السبت 16/نوفمبر/2024 - 11:40 م 11/16/2024 11:40:07 PM
(١)
الدولة المصرية المؤسسية العريقة تنتفض – بالقانون - لكتابة الفصل الأخير فى قصة فوضى التسلل واللاجئين وإقامة الأجانب بشكل غير مشروع. قامت مصر عبر السنوات الماضية بواجبها الأخلاقى تجاه التزاماتها القومية، واستضافت بكرمٍ معتاد ملايين الضيوف على أرضها رغم ما تواجهه من صعوبات اقتصادية إيمانا منها بقيمة دورها التاريخى وعظم قامتها فى المنطقة. ترفعت عن الصغائر وتعاملت مع الجميع بما يليق بها وبشخصيتها، وعاملت ضيوفها كأبناء الدار رغم كل ما اقترفه بعض هؤلاء الضيوف تجاهها، لكنها تعففت واقتطعت من قوت أبنائها ما سد جوعٍ، ومنح أمنا للجميع، صان من صان، وغدر من غدر، وتطاول من تطاول!
ولما ظن البعض أن مصر غير قادرة على ضبط أيّ مما يجرى على أرضها، سواء كان هذا البعض من أبناء الدار من طبقة المنتفعين وأغنياء الحروب أو الوافدين، أصبح لزاما أن تكون هناك نقطة نظام تلزم الجميع بجادة الأمور، فتحركت الدولة المصرية فى هدوءٍ وثقة وبما يتفق تماما مع قوانينها والتزاماتها الدولية وعراقتها، ومنحت كل من فرّ إليها طلبا لأمنها وأمانها وكرمها الفرصة تلو الفرصة للمبادرة من تلقاء أنفسهم لضبط المشهد الذى توهم الواهمون عجزها عن ضبطه!
(٢)
بدأت مصر أولا بخطابٍ ودى للجميع تخللته توقيتات زمنية كريمة جدا لكى يبادر كل من يعيش على أرضها إلى تقنين أوضاعه أو المغادرة بهدوء. حتى انقضت آخر هذه المهلات الزمنية، فبدأت الدولة المصرية فى تطبيق قوانينها المشروعة بالتعاون مع حكومات الدول المعنية، وبما يحقق العودة الآمنة لمن لم يلتزموا أو يتعاملون بجدية مع كلمتها.
ضبطت مصر حدودها الجنوبية بجدية وصرامة وشرف ووضعت نهاية منطقية لمافيا تهريب البشر والتسلل غير الشرعى. وكل من يقطن بمدن مصر الحدودية الجنوبية يعلم ذلك.
حتى وصلنا إلى المشهد الأخير، الدولة المصرية العريقة تكتب فصل الخطاب، وتصوغ قطعة قانونية تضع الأمور فى نصابها الصحيح لتقدمها كمشروع قانون أمام مجلس النواب لمناقشته يوم الأحد ١٧ نوفمبر قبل إقراره. مشروع قانون يضع الملف برمته فى يد الدولة المصرية بشكل رسمى دستورى قانونى، ويجعلها متفردة هى صاحبة القرار الأول والأخير، ويمنحها وحدها الحق فى تحديد من تريد استضافته كلاجىء وبما يتفق مع التزاماتها الدولية الموقعة عليها عبر العقود الماضية شأن باقى دول العالم. والذين راهنوا على عجز مصر عن فرض كلمتها على أرضها وراهنوا على فشلها فى أدارة هذا الملف، عليهم أن يلتزموا الصمت وأن يدركوا قدرة أقدم دولة مركزية فى التاريخ على إدارة شؤونها باحترافية وفى التوقيت الذى تختاره بما يتوافق مع مصلحتها الوطنية الخالصة. فمصر كدولة عضو فى الأمم المتحدة هى منضمة بالفعل إلى عدد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بتنظيم أوضاع اللاجئين (اتفاقية الأمم المتحدة بجنيف ١٩٥١م، اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية الخاصة بأوضاع اللاجئين فى أفريقيا بأديس أبابا ١٩٦٩م، وبروتوكول تعديل الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين ١٩٨٠م.)
