أكد الدكتور محمود السعيد، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، نائب رئيس جامعة القاهرة، ضرورة وضع آليات لمواجهة المراكز البحثية الأجنبية والعربية التى تبث الفتن وتقوم بالتحريض ضد مصر؛ من خلال اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة خطر الشائعات.
وشدد «السعيد» على أهمية تعزيز وعى المواطنين من خلال دعم قدرتهم على التمييز بين الحقائق والمعلومات المغلوطة، كذا ضرورة إنشاء منصات إعلامية متخصصة توفر معلومات دقيقة وتقوم بالرد الفورى على مثل هذه الشائعات.
وأشار إلى ضرورة تفعيل القوانين القائمة المتعلقة بالشائعات، والتى تُعتبر خطوة حيوية فى حماية الأمن القومى، منوهًا بأهمية إقامة آليات للتواصل مع منصات التواصل الاجتماعى لمراقبة المحتوى المسىء لمصر، على غرار الممارسات المعمول بها فى دول أخرى.
واقترح إنشاء مراكز بحثية متخصصة تُعنى بالرد على الشائعات من منظور علمى رصين؛ إذ يُعتبر البحث العلمى الموثوق هو الأداة الأفضل لمواجهة المعلومات المغلوطة.
ولفت إلى ضرورة وضع ضوابط لمنع تسلل الباحثين الذين يروجون أكاذيب ضد مصر، إلى المراكز البحثية الوطنية، لعدم إعطائهم الفرصة لنشر شائعاتهم، فضلًا عن أهمية التعاون مع المنظمات الدولية التى تعمل على كشف المعلومات المضللة، وبالتالى فإنه وفق نزاهة وشفافية هذه المنظمات عليها أن تدرج مثل هؤلاء الباحثين على قائمة الأفراد الذين ينشرون معلومات غير دقيقة، وإدراجهم فى قوائم الباحثين غير الموثوقين إذا ما ثبت عدم نزاهتهم.
طارق فهمى: وضع خريطة للمراكز المعادية.. والتعامل استباقيًا معها وتفنيد الأكاذيب
نوه الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، إلى أن الحل الحقيقى لمواجهة الأكاذيب والمزاعم التى تطلقها بعض المراكز المعادية أو المناهضة للدولة، هو تفنيد هذه المعلومات بشكل دقيق وموضوعى، مشيرًا إلى أن لدينا خريطة تُعرف باسم «خريطة المراكز المعادية»، وتتواجد بعض هذه المراكز فى دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، وتنشر معلومات مضللة قد تؤثر على الرأى العام وتعزز من الشائعات.
وأوضح: «من أجل مواجهة هذه التحديات، يجب اتخاذ عدة خطوات استراتيجية مثل الاشتباك المباشر مع هذه المراكز، من خلال التواصل بشكل فعّال مع هذه المراكز، ونكشف عن نواياها الحقيقية، والاشتباك هنا يعنى عدم الاكتفاء بالمراقبة، بل يجب أن تكون هناك استجابة مباشرة تُظهر الحقائق وتفند الأكاذيب التى تُطرح، وهو الأمر الذى يتطلب تحضيرًا جيدًا وفهمًا عميقًا للموضوعات التى تُناقش».
وقال: «لا بد من السرعة والصراحة فى الرد على الشائعات.. عندما تُطلق شائعة يجب أن تكون الردود سريعة وصريحة؛ لأن التأخير فى الرد قد يؤدى إلى انتشار المعلومات المضللة بشكل أكبر، لذا من المهم أن تكون لدينا آليات فورية للتواصل وتوضيح الحقائق، ويمكن استخدام منصات التواصل الاجتماعى والمواقع الإلكترونية الرسمية لنشر الحقائق بشكل فورى، وهنا تتجلى أهمية الاستعانة بالباحثين والخبراء المصريين الذين يمكنهم تقديم معلومات موثوقة وتفنيد ما يُطرح من مزاعم، يجب أن يُستدعى هؤلاء الخبراء لتقديم رؤى علمية دقيقة، وهو ما يسهم فى مواجهة الشائعات بحجج علمية واضحة».
