أعطت المملكة المتحدة، الضوء الأخضر لإطلاق مشروع إنتاج طائرة مقاتلة جديدة متطورة، بالتعاون مع إيطاليا واليابان، يتكلف عدة مليارات إسترلينية؛ لتبدد بذلك مخاوف أحاطت بالمشروع الطموح، الذي سعت إليه البلدان الثلاثة؛ خشية أن يقع ضحية مراجعة الاستراتيجية الدفاعية التي أجرتها حكومة حزب العمال الجديدة في بريطانيا.
ونقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن مصادر مقربة من دائرة اتخاذ القرار - لم تكشف عن هويتها - قولهم إن وزراء بالحكومة أعطوا موافقة البدء في "برنامج القتال الجوي العالمي" GCAP، في اجتماع جرى الثلاثاء الماضي، متوقعة أن يصدر الإعلان الرسمي لهذا الشأن في غضون أسابيع مقبلة.
وقال مصدر حكومي بريطاني إن رئيس الوزراء البريطاني كير سترامر "ترأس اجتماعاَ ضم عددا من الوزراء.. وقدموا خلاله تعهدًا صارمًا بالمضي قدمًا في برنامج GCAP."
تأتي الأنباء الجديدة بمنزلة طوق نجاة للشراكة بين إيطاليا واليابان وبريطانيا في إطار مشروع "برنامج القتال الجوي العالمي"، بعدما تسبب حزب العمال البريطاني، في أعقاب فوزه في الانتخابات الصيف الماضي، في إثارة احتمالات إلغاء مشروع إنتاج الطائرة المقاتلة لأسباب تتعلق بالتكلفة.
وخلال يوليو الماضي، وصف وزير القوات المسلحة البريطاني لوك بولارد، البرنامج بأنه "مهم بشكل حقيقي"، لكنه عقب قائلًا: ليس من الصواب بالنسبة له الحكم بصورة مسبقة على "مراجعة الاستراتيجية الدفاعية" SDR.
وأحجم رئيس الوزراء ستارمر، عن تأكيد مشاركة بلاده في المشروع المشترك خلال زيارة لـ"معرض فارنبورو الجوي" في أواخر يوليو الماضي.
ويعتزم "برنامج القتال الجوي العالمي" GCAP تعزيز القدرات الدفاعية للدول الثلاث لمواجهة التحديات المتصاعدة من روسيا والصين. ويقضي المشروع الطموح بدمج برنامج إنتاج الطائرة المقاتلة "إف- إكس" F-X اليابانية مع مشروع المقاتلة "تيمبست" Tempest الإيطالي البريطاني المشترك، بهدف إنتاج طائرة مقاتلة متطورة فائقة السرعة بحلول عام 2035.
وتعهدت المملكة المتحدة بتخصيص أكثر بقليل من ملياري جنيه إسترليني لمصلحة البرنامج الأصلي لإنتاج المقاتلة "تيمبست" وحده، لكن التكاليف النهائية لبرنامج GCAP لم تُعرف بعد. ويعزز المشروع اتفاقية ثلاثية أبرمتها الدول المشاركة خلال ديسمبر الماضي.
ويشارك في المشروع شركتا "باي" BAE و"رولزرويس"، من كبريات شركات الدفاع في بريطانيا، اللتان ستعملان في البرنامج إلى جانب شركاء صناعيين في شركة "ليوباردو" الإيطالية و"ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة" اليابانية.
ويقول مصدر - على دراية بتفاصيل الاجتماع الوزاري البريطاني - إن "ستارمر كان مدركًا لمدى القلق الذي يساور اليابان وإيطاليا حول عدم اليقين الذي تسببت فيه مراجعة الاستراتيجية الدفاعية SDR، وبدا راغبًا في التوصل لقرار حاسم في هذا الشأن ودون تردد في أقرب وقت ممكن".
وكان وزير الدفاع البريطاني، جون هيلي قد شدد على أهمية مشروع إنتاج المقاتلة المتطورة الجديدة في الأسابيع الأخيرة، من بينها تصريحاته في قمة وزراء الدفاع لـ"مجموعة الدول السبع" التي عقدت في مدينة نابولي الإيطالية.
وقال وزير الدفاع إن المملكة المتحدة كانت "فخورة بعضويتها في (برنامج القتال الجوي العالمي) GCAP، وبالعمل مع الشريكتين اليابان وإيطاليا من أجل التركيز بصورة كاملة على إنتاج طائرة مقاتلة للجيل التالي بحلول 2035"، مؤكدًا "نحرز تقدمًا سريعًا من خلال البرنامج، بإطلاق تحديثات، وخلق وظائف، وتعزيز القاعدة الصناعية في كل دولة."
وكانت المستشارة ريفز، وزيرة الخزانة البريطانية، قد أعلنت عن مخصصات إضافية، بقيمة 2.9 مليار جنيه إسترليني، لوزارة الدفاع في العام المقبل، في ميزانيتها الأخيرة، لتؤكد مواصلة المملكة المتحدة الوفاء بتعهداتها تجاه حلف شمال الأطلنطي (الناتو).