(٣)
فى العامين الماضيين استفز المصريين – وأنا منهم – ما كنا نقرأه على ألسنة بعض الضيوف من أن مفوضية الأمم المتحدة للاجئين هى صاحبة القرار وليست مصر فى الموافقة أو رفض قبول طلب اللجوء. تطاول بعضهم وأسمع المصريين ما يستفز كرامتهم الوطنية، وكأن تلك المفوضية أصبحت هى المندوب السامى على أرض مصر، أو كأن مصر مغلولة الأيدى. بعضهم استعلى على مصر وشعبها ونشر وهما خالصا عما تدفعه تلك المفوضية من عملات صعبة للدولة المصرية التى لا تملك إلا الرضوخ طلبا لتلك الأموال!
ثم انكشفت الأوهام، وعلمنا أن مصر كعادتها بلغت فى الكرم مداه الأعلى، وبات ضروريا أن تُلزم الجميعَ حجمه الحقيقى. وتجلى ذلك فى قيام كوكبة من قامات الدولة العريقة من ممثلى جميع مؤسساتها بصياغة هذا النص العبقرى، الذى وضع مفاتيح قدس أقداس مصر كاملة غير منقوصة مصر فى يدها وحدها، وبما يتفق مع القانون المصرى والكرامة الوطنية المصرية، وبما لا يتعارض مع التزامات مصر الدولية المشار إليها.
شمل القانونُ النصَ على إنشاء اللجنة (المصرية الخالصة) لشؤون اللاجئين، والتى تقع مسؤلية رئاستها والإشراف عليها ضمن اختصاص رئاسة مجلس الوزراء المصرى، وتشمل فى تكوينها ممثلين عن مؤسسات مصر المعنية من وزارات الخارجية والعدل والداخلية، بما يعنى الحفاظ التام على أمن مصر القومى، وبما يعنى إحصاء حقيقى دقيقى لكل فرد غير مصرى يقيم على الأرض المصرية.
هذه اللجنة ستكون هى - دون غيرها من هيئات غير مصرية - المسؤلة عن هذا الملف برمته، وسيكون رأى مفوضية الأمم المتحدة تاليا لها وتنسيقيا فقط، ولن تكون أية مؤسسة غير مصرية هى صاحبة القرار.
(٤)
المادة الأولى فى مشروع القانون نصت على تحديد تعريفٍ محترف دقيق لمعنى كلمة لاجىء يتم بناءً على إقراره حسم المشاهد الحالية بما فيها من لغطٍ وتضاربٍ فى الفهم – سواء الفهم المصرى الجمعى أو فهم الضيوف الجمعى - وبما فيها من استغلالٍ لهذا التضارب.
حصرت هذه المادة المعنى بشكل لا يحتمل أى مطاطية، وبمنطق معادلة رياضية محددة تحدد اطرافَها اللجنة. هذا يعنى ضمنا أن يخرج من هذه المظلة كل من لا تنطبق عليه الشروط الصارمة، وكل من لا يلتزم بتقديم بيانات حقيقية. ومعنى هذا الخروج أن يبحث ملايين (الضيوف) عن صفة أخرى للبقاء فى مصر بشكل شرعى كأجنبى! وأن يتم فض الاشتباك فى الفهم الشعبى الجمعى للمسالة، ويكتسب الجميع القدرة على التفرقة بين صفة اللاجىء ضيقة الحصر محددة المعنى، وبين صفة مقيم أجنبى بصفتها الواسعة. فللمقيم الأجنبى قصة أخرى وقوانين مصرية صارمة مختلفة عن محاولة التسلل لاكتساب صفة قانونية غير مستحقة حتى لو أتى هذا المقيم من بلادٍ بها اضطرابات أو حروب! فليس كل أجنبى ترك بلاده فى حالة حرب هو لاجىء يُلزم مصرَ بأن تسبغ عليه مزايا هذه الصفة!
فبمقتضى إقرار هذا القانون سيلزم لمنح أى شخص على أرض مصر هذه الصفة القانونية أن يكون لديه وقائع مادية محددة، وموثقة تثبت تعرضه بشكل شخصى محدد لتلك الاضطهادات المتنوعة الوارد تفصيلها فى نص المادة.
(٥)
ثم منح القانون للجنة وقتا كافيا تماما للبحث الجدى الحقيقى فى مدى أحقية طالبى اللجوء فى هذا الحق.