وأكد: «من المهم أن تكون الردود على الشائعات مدعومة بالأدلة والبيانات، ما يُعزز من مصداقيتها، كما أنه يجب أن نكون مستعدين للرد على ما تُنشره الصحف العالمية مثل (واشنطن بوست) و(نيويورك تايمز)، التى تُسلط الضوء على المعلومات المغلوطة، ويتطلب ذلك منّا تزويد هذه الصحف بمعلومات دقيقة وصحيحة لإيضاح الصورة الحقيقية، وبالفعل أظهرنا نجاحًا فى بعض الأحيان فى التصدى للأبحاث والمعلومات غير الصحيحة عن مصر، خصوصًا عندما نحدد مصادرها بدقة ونظهر الحقائق للجهات المعنية».
أما عن الإجراءات ضد المراكز المعادية، فقال: «عند محاولة هذه المراكز دخول مصر أو الوجود فيها، يجب أن نكون يقظين، مع العلم أن الكثير من هذه المراكز يعمل عبر الإنترنت ويستغل المواقع الخارجية لنشر أكاذيبها؛ لذلك، يتوجب علينا اتخاذ إجراءات صارمة لمراقبتها ومنعها من استغلال المنصات المحلية لنشر معلومات مضللة تهدد أمن مصر وشعبها».
وأضاف: «هذه فترة حساسة، لذا يجب أن نكون مستعدين لمواجهة هذه التحديات بحسم وبشكل استباقى، مع التركيز على أهمية التنسيق بين الجهات المعنية فى الدولة لتعزيز جهودنا فى هذا المجال».
محمد صادق: نحتاج استراتيجية شاملة لمنع العبث بأمن البلاد
قال الدكتور محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الرد على الدراسات والمعلومات التى تصدر عن المراكز البحثية المعادية لمصر يتطلب استراتيجية شاملة.
وأوضح: «الموضوع يبدأ بتحليل دور المراكز البحثية، التى تحمل توجهات معينة، فى صالح الأمن الوطنى أو ضدّه، وبالتالى، فإن توجهات هذه المراكز تؤثر بشكل مباشر على منظومة الرأى العام ومنظومة الأمن القومى».
وأضاف أن المشكلة تكمن بشكل خاص فى المراكز البحثية الموجودة بالخارج، إذ تتبنى توجهات قد تكون غير متوافقة مع السياسة العامة للدولة، لذلك، من الضرورى مواجهة هذه المراكز من خلال عدة وسائل فعالة، أبرزها الإعلام؛ وهو إحدى الوسائل الأكثر تأثيرًا فى تشكيل الرأى العام.
وتابع: «نستطيع أن نستعرض نظريات الإعلام، مثل نظرية (الغرس الثقافى)، التى تؤكد أن تكرار الشائعات يمكن أن يجعلها تبدو أقرب إلى الحقيقة، لذا يجب أن يكون هناك دورٌ قوى للإعلام بجميع صوره، بما فى ذلك الإعلام المرئى والمقروء، وكذلك الصحافة الإلكترونية».
وأكمل: «خلال السنوات الأخيرة، تراجعت أهمية الصحافة الورقية لصالح الصحافة الإلكترونية ووسائل الإعلام الجديدة، مثل المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعى، لذا يتعين على هذه المنصات أن تلعب دورًا فعّالًا فى مواجهة الشائعات وتوضيح الحقائق للرأى العام، من خلال المواجهة المباشرة بين أجهزة الإعلام المحلية والأجهزة الخارجية، لتوضيح الحقائق وعدم ترك مجال لإثارة الفتن».
وأكد أن الشائعات قد تؤثر أيضًا على مجريات الأحداث فى البلاد، ولهذا يجب أن تكون هناك آليات سريعة للتصدى لها.
ولفت إلى أن المؤسسات التعليمية تسهم أيضًا فى نفى الشائعات وتوضيح الحقائق المتعلقة بالدولة وثوابتها ومحاور تنميتها، وصولًا إلى المؤسسات الرسمية مثل الإعلام والثقافة التى تحتاج إلى تنسيق الجهود لبناء ثقافة مجتمعية تدحض الشائعات وتعزز من الوعى، فضلًا عن دور الأحزاب السياسية فى مواجهة الشائعات أو تعزيز الوعى السياسى، ما يتطلب منها إعادة تقييم استراتيجياتها وواجباتها.
ويختتم: «لا بد من أن تتعاون جميع الجهات المعنية لتوضيح الحقائق وتعزيز الوعى، من أجل حماية الأمن الوطنى وتحقيق التنمية المستدامة. هذه الاستراتيجية يجب أن تشمل جميع الفئات، من الأفراد إلى المؤسسات، لضمان فعالية التصدى للشائعات وتعزيز الثقة فى المعلومات».