
فلبنان أعطى جوابه المدروس بدّقة وعناية. ويبقى أن تعطي إسرائيل جوابها على ما ورد في الورقة الأميركية وما تضمّنه الجواب اللبناني. فهل تفعل؟
التجارب السابقة مع إسرائيل لا تدعو إلى الكثير من التفاؤل حتى ولو كان حذرًا، إذ أن لها "حكاية طويلة" مع مساعي وقف النار في غزة، التي لا تزال تعاني حتى اليوم.