الدكتورة سوسن الطوخى.. مسيرة عطاء لا ينضب

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

صاحبة فكرة إنشاء مركز تخصصى لعلاج أمراض قلب الأطفال

حرصت على إقامة أفراح جماعية لليتيمات.. وأنشأت فصولاً لمحو الأمية بالجهود الذاتية

تمتعت بشعبية كبيرة وحب جارف فى مدينتى الجيزة و6 أكتوبر

نظمت دورات تثقيفية للتمكين السياسى للمرأة وأقامت مشروعات لتدوير المخلفات

أوصت باستكمال رسالتها فى تبنى روح العطاء والإنسانية ومساعدة غير القادرين من الطلاب.. وأعلت قيمة المسئولية المجتمعية وشهد الجميع لها بحب الخير

 

تتجدد الذكرى السنوية لرائدة من رواد التعليم العالى فى مصر.. وإحدى قائدات العمل الخيرى والتطوعى، وهى الدكتورة المهندسة سوسن الطوخى، مؤسس وعضو مجلس أمناء جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ورئيس مجلس إدارة معهد أكتوبر العالى للهندسة والتكنولوجيا وعضو مجلس أمناء جمعية الدكتورة سعاد كفافى.

حظيت الدكتورة سوسن الطوخى - رحمها الله - بشعبية كبيرة فى الجيزة ومدينة أكتوبر لما حملته على عاتقها من إنشاء مشروعات لخدمة الأهالى والبسطاء من العامة، رغم انشغالها فى إدارة أعمال معهد أكتوبر العالى للهندسة والتكنولوجيا، إلا أن كثرة مشاغلها وأعبائها لم تقف عائقاً فى سبيل خدمة الأهالى، حيث كانت تقوم بتنظيم دورات تثقيفية للتمكين السياسى للمرأة، وكانت حريصة كل الحرص على إقامة الأفراح الجماعية للفتيات اليتيمات، كما كان لها السبق الأول فى إقامة فصول لمحو الأمية للمرأة بالجهود الذاتية، إضافة إلى عمل مشروعات لتدوير المخلفات وغيرها من المشاريع الخدمية، كما استطاعت بدورها تبنى عدد كبير من طلاب المعهد غير القادرين، حتى بعد رحيلها، فقد أوصت باستكمال رسالتها.

من يبحث فى سيرة الدكتورة سوسن الطوخى يدرك سر الحب الجارف لها والذى يكنه كل من عايشها عن قرب وعرفها، فقد كانت الدكتورة سوسن الطوخى - رحمها الله - تؤمن بأهمية العمل المجتمعى وإعلاء قيمة المسئولية المجتمعية، فقد كانت تقول عن نفسها إنها تجيد العمل ولا تجيد الكلام. فكما قالت: «من الممكن أن أعمل 24 ساعة فى اليوم دون تعب، فقد عودتنى دراسة الهندسة المعمارية على ذلك، حيث كنا لا ننام أثناء الدراسة».

وتعد الدكتورة سوسن الطوخى - رحمها الله - من أقرب الناس إلى

قلب شقيقها الدكتور خالد الطوخى.

امتلكت الراحلة العظيمة عزيمة وإصراراً وإرادة جعلتها تتغلب على كل المعوقات، فقد كانت لا تحب أن يغلبها شىء أبداً.

إن سير العظماء لا تموت، وما أصعب الكلمات حينما تكتب فى رثاء أى منهم، فقد تتداعى الذكريات بحلوها ومرها، ولا يمكن أن تصل الكلمات إلى حد التعبير عن مآثرهم أو دورهم فى الحياة، خاصة إذا كانوا قد تركوا آثاراً وبصمة عند كل من يعرفهم من أعمال خالدة وعطاء لا ينضب.

وقد حرص عملاء ووكلاء معهد أكتوبر العالى للهندسة والتكنولوجيا فى ذكراها على تأبين الراحلة العظيمة، وكل منهم يتذكر مواقف إنسانية حدثت معهم.

رحلت الدكتورة سوسن الطوخى عن عالمنا بجسدها فى الثانى من يوليو 2013، لكن تبقى سيرتها العطرة وأعمالها الخالدة وعطاؤها الذى لا ينضب، نبراساً يستضئ به كل من سار على نهجها فى طريق العطاء والعمل الخيرى والإنسانى قبل المهنى والتعليمى، من أجل الناس والعلم ومن أجل الإنسانية، وهو طريق بدأته الراحلة العظيمة ويسير على نهجه الابن الدكتور خالد الطوخى.

ويكفى دليلاً على إنسانية الراحلة التى اهتمت بالعمل الخيرى والتطوعى أنها صاحبة فكرة إنشاء مركز سوسن الطوخى المتخصص فى علاج أمراض القلب للأطفال مجاناً.

