مع استمرار العالم في استيعاب تداعيات عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تشير التقارير الأمريكية إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ربما الآن أمام أصعب مهمة له على الإطلاق، حيث كانت العلاقة بين الرجلان دائمًا "معقدة بعض الشئ".
على أقل تقدير، في 2019، كانت هناك "المكالمة الهاتفية المثالية"، والتي يُزعم أن ترامب استغل فيها المساعدات الأمريكية لأوكرانيا للضغط على زيلينسكي للتحقيق في هانتر بايدن.
وهناك والاجتماع المحرج الأحدث في نيويورك خلال الحملة الرئاسية لعام 2024 حيث تحدث ترامب عن علاقته الجيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام الرجل الذي قيل إن الزعيم الروسي حاول قتله.
وألقى ترامب الذي سيؤدي اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة في 20 يناير، باللوم على زيلينسكي نفسه في بدء الحرب وانتقد الدعم الأمريكي له، حيث قال في تجمع حاشد في سبتمبر: "أعتقد أن زيلينسكي هو أعظم بائع في التاريخ - في كل مرة يأتي فيها إلى البلاد، يخرج بـ 60 مليار دولار".
وفي هذا الإطار، يتساءل العديد من المراقبين هل يوقف ترامب دعم أوكرانيا أمام روسيا بسبب استنزافها الولايات المتحدة؟
هل يوقف ترامب الدعم العسكري لأوكرانيا؟
يرى الخبراء، أن الولايات المتحدة من غير المرجح أن تتخلى عن أوكرانيا تمامًا، لكن ستكون هناك تغييرات كبيرة من حيث الدعم السياسي والمالي والعسكري.
وقال سيمون شليجل من مجموعة الأزمات الدولية في تصريح لوكالة "أسوشيتد برس": "إن انتخاب ترامب رئيسًا لأوكرانيا هو في الحقيقة نبأ سيئ للغاية بالنسبة لأوكرانيا. أعتقد أن هناك أوقاتًا عصيبة تنتظر أوكرانيا".
وأشار شليجل، إلى أن كييف تكافح لوضع نفسها الآن في أقوى موقف لأي مفاوضات، بما في ذلك تأمين المزيد من الأسلحة والصمود في ساحة المعركة.
وقالت شيلبي ماجد، نائبة مدير مركز أوراسيا في المجلس الأطلسي: "يقدر ترامب القوة، لذا نتوقع أن يعطي الأولوية للجرأة" في تعامله مع حرب أوكرانيا.
وقال مسؤول أوكراني كبير، إن الأشهر الأربعة إلى الخمسة المقبلة ستكون محورية، مما يشير إلى أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض تركز العقول في كييف على نهاية محتملة للحرب.
وقال المسؤول لرويترز، طالبا عدم الكشف عن هويته لمناقشة قضايا أمنية حساسة: "هذا الشتاء نقطة حرجة... آمل أن تقترب الحرب من نهايتها. في الوقت الحالي سنحدد مواقف الجانبين بشأن المفاوضات، والمواقف الأولية".
معارضة الدعم لأوكرانيا أصبح موقفًا أساسيًا لجناح MAGA في الحزب الجمهوري
هنأ زيلينسكي ترامب بسرعة على انتصاره في السباق الرئاسي، وأجرى الاثنان مكالمة هاتفية أولية هذا الأسبوع انضم إليها - في إشارة محتملة إلى مفاجآت قادمة – الملياردير إيلون ماسك، الذي سيقود وزارة الكفاءة الحكومية في الولايات المتحدة. وقد وصف المسؤولون الأوكرانيون المحادثة بأنها مطمئنة إلى حد ما.
كما ورد أن ترامب تحدث مع بوتين يوم الخميس، وفقًا لصحيفة واشنطن بوست، على الرغم من أن الكرملين نفى ذلك ووصف الأمر بأنه "مجرد خيال".
وجاءت المحادثة في لحظة تخسر فيها بالفعل أوكرانيا أراضيها وقواتها بمعدل بطيء ولكن ثابت أمام التقدم الروسي المستمر.
ومن المرجح أن يواجه سكانها المدنيين شتاءً وحشي آخر بسبب الضربات الروسية على شبكة الطاقة في البلاد.
في السياق، قالت شبكة فوكس الأمريكية، في تقرير لها الأربعاء، إن معارضة الدعم لأوكرانيا أصبح موقفًا أساسيًا لجناح MAGA في الحزب الجمهوري، مستشهدة بنجاح معارضة الجمهوريين في وقت سابق من هذا العام في ايقاف حزمة مساعدات كبيرة لأوكرانيا لعدة أشهر.
وقالت: إن ترامب وعد بإنهاء القتال في غضون 24 ساعة بمجرد توليه منصبه، دون توضيح كيف، لكن نائبه جيه دي فانس اقترح أن ذلك قد ينطوي على تجميد خطوط المواجهة الحالية في مكانها وإعلان أوكرانيا حيادها والتخلي عن طموحاتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
ورأت الشبكة الأمريكية أن حكومة أوكرانيا ستنظر إلى "صفقة" مثل هذه على أنها استسلام كامل، وسوف تجادل، بحق، بأن روسيا "لا ينبغي أن نثق بها للحفاظ على وقف إطلاق النار حيث يمكن لبوتين دائمًا أن يحاول مرة أخرى الاستيلاء على المزيد من الأراضي أو حتى كييف نفسها بعد فترة توقف لتجديد خسائره".
في السياق، قال جون كونواي، مدير الاستراتيجية لجمهوريين من أجل أوكرانيا، وهي مجموعة مناصرة، إن مؤيدي قضية أوكرانيا يجب أن يؤكدوا على التهديد الذي قد تشكله روسيا المنتصرة على الولايات المتحدة نفسها.
وقال كونواي لفوكس عبر البريد الإلكتروني: "في الآونة الأخيرة، حاول عملاء سريون لبوتين تفجير طائرات مدنية متجهة إلى مطاراتنا ووجهوا تهديدات بالقنابل لتعطيل انتخاباتنا". "عندما يخسر بوتين، تفوز أمريكا. يمكن لأوكرانيا أن تجعل بوتن يخسر".
وأضاف، أن السبب الآخر الذي قد يجعل ترامب ينتهي به الأمر إلى تقديم الدعم لأوكرانيا بدلًا من عقد صفقة هو أنه ليس من الواضح ما إذا كان بوتين مهتمًا بالسلام في وقت يشعر فيه على الأرجح أنه له اليد العليا في الحرب.
وتابع، "قد لا يكون الاختيار بين الحرب المستمرة والمفاوضات، بل بين الحرب المستمرة والهزيمة الأوكرانية ــ وهو أمر قد لا يرغب ترامب الذي يهتم بصورته على الدوام في رؤيته تحت قيادته".
من جهته قال ديفيد كرامر، مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق في عهد جورج دبليو بوش، إن احتمال حدوث هزيمة كاملة لأوكرانيا نتيجة لأفعاله قد يجعل ترامب يفكر مليا، وأضاف: "آخر ما قد يرغب ترامب في حدوثه هناك هو انهيار فوضوي، على غرار أفغانستان 2.0".