جمعية النهضة للفنون والآداب: مشروع ثقافى مبهر

المصرى اليوم 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اشترك لتصلك أهم الأخبار

هناك جنود مجهولون فى مصر يحافظون عليها ويعملون فى هدوء وصمت لرفعتها وعودة مجدها.

التاريخ المصرى القديم يشير إلى أن مصر صاحبة أقدم وأعظم فنون البشرية، وورث المصريون، بعد أن عبروا عصور الانحطاط، جينات الفن، فأبدعوا فى الموسيقى والغناء والسينما والمسرح والرواية والفن التشكيلى. والآن ولظروف خارجية وداخلية ضاغطة مع انتشار أفكار تكره الفن والجمال، بدأت تتوارى ريادة مصر فى القوى الناعمة، ولكن هناك قوى للتنوير تعمل فى هدوء ولها تأثير عظيم لاستعادة مصر لدورها ومكانتها.

هذا مشروع ثقافى مذهل موجود فى وسط القاهرة، ويقوم بتدريب وتعليم مئات الشباب والشابات من مصر والصعيد على أنواع الفنون المختلفة، ونظرة سريعة على تأثيرة على الشباب ومستقبل هذه الفنون والثقافة ضخم وكل ذلك تقوم به جمعية أهلية مسجلة وهى جمعية النهضة العلمية والثقافية جيزويت القاهرة التى تأسست عام 1998. وقامت الجمعية باشتراك مجموعة من المثقفين المصريين مسلمين ومسيحيين مع الآباء اليسوعيين، ومقرها شارع المهرانى بالفجالة. وفى عام 2016 أسست الجمعية أكاديمية النهضة للفنون والآداب التى تمارس نشاطها فى استديو ناصيبيان التاريخى الذى أنشئ فى ثلاثينيات القرن العشرين، ومثل فيه كل نجوم السينما المصريين فى العصر الذهبى للسينما. والجمعية تقوم بأنشطة متعددة، أولها إنشاء مدرسة السينما التى تأسست عام 2005 وهى أول مدرسة مستقلة لتدريب وتعليم الشباب المفتون بالسينما على إبراز مواهبهم فى القاهرة والصعيد وخاصة المناطق النائية والمعزولة وهى إحدى أذرع تشجيع السينما المستقلة. هذه المدرسة تشترط الموهبة والجدية، وهى فرصة للموهوب الذى لم يحصل على شهادة أو مجموع يؤهله لدخول المعاهد والكليات الحكومية. مدرسة أسيوط للسينما التسجيلية أنشئت عام 2016 وتقوم بتدريب شباب الصعيد على صناعة الأفلام التسجيلية القليلة التكاليف وتقوم الأكاديمية بعمل ورش سينمائية متعددة وتصدر ربما أهم مجلة مصرية عن السينما. ومنذ 25 عامًا تقوم الجمعية بعرض فيلم سينمائى طويل يعقبه مناقشة، وقد أسهمت فى رفع الثقافة السينمائية للآلاف من المصريين المهتمين. وأنشأت مدرسة النهضة للمسرح الاجتماعى، وهى مبادرة لخلق تيار مسرحى يتفاعل مع الناس وتقوم بتدريب الشباب على تقنيات المسرح، ويعرض المسرح أعماله فى قرى الصعيد وفى الميادين والشوارع فى الأحياء الشعبية، وهذه المبادرة خلقت وعيًا بالمسرح أدى إلى إنشاء عدد من الفرق المسرحية للشباب فى مختلف أنحاء الصعيد. ثم تم إنشاء أول مدرسة مستقلة لتعليم صناعة أفلام الرسوم المتحركة، وقد قام الشباب بنجاح بعرض إنتاجهم والموهوبن منهم سوف يتوجهون إلى الاحتراف فى السينما التجارية. استديو ناصيبيان التاريخى هو مركز الحياة داخل الأكاديمية، وتقام فيه عروض أفلام وحفلات موسيقية وبرامج ثقافية، وعروض مسرحية. بالإضافة إلى ذلك تم إنشاء مدرسة العلوم الإنسانية لتشجيع الشباب على مناقشة قضايا الفكر والثقافة، وأقامت ورشا ناجحة لتعليم الماريونيت (مسرح العرائس وفن الأراجوز) وورشا لتعليم كتابة السيناريو وأخرى لتعليم التصوير الفوتوغرافى، وأيضًا ورشا لتعليم فن الرسم. هذه المؤسسة هى مجمع ثقافة متميز فى وسط القاهرة. دعيت إلى زيارته من الكاتب الفنان هشام أصلان فى لقاء عن الفن التشكيلى وآخر عن ثورة 1919 والولايات المتحدة، وسعدت بلقاء أبونا وليم سيدهم أمين عام الجمعية والدينامو الحقيقى وراء كل النشاطات.

هذه الجمعية أدت إلى اكتشاف مواهب كثيرة وجدت طريقها بعد ذلك لخدمة الثقافة والفن فى مصر وغيرت تفكير التركيبة التقليدية لأفكار كثير من الشباب وجعلتها أكثر تفتحًا وحبًا للحياة، وأصبح هؤلاء الشباب منارة تضىء للآخرين طريق التفكير المتفتح والتمتع بالفنون، لأن انغلاق العقول هو أكبر كارثة على مستقبل الوطن. هذه الجمعية بدأت بفكرة وبعمل جاد لمجموعة تؤمن بوظيفة الفن فى الحياة وأهميته فى تهذيب النفوس والإحساس بالآخر ومراعاة مشاعره واحترام أفكاره. هى جمعية أعطت الفرصة لكثير من البسطاء الموهوبين ليجدوا من يرعى مواهبهم ويصقلها. كل عقل وفكر يتفتح على الفن والجمال يرى الحياة أجمل وأرقى ويمنع التطرف فى الأفكار والتعصب الغبى.

هذه الجمعية المجهولة عند معظم المصريين وفقط قلة يعرفونها بالرغم من أن عمرها أكثر من عقدين من الزمن، وتأثيرها كبير على الشباب فى القاهرة، وفى الصعيد لها تواجد قوى- هذه الجمعية تحتاج إلى مساعدة من كل مصرى يؤمن بأن للفن رسالة سامية وبأنه بدون مساعدة الشباب على تطوير أفكاره نحن ندفعه إلى التطرف. مساعدة الجمعية ضرورة ملحة حتى لا تتعثر هذه المشروعات. هناك واجب اجتماعى على رجال الأعمال. فى الولايات المتحدة يقوم رجال الأعمال بتمويل أكبر المتاحف ودور الفن والموسيقى وكل النشاطات الثقافية. للأسف فى مصر هذا الواجب وهذه المسؤولية غائبة عن فكر الكثير من رجال الأعمال.

هناك قلة من رجال الأعمال عندهم وعى بأهمية هذه الجمعيات وعملها، وهم يدعمونها مباشرة أو عن طريق مؤسسات تقوم بهذه المهمة. أدعو رجال الأعمال أن يدعموا هذه الجمعية التى تؤدى عملًا وطنيًا رائدًا وفريدًا فى ظروف صعبة، وأدعو الشعب كله لمساندة الجمعية بالعمل التطوعى فيها ودعمها بكل الطرق المناسبة والدعاية لها. تحية لجمعية رائدة فى رعاية الفنون، وأنا واثق أن كل المصريين سيقفون وراءها لأنها جمعية تعمل فعلًا فى حب مصر.

قوم يا مصرى.. مصر دايمًا بتناديك.

  • الوضع في مصر

  • اصابات

    94,640

  • تعافي

    44,066

  • وفيات

    4,888

0 تعليق