في حدث سياسي بارز شهدته قطر، أُغلقت اليوم لجان التصويت على الاستفتاء الخاص بمشروع التعديلات الدستورية، حيث توافد المواطنون من جميع أنحاء البلاد منذ ساعات الصباح للمشاركة في هذا الاستحقاق التاريخي، الذي يأتي بعد 20 عامًا من الاستفتاء الأول على الدستور الدائم للبلاد، ويمثل هذا الاستفتاء لحظة فارقة في مسيرة التغيير السياسي والدستوري التي تشهدها قطر، حيث تشمل التعديلات المقترحة تعديلات شاملة على عدة مواد أساسية في الدستور.
إقبال واسع واستجابة لدعوة الأمير
فتحت لجان الاقتراع أبوابها في تمام الساعة السابعة صباحًا، واستمرت عملية التصويت حتى السابعة مساءً، وسط إقبال كبير من المواطنين الذين أتمّوا سن الـ18، تلبيةً لدعوة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد، للمشاركة في هذا الاستحقاق الوطني. وقد بلغت نسبة المشاركة 51% بحلول الساعة 11 صباحًا، وهو مؤشر على حماس المواطنين للتفاعل مع هذه المرحلة الجديدة من الإصلاحات.
مشاركة أمير قطر في التصويت
في بادرة تعكس أهمية الاستفتاء، شارك الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بنفسه في التصويت على مشروع التعديلات الدستورية، حيث أدلى بصوته في مقر اللجنة رقم 15 في براحة مشيرب. وتأتي هذه المشاركة كرسالة تشجيع للمواطنين على التفاعل الإيجابي مع التغييرات المقترحة، وإسهامهم في صنع القرار السياسي بما يعكس حرص الدولة على تعزيز المشاركة الشعبية.
التصويت: ورقي وإلكتروني وعن بعد
وفّرت اللجنة العامة للاستفتاء تسهيلات متعددة للمواطنين لتشجيعهم على المشاركة، حيث أتيحت لهم خيارات متنوعة للتصويت، سواء من خلال الحضور الشخصي إلى اللجان الورقية التي بلغ عددها 10 لجان، أو من خلال اللجان الإلكترونية البالغ عددها 18 لجنة. كما تمكّن المواطنون من التصويت عن بعد باستخدام تطبيق "مطراش 2" داخل قطر وخارجها، ما سهل عملية التصويت بشكل كبير. وقد خُيّر الناخبون بين "نعم" أو "لا" للموافقة على التعديلات المقترحة.
التعديلات الدستورية: ماذا تشمل؟
تأتي التعديلات الجديدة بموجب مرسوم صادر عن أمير قطر، وتتناول تعديل 14 مادة من الدستور، مع إضافة مواد جديدة وإلغاء أخرى، وتشمل التعديلات جوانب متعددة. من أبرزها إلغاء الانتخابات البرلمانية لمجلس الشورى، والعودة إلى نظام التعيين، حيث سيُعين جميع أعضاء المجلس بقرار أميري.
كما شملت التعديلات المادة رقم 1 التي تعزز الطابع الديمقراطي للدولة وتعطي أهمية أكبر للشريعة الإسلامية كنظام تشريعي رئيسي، إضافة إلى المادة رقم 77 التي تحدد عدد أعضاء مجلس الشورى بما لا يقل عن 45 عضوًا، وجعل التعيين في المجلس أمرًا حصريًا بقرار من الأمير.
دعم للتوازن الاجتماعي ووحدة النسيج الوطني
تهدف التعديلات الدستورية إلى تحقيق غايتين رئيسيتين، وهما الحرص على تعزيز وحدة الشعب، وضمان مبدأ المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات. وأشار الأمير في خطابه الأخير أمام مجلس الشورى إلى أهمية تعزيز التماسك الاجتماعي في قطر من خلال إجراء هذه التعديلات، التي تعكس التوجه نحو تحقيق توازن أفضل بين مكونات المجتمع، وتجنب تأثيرات الانتخابات على الأعراف الاجتماعية.
عملية فرز الأصوات وإعلان النتائج خلال 24 ساعة
بعد انتهاء عملية التصويت، بدأت اللجنة العامة للاستفتاء في فرز الأصوات مباشرةً، ومن المتوقع أن تُعلن النتائج الرسمية خلال 24 ساعة. تأتي هذه السرعة في إعلان النتائج في إطار الشفافية التي تعتمدها الدولة، حيث تؤكد اللجنة حرصها على تقديم المعلومات للمواطنين في أقرب وقت ممكن.
خلفية الاستفتاء ودلالاته التاريخية
يُعد هذا الاستفتاء هو الثاني من نوعه في قطر منذ استفتاء عام 2003 على الدستور الدائم، والذي تم إقراره في عام 2004. ورغم أن انتخابات مجلس الشورى جرت للمرة الأولى في عام 2021، إلا أن القيادة القطرية قررت إعادة النظر في العملية الديمقراطية، مشيرة إلى دراسة التجربة الانتخابية وتقييم نتائجها بما يتوافق مع مصلحة البلاد وتماسك المجتمع.