استكمالًا للحديث حول ماذا بعد المراجعة الرابعة مع صندوق النقد الدولى، الذى بدأته فى مقال سابق، وحددت فيه أهمية ثلاثة أمور وهى: ضرورة الإصلاح الاقتصادى فى ظل هذه التحديات البشعة التى تواجهها البلاد، وثانيها تعهد الحكومة المصرية على لسان الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، بعدم زيادات جديدة فى الأسعار خلال الفترة المقبلة، ثم يأتى بعد ذلك الشعب الذى ينتظر هذه القرارات ما بين صندوق النقد وبين تعهد رئيس الوزراء، طبقًا لما طالب به الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة إجراء مراجعة مع الصندوق لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين.
يشهد الاقتصاد المصرى حاليًا مرحلة مهمة مع قيام صندوق النقد بمراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادى. فى ظل هذه الظروف، أعلنت الحكومة المصرية عن عزمها على عدم رفع الأسعار، فى محاولة لتخفيف العبء على المواطنين. ومع ذلك ينتظر الشعب المصرى بقلق نتائج هذه المراجعة، وتأثيرها المباشر على حياته المعيشية. ويتساءل الكثيرون عن مدى قدرة الحكومة على الوفاء بوعودها فى ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة، خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم، وتدهور قيمة الجنيه.
تعد المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح قضية بالغة الأهمية، حيث ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتوقعات التضخم وتغيرات الأسعار فى السوق المصرية. وتتجه أنظار المواطنين والمستثمرين على حد سواء إلى نتائج هذه المراجعة، وتأثيرها المباشر على حياتهم المعيشية.
وتعتمد العلاقة بين المراجعة الرابعة وزيادة الأسعار على عدة عوامل متداخلة، منها الإصلاحات الهيكلية وتشمل الإجراءات التى يطالب بها الصندوق عادة تخفيض الدعم، ورفع أسعار الطاقة، وزيادة الضرائب. هذه الإجراءات من شأنها أن تؤدى إلى زيادة تكاليف الإنتاج، مما يدفع الشركات إلى رفع الأسعار. وقد يؤدى انخفاض قيمة الجنيه المصرى، الذى يعتبر أحد شروط صندوق النقد، إلى زيادة تكلفة السلع المستوردة، وبالتالى ارتفاع أسعارها فى السوق المحلية. وقد تلجأ الحكومة إلى تشديد السياسة النقدية، مثل رفع أسعار الفائدة، للحد من التضخم الناتج عن الإصلاحات الهيكلية، هذا الإجراء قد يؤدى هو الآخر إلى زيادة تكلفة الاقتراض التضخمية. وهذا يستوجب على الحكومة فى إدارة هذه الأزمة تقديم الدعم للفئات الأكثر تأثرًا مثل برامج دعم للفئات الأكثر تأثرًا بارتفاع الأسعار، ومنها توفير سلع غذائية بأسعار مخفضة أو زيادة الرواتب والمعاشات. كما يجب على الحكومة أن تتواصل بشكل شفاف مع المواطنين، وتشرح لهم أسباب الإصلاحات وأهميتها، وتطمئنهم بأنها تتخذ كل الإجراءات الممكنة لحماية مصالحهم.
وهناك ضرورة يجب على الحكومة أن تعمل عليها، وهى تنويع مصادر الدخل القومى، والحد من الاعتماد على مصادر الدخل التقليدية. وفى الحقيقة تُعد مراجعة الصندوق برنامج الإصلاح الاقتصادى فى مصر حدثًا بالغ الأهمية، حيث تحمل فى طياتها آثارًا على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية فى البلاد، وتتمثل فى دعم الثقة فى الاقتصاد المصرى، وتعزيز ثقة المستثمرين الدوليين، مما يجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتخفيف الضغوط على الميزانية والمساهمة فى زيادة الإيرادات العامة وتقليل النفقات الجارية، وتحسين بيئة الأعمال وتسهيل الإجراءات المتعلقة بإنشاء الشركات وتسجيل الملكية، مما يشجع على النمو الاقتصادى وزيادة فرص العمل.
وتتجه أنظار المستثمرين العالميين نحو مصر بترقب شديد فى ظل المراجعة الدورية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، فمن المتوقع أن تؤثر نتائج هذه المراجعة بشكل كبير على جاذبية الاستثمار فى مصر وتوقعات النمو الاقتصادى. فإذا نجحت مصر فى تنفيذ الإصلاحات المطلوبة وتلبية شروط الصندوق، فمن المتوقع أن يشهد الاقتصاد المصرى تحسنًا ملحوظًا، وزيادة فى الثقة لدى المستثمرين الأجانب، مما قد يؤدى إلى تدفقات كبيرة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وبالتالى، يمكن أن يسهم ذلك فى خلق فرص عمل جديدة، وتنويع القاعدة الإنتاجية، وتعزيز النمو الاقتصادى المستدام.
ومع ذلك، فإن عدم الالتزام بالإصلاحات المطلوبة أو تأخر تنفيذها قد يؤدى إلى تراجع الثقة فى الاقتصاد المصرى، وزيادة المخاطر التى تواجه المستثمرين، مما قد يؤدى إلى هروب رءوس الأموال وتفاقم الأزمة الاقتصادية.
علاوة على ذلك، يترقب المستثمرون أيضًا الإجراءات التى ستتخذها الحكومة المصرية لمعالجة التحديات الاقتصادية الأخرى، مثل ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة الدين العام، وتدهور قيمة العملة المحلية. فنجاح الحكومة فى تنفيذ هذه الإجراءات سيسهم فى تحسين بيئة الأعمال وجذب المزيد من الاستثمارات.
وفى الختام، يمكن القول إن توقعات المستثمرين للاقتصاد المصرى مرتبطة بشكل وثيق بنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى المدعوم من صندوق النقد الدولى، وبقدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة لتعزيز الاستقرار الاقتصادى وتحقيق النمو.