وقد افتتح مركز علاج جراحة القلب المفتوح للأطفال فى مارس من عام 2015، بمستشفى سعاد كفافى الجامعى التابع لكلية الطب البشرى بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، حيث يقدم المركز الخدمات لغير القادرين لإجراء عمليات القلب المفتوح والفحوصات الطبية للأطفال بالمجان، صدقة على روح الدكتورة سوسن الطوخى التى كانت تحلم بافتتاح المركز.

ويعالج المركز أطفال مصر بأحدث النظم، وبه جميع التجهيزات المطلوبة لقسطرة قلب الأطفال التشخيصية والعلاجية، حيث تجرى به جميع جراحات القلب المفتوح والصدر للأطفال.

وكانت الرحلة تتحلى بروح العطاء والمحبة

والرغبة فى مساعدة غير القادرين، روح المقاومة ومواجهة الآلام ومحاولات التشويه، روح الرغبة فى خدمة المجتمع حتى آخر أيام حياتها التى أفنتها من أجل الخير والعمل الإنسانى، وكانت هذه الروح التى تتحلى بها الراحلة العظيمة هى روح الرائدة سعاد كفافى والتى يحملها أيضاً خالد الطوخى.

أما سيرتها المهنية فهى حافلة بالإنجازات بدأت بمولدها فى السادس من يوليو عام 1957، وتدرجها فى سلك التعليم، حتى حصلت على الدكتوراه فى الهندسة المعمارية، وأبرز مؤلفاتها كتاب (نظريات العمارة «الجزء الأول»)، وكتاب (نظرية العمارة للهندسة المعمارية «الجزء الثانى»)، وكتاب (مدن صحراوية).

شاركت الراحلة العظيمة فى العديد من المشروعات الخدمية الكبرى منها «مشروع أرض المروحة بالقطامية» بمحافظة القاهرة ومشروع تطوير ميدان الأوبرا وحديقة الأزبكية ومشروع تطوير محطة مصر وموقف أحمد حلمى.

أما من حيث الخبرة العلمية، فقد كانت مهندساً معمارياً واستشارياً للعديد من الشركات المعمارية الكبرى ومدير مركز الدراسات الاستشارية للعمارة والتخطيط لخدمة المجتمع.

كما عملت الدكتورة سوسن الطوخى مستشاراً للجنة التعليم بمجلس الشعب وعضواً بالاتحاد الأوروبى للتحكيم الدولى الهندسى ممثلاً عن مصر، وعضواً بالمنطقة الدولية لإدارة المشروعات «phi» بأمريكا وعضواً لمجلس إدارة فى مؤسسة umar لمعمارى دول البحر المتوسط وعضواً بالمجلس العربى للطفولة والتنمية، وعضواً بمجلس سيدات الأعمال بدولة الإمارات العربية «الشارقة»، ومثلت مصر فى هيئة المعماريين العرب.

ومن الطبيعى بعد كل هذه الإنجازات والسيرة الحافلة أن تحصد الراحلة العديد من شهادات التقدير، منها شهادة مهندس استشارى من نقابة المهندسين المصرية، وشهادة تقدير من هيئة المعماريين العرب وشهادة تقدير من الصندوق المصرى السويسرى وجمعية المرأة والمجتمع وشهادة تقدير من جمعية المهندسين الكويتية، وشهادة تقدير من مكتبة الإسكندرية وشهادة تقدير من التحكيم المعمارى الأوروبى.

وكانت الراحلة صاحبة أياد بيضاء على جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا لا تزال شاهدة على إبداعها، فقد صممت أوبرا مسرح جامعة مصر، وأرض الامتداد الخاص بتوسعات الجامعة، وفى معهد أكتوبر العالى للهندسة والتكنولوجيا، صنعت صرحاً علمياً يتحاكى به الجميع ويتمتع بسمعة علمية طيبة فى الوسط الأكاديمى المصرى.

ومن ينظر بعين المنصف يرى أن هناك مهمة ثقيلة لا يقدر على حملها الكثيرون ألا وهى السير على طريق الراحلة العظيمة، إلا أن الأمل قائم يتجسد فى ابنتيها «بسمة» و«ندى» اللتين تديران معهد أكتوبر العالى للهندسة والتكنولوجيا، على نفس نهج الراحلة الأم.. رحمها الله وأثابها حسن الجزاء على ما قدمت خلال حياتها من أجل العمل الخيرى والتطوعى بما يخدم الإنسانية ويقف فى صالح العلم الأكاديمى.

وقد أوصت الدكتورة سوسن الطوخى ابنتيها «بسمة» و«ندى شيرين» باستكمال أعمال الخير التى بدأتها.

0 تعليق