والذى يتراوح بين ستة أشهر وبين عام. وفى هذه الفترة الانتقالية بين تقدم طالب اللجوء بالطلب، وبين البث فى طلبه يكون للجنة الحق الكامل فى اتخاذ ما تراه لازما تجاه طالب اللجوء لاعتبارات حماية الأمن القومى والنظام العام فى مصر. وفى حالة رفض الطلب تقوم اللجنة تلقائيا بإبعاد طالب اللجوء خارج البلاد عبر إخطار الوزارة المعنية بذلك.
بل ومنحها مشروع القانون الحق الكامل فى أن تنزع هذه الصفة عمن يثبت كذبه أو تدليسه فيما بعد حصوله على هذه الصفة القانونية، أو من يخالف الشروط والضوابط التى يحددها القانون المصرى أو تعليمات اللجنة، أو انتفاء السبب الذى حصل من خلاله أى شخص على هذه الصفة سابقا.
ولقد نص مشروع القانون على موانع الحصول على حق اللجوء وهى مادة فى منتهى الأهمية وتثبت أن الدولة المصرية ليست ساذجة كما توهم البعض، وفى نفس الوقت تثبت احترام مصر الكامل لحقوق الدول التى ينتمى إليها طالبو اللجوء.
ومن تلك الموانع التى نص عليها مشروع القانون توفر أسباب جدية للاعتقاد بأن طالب اللجوء قد ارتكب جريمة ضد السلام أو جريمة حرب، أو جريمة فى بلاده قبل مغادرتها، أو أعمال مخالفة لأهداف ومبادىء الأمم المتحدة أو كان مدرجا على قوائم الكيانات الإرهابية داخل مصر، أو ارتكب أية أفعال من شأنها المساس بالأمن القومى أو النظام العام. وثبوت إحدى هذه الموانع ذاتها لاحقا يمنح اللجنة الحق فى سحب صفة لاجىء من أى شخص.
(٦)
يمنع نصُ مشروع القانون الحاصلين على هذه الصفة من حق القيام بأى ممارسات حزبية أو سياسية، أو المشاركة فى كيانات سياسية، أو ممارسة حقوق سياسية غير مكفولة إلا لامصريين. أى أن اللاجىء هو طالب أمن وأمان من مصر، وليس له الحق فى محاولة إشاعة أى نوع من لعبث على أرض الدولة التى منحته الأمن بعد خوف. احترامٌ كامل للدولة المصرية وشعبها وقوانينها وكيانها وحقوق أهلها السياسية.
له حرية المعتقد، لكن ليس له الحق فى ممارسات عقائدية خارجة عن الديانات السماوية الثلاثة بما يتفق مع الدستور المصرى والهوية المصرية، أى أنه لن يسمح لأى مجموعات حصل أفرادها على صفة لاجىء بمحاولة ممارسة طقوس من شأنها أن تعتدى على معتقدات المصريين اعتداءً روحيا أو ماديا.
مادة مهمة أخرى بنص القانون تنص على حق اللجنة – فى حالة الحرب أو مكافحة الإرهاب أو ظروف استثنائية خطيرة داخل مصر – اتخاذ ما تراه لازما حيال اللاجىء لاعتبارات الأمن القومى والنظام العام.
وحتى لا يعتقد أحدٌ أن الأمر يمكنه أن يتحول مع مرور الوقت إلى عمل صورى فقط دون الالتزام بجدية جمع المعلومات، فقد شمل مشروع القانون مادة هامة هى مادة المتابعة الدورية لعمل اللجنة من جانب رئاستها الأعلى وهى رئاسة مجلس الوزراء. نصت المادة على أن تقوم اللجنة بإعداد تقرير دورى بنتائج أعمالها كل ثلاثة أشهر يقوم بعرضه رئيس اللجنة على رئاسة مجلس الوزراء.
وضع نص القانون حدا للجدل الدائم حول موارد الإنفاق على الحاصلين على حق اللجوء فى مصر، حيث نص على أن تكون موارد اللجنة المالية بشكل أساسى من اعتمادات قد تخصصها الدولة بجانب المنح والتبرعات والهبات والإعانات.
معنى هذه ال (قد) هو تحرير الدولة المصرية من أية التزامات وأعباء مالية. ويتم طبقا لنص القانون خضوع اللجنة ماليا لإشراف ومراقبة البنك المصرى المركزى.
