رجال يهود أجبروا على القفز فى قنوات أمستردام الشهيرة لإنقاذ أنفسهم، بعدما كانت تنتظرهم أعداد كبيرة من الشباب الثائر، هذه ليست أوروبا فى عام ١٩٣٩، هذه هى أوروبا فى عام ٢٠٢٤.
حدث ذلك عندما تعرض مشجعو فريق مكابى تل أبيب الإسرائيلى لكرة القدم لكمين وهجوم أثناء مغادرتهم الملعب بعد مباراة الدورى الأوروبى ضد فريق أياكس الهولندى.
أظهرت لقطات متداولة مشجعين يتعرضون للضرب والمطاردة بالسكاكين ويكادون يتجنبون الاصطدام بالسيارات. وتم إرسال شرطة مكافحة الشغب الهولندية للرد وتم اعتقال العشرات. وأصيب ما لا يقل عن ١٠ إسرائيليين وتلقوا العلاج من قبل السلطات الصحية الهولندية.
بينما أفادت صحيفة «دى تليجراف» أن الحادث كان نتيجة لهجوم مخطط له مسبقًا ضد اليهود، تم تنظيمه فى مجموعة تليجرام، ما دفع مثيرى الشغب إلى السفر من أماكن بعيدة خارج أمستردام لمهاجمة مشجعى مكابى تل أبيب اليهود.
حيث استخدم عدد من مثيرى الشغب دراجات بخارية لتنفيذ عمليات دهس وهروب ضد الإسرائيليين، كما شارك سائقو سيارات الأجرة أيضًا فى أعمال العنف وتبادل المعلومات على تليجرام وتطبيقات المراسلة الأخرى.
الخميس سافر المنتخب الإسرائيلى إلى باريس لخوض مباراة دولية ضد المنتخب الفرنسى، وذلك بعد أن رفع مشجعو فريق باريس سان جيرمان، أحد أكبر أندية كرة القدم فى فرنسا، لافتة أثناء إحدى المباريات كتب عليها «الحرية لفلسطين»، وربما كانت رسالة إلى المشجعين الإسرائيليين أن يبتعدوا عن باريس، فيما رفض ماكرون أن يتم لعب المباراة دون الجمهور الإسرائيلى وأكد أن فرنسا اتخذت إجراءات غير اعتيادية ومشددة ونشرت ٤٠٠٠ من قوات الشرطة لتأمين المباراة.
لمن لا يريد أن يرى، الهجمات ضد اليهود ارتفعت فى الولايات المتحدة وأوروبا منذ بدء الحرب على غزة، ولمن لا يريد أن يفهم، فإن هناك كثيرين فى العالم غاضبين من الصور فى غزة، ليس فقط العرب فى الدول الأوروبية ولكن الأوروبيون أنفسهم. لكن الحادث فى هولندا لم يكن اعتياديًا وربما ينذر بمجموعة حوادث مماثلة أخرى فى أوروبا، فقد تخطى مرحلة التظاهرات ووصل إلى الهجمات التى تبدو ممنهجة.
المجتمع اليهودى الهولندى له تاريخ طويل وحافل يعود إلى مئات السنين، ومن غير الواضح كيف يؤثر الحادث على المجتمع اليهودى فى هولندا؟ وأين فى أوروبا سيشعر اليهود بالأمان؟ خاصة بعدما ما فشلت دول مثل المملكة المتحدة وفرنسا فى منع تلك الحوادث أو محاربتها بشكل فعال، حيث أصبح اليهود مهددين فى كل أوروبا.
نتنياهو سيستغل الحادث أكثر من أى شخص، فسيغازل اليمين الأوروبى للدفع نحو تنفيذ تشريعات أكثر صرامة لمكافحة جرائم الكراهية ومعاداة السامية، وهى القضية التى يحب طوال الوقت الحديث عنها، إلى حد أن أى جريمة ضد إى إسرائيلى فى أى مكان يصفها بمعاداة السامية.
أما أوروبا فتواجه مُعضلة حقيقية، فالتاريخ الصعب لا يسمح لها بأن تتكرر حوادث الاعتداء على اليهود حتى لا تتم إدانة أوروبا بأنها لم تحمِ اليهود فى الحرب العالمية، ولا فى عام ٢٠٢٤.
وفى الوقت نفسه فإن حرب غزة وتنامى مشاعر الغضب ومنع على سبيل المثال التظاهرات التى تندد بالحرب هو مثال على منع الحريات، لكن حول «الاعتداءات فى هولندا» فإن المسألة تتجاوز حرية الرأى وتصبح اعتداءات ممنهجة.
السؤال الآن: كيف ستتمكن أوروبا من حماية اليهود؟