الإثنين 18/نوفمبر/2024 - 02:26 م 11/18/2024 2:26:42 PM
أكملت الخامسة والثلاثين.. رقم لم يجعلني أشعر بالسعادة، بل يُشعرني وكأنني أقف عند مفترق طرق بين الفتاة التي كنتُها والمرأة التي أصبحتُها دون أن أدرك كيف أو متى حدث ذلك. ما زلت أبحث عن "الفتاة" داخلي، أتمسك ببراءتها، بحلمها، بلحظات ضعفها التي كانت تُشعرها بالإنسانية.
هل أنا امرأة حقًا؟ ربما يقول الرقم ذلك، وربما يؤكد العالم حولي.. لكن قلبي؟ قلبي ما زال فتاة في السابعة، تتذكر صباحًا بائسًا فقدت فيه ابتسامة أمها الأخيرة، وتركتها الحياة تُواجه الغياب الأبدي. أو فتاة في العاشرة تبكي خوفًا من أن تفقد والدها الذي كان يعاني في المستشفى، ليتحول هذا الخوف يومًا إلى حقيقة تُثقل كاهلها بكلمة "يتيمة"، الكلمة التي كنت أرتعد من سماعها أكثر من خوفي من النضج نفسه.
رغم سنواتي الخمس والثلاثين، لم أنضج كما ينبغي. لم تتعود "الفتاة" بداخلي على مواجهة قسوة الأيام وحدها. أعيش بين مشاعر متناقضة: أحيانًا كشجرة تبدو قوية، جذورها ثابتة في الأرض، وأحيانًا كنبتة صغيرة تتوق إلى يد تُدللها وتُحادثها، يد تفهم متى تحتاج الشمس ومتى تحتاج الظل.
الحياة قسَت عليّ أحيانًا، وتركت ندوبها على قلبي. لكنها لم تستطع أن تُطفئ شغفي أو تُحوِّل قلبي إلى شيء يُشبه "الناضجين". ما زلت أرى نفسي فتاة الثامنة عشرة، بصوتها الذي لا يشبه الكبار، بأحلامها التي لم تكبر ولم تذبل.
ربما لم أجد حتى الآن ما أبحث عنه، لكنني أيضًا لم أفقد أملي. أؤمن أن الحب والصدق الذي أستحقه سيصل يومًا إلى تلك الفتاة التي بداخلي، حتى لو ظل العالم يقول إنني أصبحت من "النساء".
عيد ميلادي أصبح مجرد رقم، يذكرني بأنني نضجت أمام الناس، لكنني لم أتخلَ يومًا عن الطفلة والمراهقة بداخلي. لا تزال كل منهما تُحدثني، تُعلمني أن أعيش، أن أُحب، أن أبحث عن السعادة وأتشبث بها، حتى لو بدا أنني "كبرت".
في هذا العام أقول لنفسي: كل عام وأنتِ أنتِ، تلك الفتاة التي تأبى أن تُصبح امرأة مكتملة إلا كما تُريد هي!