(٧)
مشروع هذا القانون هو بداية صفحة جديدة فى هذا الملف الشائك الذى شغل المصريين وتداخل مع تفاصيل حياتهم اليومية بشكل ضغط على أعصاب كثيرين. ولأن هذا المشروع بصياغته المحترفة هذه سوف يمثل تهديدا مباشرا لكثيرين من أصحاب المصالح والمنتفعين فى الداخل، وكثير من القوى فى الخارج، لذلك فمن المتوقع أن يتعرض القانون لموجة هجوم غير مباشرة تتخذ شكل حملات تشكيك فى أهدافه، واستقطاع بعض عباراته وفقراته والخروج بها من سياقها ومحاولة ترويجها للمصريين على اعتبار أنها هى مواد القانون وغايته على طريقة اقتطاع الآية الكريمة (ولا تقربوا الصلاة).
وأتوقع أن تكون حملات التشكيك منصبة فى ثلاثة نقاط محددة، الأولى هى العبارة الواردة ضمن عبارات كثيرة فى المادة الأولى من القانون والخاصة بتعريف اللاجىء. وهذه العبارة هى (أو بسبب عدوان أو احتلال خارجى أو غيرها من الأحداث التى تهدد بشكل خطير الأمن العام فى الدولة التى يحمل جنسيتها طالب اللجوء أو دولة الإقامة المعتادة..)
هذه العبارة ستمثل الطُعم الذى ستتم به محاولة نشر حالة تشكيك فى نوايا الدولة المصرية واتهامها بتمهيد الأرض بهذه العبارة لاستقبال أعداد كبيرة من جنسية عربية معينة. وكالعادة فسوف يبتلع هذا الطعم كثيرون رغم بساطة ووضوح كذب هذا الإدعاء عبر أحداث العام الماضى على الأقل، وعبر رفض مصر القاطع للرضوخ لمحاولات ابتزاز دولية كبرى لتنفيذ ذلك منذ الثامن من أكتوبر العام الماضى، وقبل ذلك منذ عام ٢٠٠٨م.
فلو كانت الدولة المصرية تريد تمرير ذلك لكانت تلك التواريخ وما صاحبها من أحداث هى الفرص الذهبية لذلك التمرير! والذين سيروجون هذه الأكاذيب يدركون ذلك، لكنهم يراهنون على ظاهرة ضعف ذاكرة بعض المصريين فى الآونة الأخيرة. والأهم من ذلك أن القيادة التى تستبق المؤامرة وتقوم بتأمين حدودها وتتكلف فى ذلك اموالا باهظة وحملات تشكيك ممنهجة، هذه القيادة غير قابلة للتشكيك فى وطنيتها وإخلاصها المطلق لبلادها وشعبها.
(٨)
النقطة الثانية التى ستتم محاولة استخدامها لانطلاق حملات التشكيك هى بعض البنود الخاصة بمن سيحصلون بالفعل على صفة لاجىء، سيتم ترويج أن هذه الحقوق والمزايا سيتم منحها لملايين الضيوف، وذلك لاستثارة المصريين وتأليبهم على الدولة المصرية بمقارنة هذه المزايا بما يحصل عليه المصريون ذاتهم.
فى حين أن أية قراءة مكتملة لمشروع القانون ستكشف بسهولة أن هؤلاء الذين سينجحون فى الحصول على هذه الصفة القانونية بعد إقرار هذا القانون سيكون عددهم فى أقصى حدود الحصر، وسيكون هذا العدد أيضا قابلا للنقصان بفعل نفس مواد القانون التى منحت اللجنة حق سحب الصفة حتى بعد منحها.
أى أن الذين سيحصلون على هذه الصفة سيكونون مستحقون بالفعل لهذه المميزات، والتى لن تتكلفها مصر من ميزانيتها العامة، كما لن يمثل هؤلاء أى تهديدات للأمن القومى المصرى بعد إقرار القانون. والتزام مصر بذلك ليس بدعة خاصة بها، وإنما هى فى ذلك شأنها شأن باقى دول العالم بشكل عام. وكل ما سوف يضيفه هذا القانون هو تقوية دور الدولة المصرية بمزيدٍ من تقنين إجراءاتها، والمواجهة القانونية المؤسسية المتزنة لبعض مستجدات ومشاهد الفوضى السياسية الإقليمية والآثار التى ألقتها على جميع الدول بما فيها مصر.
