انطلقت في ليبيا، اليوم السبت ، المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية، وهي خطوة حيوية في المسار السياسي الليبي الذي يسعى إلى استعادة الاستقرار وإعادة الشرعية للمؤسسات الوطنية. شملت هذه المرحلة 58 مجلسًا بلديًا موزعًا على مناطق الشرق والغرب والجنوب، حيث أشرفت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات لأول مرة على تنظيم هذا الحدث الديمقراطي، الذي يُعتبر بمثابة اختبار حقيقي لقدرة ليبيا على المضي قُدمًا نحو انتخابات تشريعية ورئاسية شاملة.
تنظيم شامل بمشاركة أكثر من 186 ألف ناخب
أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات انطلاق عملية الاقتراع في 352 مركزًا انتخابيًا، تشمل 777 محطة اقتراع. وتوجه أكثر من 186 ألف ناخب مسجل إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في المجالس البلدية. وتعتمد العملية على نظامَي "القائمة" و"الأفراد"، حيث يُتاح للناخبين اختيار المرشحين بناءً على برامجهم الانتخابية ورؤيتهم لتطوير البلديات المحلية.
وفقًا للمفوضية، تستمر الانتخابات من الساعة التاسعة صباحًا حتى السادسة مساءً، وسط إجراءات تهدف لضمان الشفافية والنزاهة، مع مراقبة من قبل منظمات دولية ومحلية لضمان مصداقية العملية الانتخابية.
الدعم الدولي ودور الأمم المتحدة في تعزيز الشفافية
رافقت الانتخابات البلدية إشادة ودعم من المجتمع الدولي، حيث حضرت القائمة بأعمال البعثة الأممية في ليبيا، ستيفاني خوري، والممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، صوفي كيمخدزه، غرفة العمليات المركزية للمفوضية. أكدت خوري أن الانتخابات تُعتبر أداة فعّالة للانتقال السلمي للسلطة وتعزيز العقد الاجتماعي بين الشعب ومؤسسات الدولة.
وأضافت أن الانتخابات البلدية، إذا أُجريت بشفافية ونزاهة، ستُشكل علامة فارقة في مسيرة ليبيا نحو الديمقراطية، وستُرسخ أسس الشرعية الوطنية. ودعت جميع المواطنين إلى المشاركة الفعّالة في هذه الانتخابات المهمة، معتبرة أن الإقبال الواسع يُعكس التزام الشعب الليبي بالديمقراطية ورغبته في بناء دولة مستقرة.
رؤية وطنية ودعوة للمشاركة من القيادات السياسية
دعا عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، جميع المواطنين إلى التوجه إلى مراكز الاقتراع لاختيار الكفاءات التي ستقود المجالس البلدية. وأكد أن هذه الانتخابات تمثل واجبًا وطنيًا ومسؤولية جماعية تسهم في تعزيز الاستقرار المحلي وبناء مستقبل أكثر إشراقًا.
وأوضح الدبيبة أن المجالس البلدية تلعب دورًا رئيسيًا في تحسين الخدمات الأساسية وتعزيز التنمية المحلية، وهو ما يجعل من الانتخابات البلدية محطة حيوية على طريق إعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطنين.
هل تمهد الانتخابات البلدية للانتخابات التشريعية والرئاسية؟
تثير الانتخابات البلدية في ليبيا تساؤلات حول إمكانية أن تكون تمهيدًا فعليًا لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، التي طال انتظارها لإنهاء الانقسام السياسي وإعادة بناء المؤسسات الوطنية. ويرى مراقبون أن نجاح هذه المرحلة يمثل اختبارًا حقيقيًا لمدى استعداد ليبيا للانتقال إلى عملية سياسية شاملة تُفضي إلى استقرار دائم.
وقد أعربت البعثة الأممية والمفوضية العليا للانتخابات عن أملهم في أن تُسهم هذه الانتخابات في بناء الثقة بين المواطنين والدولة، مما يُعزز من فرص إجراء انتخابات وطنية تُنهي المرحلة الانتقالية الطويلة التي تعيشها البلاد.
خطوة نحو تعزيز الديمقراطية وبناء المستقبل
بالنظر إلى السياق السياسي الراهن، تُعتبر الانتخابات البلدية خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار السياسي والتنمية المستدامة في ليبيا. وتعكس هذه الانتخابات رغبة الشعب الليبي في بناء مستقبل أفضل بعيدًا عن الصراعات والانقسامات، مع التركيز على بناء مؤسسات قادرة على تلبية تطلعات المواطنين في جميع أنحاء البلاد.