في كتابه الصادر عن دار صفصافة للنشر والتوزيع تحت عنوان "الزمن وأنا.. مذكرات فاروق فلوكس بين الهندسة والفن والحياة"، والذي كتبه حسن الزوام عن سيرة الفنان الكبير فاروق فلوكس، وتحدث فيه عن حصار الطائرة التي كانت تقلهم بالقوات المسلحة.
فاروق فلوكس
يقول فاروق فلوكس: “أثناء دراستي في كلية الحقوق، كان صديقي هو الدكتور إيهاب حسن إسماعيل أستاذ مادة قانون العمل، كان شديد الإيمان بطلبة الجامعة وقريبًا جدًّا منهم، كانت علاقتنا ممتازة، في هذا الوقت كان الدكتور جابر جاد عبد الرحمن هو عميد الكلية، وكان رئيس العراق آنذاك هو عبد السلام عارف طالبًا سابقًا مع الدكتور جابر جاد عبد الرحمن”.
ويضيف: “بعد أن أصبح عبد السلام عارف رئيسًا للعراق، طلب من الدكتور جابر جاد عبد الرحمن أن يشكل وفدًا وأن يزوره في العراق، قام عميد الكلية بتكليف الدكتور إيهاب حسن إسماعيل بتشكيل الوفد واختارني لأكون من بينهم، أخذت خطابًا من جهة عملي أنني سأكون ضمن بعثة رسمية تمثل جامعة القاهرة، وأخذت إجازة، في هذا الوقت، كان العلاقات العراقية المصرية جيدة، لكن كان هناك محورًا معاديًا لمنهجية الرئيس جمال عبد الناصر، وكان يعقد اجتماعًا لممثليه في العاصمة الأردنية عمان”.
ويواصل: "ركبنا طائرة من طراز دي سي 6، طائرة متهالكة تصدر أصواتًا في كل حركة حتى وصلنا إلى سماء بغداد، لسوء حظنا كانت الأمطار بارتفاع كبير تغطي مدرج هبوط الطائرات، فطلب برج المراقبة من الطيار أن يحول هبوطه إلى أي مطار قريب آخر، بينما الطائرة مثل الورقة المتهالكة وسط ريح عاتية، مع مناورات الطيار للارتفاع والهبوط للهروب من دوامة هوائية وتجاوز سوء الأحوال الجوية، تملك الخوف منا وظللنا ننطق الشهادتين، كان بجواري مدير رعاية الشباب يبكي، وعميد الكلية يلتفت لي في هذا الموقف ويقول لي: "حد يسمي نفسه فلوكس"، بينما السيد راضي يلف جسده ببطانية ويتمتم بكلمات لم نسمعها، وأنا بين الخوف والضحك لا أعرف ماذا سيكون مصيرنا.
طلب الإذن بالهبوط
طلب الطيار الإذن بالهبوط من كل المطارات في المنطقة بما فيها مطار دمشق لكن سوء الأحوال الجوية حال دون السماح له بالهبوط، بدأ الوقود ينفد ولا بد من الهبوط بأي طريقة، فاستأذن الطيار للهبوط في مطار عمان بالأردن، وبعد أن حصل على الإذن هبطنا بالفعل في المطار وتنفسنا الصعداء.
ويستطرد: ظللنا لأكثر من ساعة في الطائرة ننتظر الإذن بالنزول، كان أولنا نزولًا هو الطيار ثم بدأ أعضاء الوفد في النزول، كان المشهد الذي استقبلنا هو حصار الطائرة بفرقة مسلحة تحمل الرشاشات كإجراء تأميني للبعثة المصرية المفاجئة التي هبطت اضطراريًّا بالمصادفة وقت عقد مؤتمر ضد سياسة الرئيس المصري.
ويكمل: كان ضمن الوفد أيضًا، صلاح الطاروطي عضو مجلس الشعب فيما بعد، والذي سجد وقبَّل الأرض فرحًا بنجاته، ومعنا أيضًا محمد إسماعيل وعادل البطران من الشباب الناصري شديد الإيمان بقائده، وصديقي الممثل والملقن إبراهيم عامر.
جورج الخامس
ويواصل: أرسلوا لنا سيارات أجرة تأخذنا إلى فندق جورج الخامس بعمان بدون متعلقاتنا، دخلنا الغرف بينما في الطرقات أفراد أمن مسلحون حتى لا نغادرها، لكننا لم نكن ننوي المغادرة، كان كل همنا أن نحظى بساعات من النوم.
ويختتم: ثم في الصباح، أرسلوا لنا سيارات "تاكسي" أخرى لتذهب بنا إلى المطار، والغريب أن السائق الذي لم ينبس ببنت شفة كان يسمع إذاعة صوت العرب ليسمع خطابات الرئيس جمال عبد الناصر، بينما بلاده تنظم مؤتمرًا ضد سياسة عبد الناصر