(٩)
نقطة التشكيك الثالثة ربما سيتم استثارتها بشكل مباشر عن طريق بعض عناصر الضيوف ممن يعلمون أنهم لا يستحقون الحصول على هذه الصفة أو الذين انتفت فى بلادهم الظروف التى دفعت مصر لاستضافتهم ومعاملتهم كمصريين. سوف يحاولون ابتزاز مصر والتحايل للحصول على غير ما يستحقون. وستكون وسيلتهم لذلك مواصلة شن حملات بث التشكيك بين المصريين. وسوف يشاركهم فى ذلك النهج بعض المنتفعين بشكل مباشر أو بعض العاملين فى منظمات تندرج تحت مسمى المنظمات الحقوقية دفاعا عن مكتسباتهم التى تقرب لأن تكون سمسرة مباشرة. هنا يأتى دور أصحاب الأقلام الوطنية المصرية والمؤسسات الإعلامية المصرية، بل والمواطنين العاديين عبر صفحاتهم الشخصية. علينا جميعا صد هذه الحملات المتوقعة عبر نشر الحقائق بدءً من نشر نصوص القانون كاملا وتوضيح توافقه مع قوانين مماثلة فى دول أخرى تدافع عن سيادتها ومصالح شعبها. وعبر نشر حقائق ما حدث فى البلاد التى نزح منها هؤلاء وتوضيح أدوار بعضهم فى المشاركة فى مآسى بلادهم، وأنهم ربما يشكلون خطرا على استقرار الدولة المصرية.
(١٠)
بقيت نقطة أخيرة. لقد كنت ممن كتبوا كثيرا عن ملف الضيوف واللاجئين وأرى فى مشروع هذا القانون خطوة هى الأهم فى حسم هذا الملف.
فى السنوات القليلة الماضية تعرضت مصر لضغوط غير مسبوقة لمحاولة زعزعة استقرارها وتهديد سلامة أراضيها، وبلغت تلك الضغوط ذروتها فى العام الأخير.
نحن العوام لا نعرف كل تفاصيل الكواليس السياسية وحجم ما جابهته الدولة المصرية. كنا نتعامل مع ما نراه على الأرض وندافع عن بلادنا.
أعتقد أن بعضنا ساهم – دون قصدٍ – فى مضاعفة الضغوط على الدولة المصرية دون أن ندرك أن لكل منا نصيبٌ عليه أن يتحمله حين تخوض البلاد حربا. وفى ملف الضيوف لم تكن مصر ساذجة أو ضعيفة أو مغلوبة على أمرها، لكنها كانت تتخذ قراراتها طبقا لما كانت تواجهه من تهديدات على حدودها الأربعة.
كان لاستيعاب أعداد كبيرة من الضيوف فى سنوات ملتهبة فى دول الجوار أسبابه المتعلقة بالأمن القومى المصرى وبجهد مصر فى محاولة العمل على خمد بؤر صراعات إقليمية تؤثر فى استقرار المنطقة برمتها.
وبعد هذه السنوات، وبعد أن رأينا كيف تدرجت مصر فى تعاملها مع الملف بهدوء وثبات واتزان، يجب أن نثق فى هذه الدولة العريقة وقدرتها على اتخاذ القرارات المناسبة فى التوقيتات المناسبة.
ما تحملناه كأفراد من أعباء معيشية ثقيلة جراء هذه الاستضافة كان جزءً من ثمن خوض معركة الحفاظ على مصر، تماما مثل ما تتحمله الشعوب فى سنوات الحرب. والآن علينا أيضا أن نقف فى خندق الدولة المصرية وأن نساند كل خطواتها المؤسسية القانونية المتدرجة. وأتمنى أن يدرك أعضاء مجلس النواب هذه الحقائق فى مناقشتهم لمشروع هذا القانون، وأن تتسم مناقشاتهم بالموضوعية البعيدة عن أية مزايدات قد يكون خلفها بعض أصحاب المصالح المتعارضة مع رؤية الدولة المصرية. ولن يحدث ذلك دون أن يلموا أولا بحقائق الملف المعلوماتية وأن تجمعهم مناقشات بينية – ليست بالضرورة أن تكون فى جلسات علنية - مع من صاغوا المشروع من كوادر المؤسسات المصرية.