تغيرت مظاهر العزاء خلال السنوات الأخيرة، حيث تحولت من مناسبة للحزن واستذكار المتوفى والترحم عليه، إلى فرصة للظهور والتباهي واصطياد «اللقطة»، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالمشاهير، ضاربين بعرض الحائط القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية التي تستوجب احترام هيبة الموت وحرمته.
أسباب عديدة ساهمت في هذا التحول، وجعلت الموت يبدو كأنه حدث عادي ومتكرر، أصبح أيضا «وجاهة اجتماعية»، ونرى ذلك أحياناً في إقامة سرادق ضخم أو إرسال دعوات لشخصيات معروفة أو من خلال التجهيزات المبالغ فيها إلى جانب التغطية الإعلامية التي أصبحت الركن الأساسي والأهم عند المشاهير، ليصبح الجانب الإجتماعي للعزاء يطغى على الجانب الديني.
نقف هنا عند دور الإعلام الحديث، الذي بات يلعب دوراً بارزاً في استغلال مناسبات العزاء لدعم ما يسمى بثقافة الصورة، من خلال اصطياد مشاهد مؤثرة وخاصة يتم استغلالها لتحقيق مشاهدات عالية، هذا لا ينفي أن هناك العديد من المشاهير يلجأون لهذه الطريقة للظهور بشكل متعاطف وإنساني معتقدين أن هذه المشاهد قد تخدم سمعتهم الفنية وتعزز علاقتهم بالجمهور.
ظهرت فئة ثانية، تلك التي تحول العزاء إلى ما يشبه «عرض أزياء»، حيث يصبح التركيز على الملابس الباهظة الثمن والإطلالات المثيرة و«الميك اب» المبالغ فيه، في حين أن الأصل في مثل هذه المناسبات هو التعبير عن الحزن والتراحم من خلال الاستغناء عن كل مظاهر الفرح.. كل هذه الأساليب المستحدثة تشكل انتهاكاً لحرمة الموت، مما يعكس تراجع احترام الخصوصية ويشجع على انتشار ظاهرة التباهي والاستعراض.
عوامل كثيرة حولت الموت إلى سلعة تستغل لأهداف عديدة، لذلك من المهم أن تكون هناك ضوابط وقوانين تحمي حرمة مناسبات العزاء من خلال ميثاق أخلاقي تلتزم به وسائل الإعلام، كما يجب على المشاهير أن يعبروا ويتمسكوا بموقفهم الرافض لاستغلال مثل هذه المناسبات الخاصة للتسويق والتشهير في بعض الأحيان لاسترجاع المعنى الحقيقي للعزاء وهو التراحم والتضامن الإنساني.
*كاتبة وإعلامية مغربية