السبت 09/نوفمبر/2024 - 11:36 ص 11/9/2024 11:36:52 AM
تشير تقارير اليونيسكو والمعايير العالمية للنشر إلى أزمة حقيقية في قطاع النشر في الوطن العربي مقارنة بالمستويات العالمية. تبرز هذه الأزمة في عدة جوانب، من حيث كمية الإنتاج الثقافي، وتوافر الكتب، ونسبة القراءة، إلى جانب تراجع معدلات الإنفاق على الأبحاث والنشر.
واقع النشر في الوطن العربي وفق معايير اليونيسكو
تحدد اليونيسكو معايير واضحة لتقييم حالة النشر حول العالم، تتضمن نسب الكتب المنشورة سنويًا مقارنة بعدد السكان، ومستويات الإنفاق على الثقافة والنشر، وعدد المكتبات العامة. وللأسف، تظهر الأرقام فجوة كبيرة بين الدول العربية وبقية دول العالم:
1. نسب النشر السنوي: بينما تنشر أوروبا والولايات المتحدة ما يزيد عن مليون كتاب سنويًا، تقدر الإحصاءات العربية أن مجموع ما يتم نشره في الدول العربية لا يتجاوز 60 ألف كتاب. هذا الرقم، وفقًا لمعايير اليونيسكو، يعد متدنيًا بالنسبة لحجم سكان المنطقة العربية الذين يتجاوز عددهم 400 مليون نسمة.
2. معدل قراءة الكتب: أظهرت دراسات مختلفة أن متوسط قراءة الفرد العربي سنويًا يتراوح بين 0.5 إلى 2 كتاب، مقارنة بمتوسط عالمي يتجاوز 10 كتب للفرد سنويًا. ويعكس هذا التفاوت أزمة القراءة والاستهلاك الثقافي في المجتمعات العربية.
3. عدد المكتبات العامة: حسب اليونيسكو، تعاني الدول العربية من نقص حاد في عدد المكتبات العامة، مما يؤثر سلبًا على إتاحة الوصول للكتب والمحتوى المعرفي. على سبيل المثال، تمتلك الدول الأوروبية مكتبة لكل 6،000 مواطن، في حين تشير التقارير إلى أن بعض الدول العربية تمتلك مكتبة واحدة فقط لكل 100 ألف مواطن أو أكثر.
أسباب الأزمة
تعود أزمة النشر في الوطن العربي إلى عدة عوامل، من أهمها:
• ضعف التمويل: يعتبر الإنفاق على البحث العلمي والنشر في العالم العربي ضئيلًا مقارنة بالعديد من الدول المتقدمة، مما يحد من فرص النشر والتطوير.
• الرقابة والتضييق: تتعرض الكتب والمطبوعات للرقابة الصارمة في عدة دول عربية، مما يحد من حرية التعبير ويعيق الإنتاج الثقافي.
• ضعف الوعي بأهمية القراءة: يعاني المجتمع العربي من تدني الوعي بأهمية القراءة، وارتباط الثقافة بالترفيه التقليدي أكثر من المعرفة والتعلم.
حلول مقترحة
1. إنشاء وتعميم فكرة المكتبات العامة: يعد إنشاء مكتبات عامة في جميع المدن والمناطق العربية خطوة ضرورية لتقريب الكتب من الناس وتشجيعهم على القراءة. يمكن تخصيص ميزانية من الدول لدعم هذه المكتبات، وضمان وجود كتب منوعة تناسب كافة الفئات العمرية والمستويات التعليمية.
2. دعم النشر الإلكتروني: يعد النشر الإلكتروني حلًا فعالًا لتخطي تحديات التكاليف العالية، حيث يمكن نشر الكتب إلكترونيًا بتكلفة منخفضة. تشجيع المنصات الإلكترونية العربية للنشر وتسهيل الوصول إليها سيكون له أثر إيجابي على زيادة عدد القراء.
3. إطلاق مبادرات وطنية لتشجيع القراءة: من خلال فعاليات شهرية ومسابقات وجوائز للقراءة، يمكن تشجيع الشباب على القراءة واكتساب المعرفة.
4. دعم الكتّاب ودور النشر: يجب أن تقدم الحكومات العربية حوافز للكتاب ودور النشر، مثل تخفيض الضرائب أو توفير إعانات مادية، لتحفيز الإنتاج الأدبي والثقافي.
وفي النهاية
إن أزمة النشر في الوطن العربي تتطلب استراتيجيات فعّالة ومبادرات قومية لتعزيز الإنتاج الثقافي وتوفير مصادر المعرفة. من خلال تطوير المكتبات العامة، ودعم النشر الإلكتروني، وتعزيز ثقافة القراءة، يمكن للمجتمعات العربية أن تتجاوز هذه الأزمة وتبني مستقبلًا أكثر إشراقًا يرتكز على المعرفة.